مقالاتمقالات المنتدى

هل يجوز تصنيف حركة حماس بأنها إرهابية

هل يجوز تصنيف حركة حماس بأنها إرهابية؟

 

بقلم الشيخ عارف بن أحمد الصبري “عضو هيئة علماء اليمن” (خاص بالمنتدى)

 

الجواب:
قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من بيان ما يلي:

مسألة:
الإرهاب في هذا العصر باختصار مصطلحٌ هلاميٌ استعماريٌ تطلقه الدول المستعمرة الآثمة على الإسلام، لتشويه صورته في نظر عامة الناس، والتجييش لمحاربته.

ودون مجرد إشارة بالإرهاب لتلك الدول المستعمرة المجرمة، الجاثمة على صدور الضعفاء من المسلمين، وغيرهم، كالأمريكان في إرهابهم للمسلمين في العراق وأفغانستان، واليهود في إرهابهم للمسلمين في فلسطين، وبعض الدول الأوربية وإرهابهم لكثيرٍ من الدول الأفريقية، ونحو ذلك.

وللأسف صار السذَّج من المُستعبَدين يُطلقون الإرهاب على كلِّ من يحلو لهم محاربته، وتنفير الناس منه، إرضاءً للمستعمرين.
والسكوت عن تلك الدول الاستعمارية الإرهابية، وتلك المنظمات العنصرية المجرمة التي تمارس الإرهاب بأبشع صوره.

مسألة:
العجيب حقّاً:
أن الدول الغربية وخاصة أمريكا لم يضعوا إلى الآن تعريفاً محدداً للإرهاب!

وواضحٌ أنهم سيدينون أنفسهم بأي تعريفٍ يختارونه، ولذلك جعلوا اللفظة مبهمة المعنى، فتنصرف إلى من يريدون إلصاق التهمة به.
ولو بحثنا اليوم عن تعريفٍ للإرهابِ بأقبحِ وأشنعِ صوره لقلنا: (أمريكا هي الإرهاب، أو اليهود هم الإرهاب).
ومع ذلك سنكون قد ظلمنا الإرهاب، وتجاوزنا في حقه؛ بل لو كان الإرهاب شخصاً لرفع دعاوى قضائية ضد من يصفونه بأنه أمريكا أو الصهاينة.

مسألة:
الإرهاب في ميزان الإسلام نوعان:

الأول إرهابٌ ممدوحٌ:
وهو تخويفُ العدو خشية اعتدائه على المسلمين، واحتلال ديارهم، ويكون ذلك بالاستعداد الكامل بالتَّسلح بالإيمان، والوحدة، والسلاح، كما قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

وهو بهذا المعنى منقبةٌ من مناقبِ الإسلام، وواجبٌ على المسلمين.

والإسلام ليس منفرداً في هذا الأمر، فها هي الدول تتسابق في الصناعات العسكرية، وفي التَّسلح بالأسلحة التدميرية، وبإنشاء الجيوش الجرارة، وبالاستعراضات العسكرية لجنودها وأسلحتها، وكل ذلك من أجل إظهار قوتها؛ لإخافة جيرانها، وأعدائها، من أن تسوِّلَ لهم أنفسهم الاعتداء عليها.

الثاني إرهابٌ مذمومٌ:
وهو تخويفُ من لا يستحق التخويف، من المسلمين، ومن غيرهم من أصحاب الدماء المعصومةِ، كالمعاهدين، والمستأمنين، وأهل الذمة، وهذا النوع من المحرمات في الإسلام.

إن الإسلام هو دين العدل والإحسان والرحمة للعالمين، وإنه قد حرَّم كل صورةٍ من صورِ الفساد في الأرض، كما في قول الله تعالى: (ولا تبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين).

مسألة:
توصيف حركة حماس:
قبل الحكم على حركة حماس لا بد من تعريفها:

حماس حركةُ مقاومةٍ فلسطينيةٍ تَحرريةٍ مجاهدةٍ، تقاتل عدواً كافراً محارباً احتلّ أرضها واعتدى على دينها ودمائها وأعراضها وأموالها، فوجب عليها دفعه وقتاله وطرده من أرضها، وذلك واجبٌ عليها وحقٌ مكفولٌ لها في كل الشرائع السماوية والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية.

ولذلك نقول لكل دول العالم عموماً، وللدول العربية والإسلامية خصوصاً، إن اتهام بعضكم لحماس بالإرهاب ظلمٌ؛ لأن حماس لم تَعتدِ على أحدٍ، ولم تَقم بإلحاق الضرر بأي دولةٍ من الدول، ولم تضر بمصالح أي دولةٍ، ولم يفجروا على أرضها.

بل هذه الدول لو اُعتدي على بلدانهم وقامت مجموعةٌ منهم وفعلت كما تفعل حماس مع الصهاينة المعتدين لفخروا بهم ومجَّدوهم، وذكروهم في مناهجهم التعليمية، وعلقوا صورهم في الأماكن العامة، ووضعوها على عملاتهم النقدية، وجعلوا تأريخ انتصارهم وطردهم للمحتل عيداً وطنياً يحتفلون به كل عام.

إن اتهام حماس بالإرهاب تهمةٌ باطلةٌ ظالمةٌ، بل الغرضُ منها تشويهُ الجهاد في سبيل الله، وتجريمه، وتشويهُ تعاليم الإسلام السمحة، واتهامُ الإسلام بأنه دينُ إرهابٍ؛ لتنفير الناس عنه، ولإثارة الضغائن، والكراهية، والتمييز، ضد المسلمين، وقتلهم وممارسة أبشع الجرائم في حقهم.

ولذلك فإننا ندعو الدول العربية والإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وغيرها من المنظمات الإسلامية، والعلماء والدعاة، وكذلك عامة المسلمين إلى التعريف بالإسلام ونشره، والدعوة إليه، والدفاع عنه، لأنه الدين الحق، والطريق الوحيد لإسعاد البشرية كلها في الدنيا والآخرة.

كما ندعو جميع الدول والكيانات، وجميع أحرار العالم إلى ما يلي:
الإشادة بحماس والدفاع عنها وتكريمها وإعلانها حركةً فلسطينيةً تحررية مجاهدة.
والوقوف معها ودعمها بكل وسيلة مشروعة والدفاع عنها في كل المحافل الدولية.

كما ندعو الجميع إلى الوقوف ضد الإرهاب والإجرام الصهيوني في حق أبناء فلسطين، وطرد المحتلين الصهاينة من فلسطين، وإرجاعهم إلى البلدان التي جاءوا منها،
وتصنيف الصهاينة كمليشيات إرهابية معتدية غاصبة، تهدد الأمن والسلم الدولي.

واعتبار ما يقوم به الصهاينة من الجرائم على أرض فلسطين من من أشدِّ أنواع الإرهاب خطراً على الأمن، والسلام في العالم، واعتبار مواجهته من قبيل الدفاع عن النفس، والجهاد في سبيل الله.

تحميل الكيان الصهيوني المحتل تبعات احتلاله لفلسطين، وملاحقة قادة الكيان الصهيوني كمجرمي حرب.

تصنيف أمريكا كأكبر داعم للإرهاب في العالم.

مسألة:
وبناءً على ما سبق:
فإن كان الذي يصف حماس بالإرهاب هم أمريكا والصهاينة وأخواتهما، فهذه شهادة حسنِ سيرةٍ لحماس، واعتراف بأن حماس هي التطبيق الحقيقي لتعاليم الإسلام، وأنها التي تمثل المعنى الممدوح للإرهاب وفق منظور الإسلام.

وذلك يعني عدم رضى اليهود والنصارى عن حماس؛ وذلك تزكية لها؛ لأن الله يقول: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

مسألة:
أما إذا كان الذين يصفون حماس بالإرهاب من المسلمين؛ لأنها تدافع عن دينها ونفسها وأرضها وتجاهد في سبيل الله ضد الصهاينة المعتدين، فذلك ظلمٌ وبغيٌ بغير حق؛ ومظاهرةٌ للكفار على المسلمين، وذلك كفرٌ وردةٌ عن الإسلام، ونسأل الله السلامة والعافية.

والمأمول من كل مسلمٍ المساهمة في نشر هذا البيان كأقل واجب في نصرة إخواننا المجاهدين في فلسطين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى