هل للرياضيين المسلمين أثر في المجتمعات الغربية؟!
بقلم د. عصام الفليج
أثبتت الرياضة أنها عنصر مهم في العلاقات الدولية؛ سلباً وإيجاباً، وأن لها آثاراً قيمية رائعة إذا أحسنَّا استغلالها بالشكل الصحيح، وهذا ما على المسلمين الانتباه إليه، وبالأخص في دول الغرب؛ ذات المعلومات القاصرة عن المسلمين.
كلنا يذكر أنه من ضمن «بروتوكولات حكماء صهيون» إشغال الشباب بالرياضة، وبالأخص الرياضات الجماهيرية وعلى رأسها كرة القدم، فكانت البطولات الدولية والإقليمية والمحلية والجامعية والمدرسية والعسكرية والنسائية في مختلف الألعاب، حتى أصبحت تجارة رائجة، بعدما كانت بداياتها للمرح، مثلها مثل وسائل الإعلام التي بدأت خبرية وترفيهية، وتحولت إلى تجارة عالمية، وابتزاز سياسي.
وبدل أن نلعن الظلام، ونتحسر على الإعلام المعادي، جاءت مبادرات لتسخير الإعلام نحو القيم الإيجابية في خدمة الدعوة، فامتلأت الصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية والتواصل الاجتماعي بكل ما يخدم الدين.
وكذا الرياضة.. فبدل أن نتحسر على أهداف الصهيونية المسيطرة على العالم، كان لا بد من استثمارها في عدة أمور: تقوية البدن، وتنمية القيم الإيجابية لدى الشباب، ولفت الأنظار محلياً وخارجياً لقضايا الأمة من خلال التنبيه للأخطاء، والكلمة الطيبة، والقدوة الحسنة.. فليس الهدف فقط الوصول إلى البطولة، بقدر إرسال رسالة إيجابية للعالم أجمع.
ولعل الفرصة مواتية أكثر في دول الغرب، ذات البعد الإعلامي الأكثر انتشاراً في العالم، ولن يكون ذلك إلا باندماج المهاجرين في المجتمعات الغربية، ومشاركتهم رياضاتهم، مع الحفاظ على الدين والهوية والقيم والأخلاق.
وقد تزايد عدد اللاعبين المسلمين المشاركين في الأندية والمنتخبات الأوروبية، الذين فرضوا هويتهم على الأندية، فالتزم العديد منهم بالتوقف عن التدريب وقت الصلاة، ولم يستطع المدرب معارضتهم، والتزم الكثير منهم بصيام رمضان في مبارياتهم.
واشتهر المصري محمد صلاح بالسجود بعد تسجيل كل هدف؛ مما أدى لتقليد الأطفال الإنجليز له، ولأخلاقه الرفيعة ومحبة الجماهير له، قال أحد المشجعين: «سأعتنق الإسلام فوراً لو طلب مني صلاح ذلك»، وكم سمعنا صيحات الجمهور بحب الإسلام من أجل صلاح.
كما بنى صلاح العديد من المشاريع الخيرية في قريته.
وأنقذ اللاعب المالي «كانوتيه» مسجداً في إشبيلية من الإغلاق، ودفع 700 ألف دولار لشراء أرض المسجد المقام عليها، كما رفض لبس قميص عليه إعلان موقع قمار، وكشف قميصه الداخلي المكتوب عليه «فلسطين»، وتبرع كثيراً لغزة.
ورفض لاعبا سلاح المبارزة الكويتيان د. محمد الثويني، وطارق القلاف (بطل أبطال العالم) اللعب أمام لاعبين من الكيان الصهيوني، وخرجا من البطولة بعد وصولهما قبل النهائي.
ولأكثر من مرة، يكشف اللاعب المصري السابق محمد أبوتريكة عن «فانلته» الداخلية التي عليها شعار «إلا النبي» إثر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة، و»نصرة لغزة».
وانتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي للاعب السنغالي «ساديو ماني» وهو يشارك في تنظيف مراحيض مسجد بكل تواضع؛ مما أثار دهشة معجبيه.
واشتهر اللاعب الألماني «مسعود أوزيل» بالصلاة قبل كل مباراة، وقراءة الفاتحة والدعاء في الملعب، وتبرع لأطفال غزة، وبنى 4 مساجد في البرازيل.
ورفض العاجي «يايا توريه» جائزة أفضل لاعب عام 2012م وهي زجاجة خمر، حيث قال بكل شجاعة: «لا أشربه لأني مسلم».
ورفض السنغالي «ديمبابا» جائزة أفضل لاعب عام 2013م؛ لأنها كانت عبارة عن زجاجة نبيذ.
أما اللاعب الكويتي أحمد الطرابلسي، فقد لعب في أولمبياد روسيا عام 1980م وهو صائم رمضان، وأبدع في الذود عن مرماه بشهادة الجميع، وفاز في عدة مسابقات لحفظ وتلاوة القرآن الكريم، وأشهرها في ماليزيا.
ولا ننسى لاعب الجودو البطل المصري محمد علي رشوان، الذي منحته اللجنة الأولمبية الدولية للعدل في فرنسا عام 1984م جائزة «أحسن خلق رياضي في العالم».
ولم يتوانَ «محمد علي كلاي» في الدفاع عن الإسلام، وعرضه في اللقاءات التلفزيونية بشكل حسن، ونقده اللاذع للكيان الصهيوني، وللحروب التي تشنها أمريكا في كل مكان بالعالم ضد الأبرياء.
والأمثلة في مواقف اللاعبين المسلمين في العالم كثيرة، وعلينا عرضها دوماً لأبنائنا الشباب؛ ليستفيدوا منها تربية وسلوكاً، فالرياضي المسلم لا يعد لاعباً فقط، بل هو صاحب رسالة، وسفير للإسلام في الملاعب بأخلاقه وقيمه وسلوكه، وفي رفضه للعب مع الكيان الصهيوني رسالة قوية لن ينساها التاريخ.
فليبادر الرياضيون المسلمون بخدمة مجتمعاتهم في كل مجال، وليشاركوا الأطفال والشباب التوجيه والنصح، وليقدموا السلوك الحسن في الملاعب، ويشاركوا أنشطة أصحاب الاحتياجات الخاصة، ويزوروا المرضى، ويقدموا التبرعات الإغاثية بأيديهم، مع حرصهم على الهوية الإسلامية في دول غير المسلمين، وعدم التنازل عن واجبات دينهم مهما كانت الظروف الرياضية والإعلامية، لأنهم سيثبتون أنهم أصحاب رسالة حقة.
(المصدر: مجلة المجتمع)