بقلم د. سلطان العميري.
المتابع لكثير من السجالات النقدية يدرك أن عدداً من الناس يربط بين نقد العلماء وبين انتقاصهم، فتراهم يصفون من نقد أحداً من العلماء في قول له أو في استدلال اعتمده أو في نقل نقله، وحكم عليه بعدم الصحة … يصفونه بأنه ينتقص ذلك العالم أو يتهمه في علمه أو في فهمه .
وهذا التصرف خطأ ظاهر، فلا تلازم ألبتة بين نقد العالم وبين انتقاصه أو التقليل من علمه أو مكانته .
فإن علماء الإسلام ما زال بعضهم ينقد قول بعض عبر مراحل التاريخ، فما وصف الناقد بأنه يحتقر العلماء أو يقلل من شأنهم .
فمن نقد عالماً والتزم الأدب وسلك المسلك العلمي في النقد، فإنه يجب اعتبار نقده، بل وتشجيعه؛ لأن نقده ذلك لن يخلو من فائدة للعلم.
فمن أقوى العوامل المساعدة على صقل العلم وتعميقه وتثبيته انتشار النقد والمباحثة الملتزمة بالأخلاق وقوانين العلم في أجوائه .
ويبنغي على المربين والمعلمين فتح باب النقد لمن بين أيديهم من الطلاب، وتعويدهم عليه وعلى مسالكه العلمية وآدابه الآخلاقية، حتى يمكنهم أن يقوموا بذلك العمل على وجهه الصحيح .
إن من أعمق الأسباب التي أدت إلى ضعف تفعيل النقد البناء في أجوائنا: أن كثيراً من الناس يسعى إلى إغلاق باب النقد والتضييق عليه والتحذير منه، بحجة أن ذلك يقتضي التشكيك في العلماء أو التقليل من شأنهم أو انتقاصهم .
فأصبحت علمية النقد لدينا هزيلة جداً، وأمسى كثير من الشباب لا يمارسها بطريقة صحيحة وبعضهم لا يتقبلها، وبعضهم يربط بها لوازم لا حقيقة لها .