هل يوافق دعاة الدولة المدنية – نظريًا – على تطبيق الشريعة؟ وما شرطهم لذلك ؟
بقلم د. منير جمعة
نقول : إن كثيرا من دعاة الدولة المدنية من الغربيين الرواد أو من العرب المعاصرين لا يمانعون فى أن تكون أحكام الدين قانونا عاما للشعب ؛ بشرط أن يكون ذلك باختيار السلطة المدنية لا أن يفرض عليها من قبل المؤسسة الدينية…!
يقول توماس هوبز ( 1588ــ 1679م) فى كتابه اللوباثان ــ أى التنين ــ [ إن الكتاب المقدس لا يصبح قانونا إلا إذا جعلته السلطة المدنية الشرعية كذلك] .
ويقول الفيلسوف الهولندى الشهير سبينوزا (1632ـ1677م )فى رسالته عن اللاهوت والسياسة : [ إن الدين لا تكون له قوة القانون إلا بإرادة من له الحق فى الحكم ] .
وأما من العرب المعاصرين فيقول العلمانى الكبير المستشار سعيد العشماوى فى كتابه (الخلافة الإسلامية ) : [نظام الحكم المدنى هوالنظام الذى تقيمه الجماعة مستندا إلى قيمها مرتكزا إلى إرادتها مستمرا برغبتها حتى لو طبق أحكاما دينية أو قواعد شرعية] .
يتضح بهذا أن البرلمان نظريا ـ حتى عند العلمانيين ـــ لو قال إن الله هو المشرع : وأقر تطبيق الشريعة الإسلامية فإن ذلك لا يخرج الدولة عن وصف المدنية لأن اختيار السلطة العليا لها هو الذى أكسبها صفة الإلزام …ولو حدث غير ذلك بحجة أن هذه الأحكام دينية لكان عدوانا أثيما على إرادة الشعب واستبدادا لا يتفق مع أبجديات الدولة المدنية
طبعا العلمانية فى المشرق ليست نزيهة ؛ هذا لا يختلف فيه اثنان ، ولا تنتطح فيه عنزان …
لكننا نحدثهم بما يفقهون بعيدا عن نصوص القرأن والسنة فهى تصيبهم بحساسية جلدية وفكرية …
أما تشكيكهم بعد ذلك فى النتائج أو رفضهم لها بذرائع تافهة فطبيعى جدا ؛ وكنا نتوقع منهم هذا …
فإذا كانوا يرفضون أحكام الله ؛ أفلا يرفضون حكم الداعين إليها !
وهذا الذي نراه هو سنة التدافع بين مشروعين …والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !
(المصدر: رسالة بوست)