هل تخيلت يوما كيف يصلي ويصوم رواد الفضاء المسلمون خارج كوكب الأرض؟
إعداد ماري هارون
ربما لم نتخيل كيف تكون الشعائر والعبادات مع انعدام الجاذبية وظروف الحياة المختلفة بالفضاء، الأمر الذي دفع بعض العلماء والباحثين في الشريعة الإسلامية لتقديم حلول عصرية وفتاوى تواكب وصول المسلمين إلى الفضاء، المسألة طرحت في ثمانينيات القرن الماضي عندما بدأ المسلمون اقتحام مجال الفضاء، حيث انطلق أحد عشر مسلما إلى الفضاء خلال العقود الثلاثة المنصرمة آخرهم الإماراتي هزاع المنصوري.
المسلمون في الفضاء
تعد أنوشة الأنصاري، سيدة الأعمال الأميركية صاحبة الأصول الإيرانية، أول امرأة مسلمة تنطلق في غمار السياحة بالفضاء، كما انطلق عام 1987 السوري محمد فارس ضمن المشروع الروسي السوري المشترك المعروف باسم الفضاء السوفياتي حينذاك، ولعل الأشهر على الإطلاق الدكتور شيخ مظفر المصري الذي صلى في محطة الفضاء الدولية، أثناء أبحاثه عن سرطانات الكبد في مشروع بحثي تابع لحكومة بلاده حيث كان يعمل طبيبا، وصعد المحطة الدولية لاستكمال أبحاثه لمدة 11 يوما ثم عاد إلى الأرض.
الصلاة في الفضاء
إذا علمت أن متوسط سرعة مركبة المحطة الدولية للفضاء يبلغ نحو 27.6 ألف كيلومتر في الساعة، وتكمل دورة كاملة في مدارها حول الأرض كل 90 دقيقة تقريبا، مما يعني ببساطة إنها تتعرض لشروق وغروب 16 مرة باليوم الواحد، وهذا بالضبط هو سبب إشكالية مواقيت الصلاة في الفضاء وهي ليست الإشكالية الأولى، بل هناك إشكالية تحديد القبلة وكيف يتجه إلي مكة، أما الإشكالية الثالثة فهي أن المياه غير متوفرة بالمحطة لعوامل لها علاقة بالجاذبية، كما أن رواد الفضاء لا يستحمون للسبب نفسه، الأمر الذي يدفع رائد الفضاء المسلم عن السؤال حول كيفية الطهارة والوضوء، كل هذا يضاف لمشكلة الصوم في الفضاء.
ويتجدد الخلاف حول الصوم لاعتبارات مواقيت الشروق والغروب، الأمر الذي يعني أن يصوم رائد الفضاء المسلم 16 مرة باليوم أو يصوم مرة واحدة باليوم لمدة ساعة ونصف فقط، بل إن الطعام معد سلفا على الأرض، إذ تقدم ثلاث وجبات لكل فرد، تتراوح نسبة السعرات الحرارية بها للمرأة نحو 1900 سعر حراري، وللرجل 3320 سعرا حراريا، بحسب موقع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، كما يحرص رواد الفضاء على الالتزام بتناول الفيتامينات والمواد الغذائية اللازمة لنشاطهم وحيويتهم بشكل دقيق.
فتاوى الفضاء في الصوم
عام 2007 اجتمع علماء المسلمين في ماليزيا لإصدار كتيب إرشادات لرواد الفضاء المسلمين بعد انطلاق رائد الفضاء الماليزي شيخ مظفر إلي الفضاء، لا سيما مع تزامن رحلته حينها مع شهر رمضان الكريم، ورغم أن الدكتور شيخ مظفر قرر عدم الصوم لاستخدامه رخصة السفر للصائم بحسب الشريعة الإسلامية.
وضع العلماء حلولا عدة لرواد الفضاء المسلمين، بجواز الإمساك عن الطعام مع موعد أذان الفجر في مكة أو الصيام طبقا لمواقيت غرينتش، أو الصوم طبقا لأقرب موعد من الأرض وهو في هذه الحالة مكان الانطلاق من الأرض.
كما أحل المجلس اعتبار الرائد في حالة سفر وجواز استخدامه رخصة الفطر، استندت الفتوى على العديد من الأبحاث ولعل أهمها التقدير والقياس على أماكن في الأرض مثل القطبين الشمالي والجنوبي، حيث تستمر الشمس في المغيب لمدة ستة أشهر كاملة ويتعذر تقدير الصوم ومواقيت الصلاة في هذه الحال، فيتبع المقيمون في تلك المناطق الحلول الثلاثة السابقة.
الصلاة في الفضاء
تقاس مواقيت الصلاة، بتوقيت الفجر والمغرب، باختيار بقعة من الأرض يقاس عليها زمنيا بزمن مواقيت الصلاة في الأرض، أما القبلة فقد وضع قياس بالتعاون مع وكالة الفضاء الماليزية لتحديد اتجاه مكة، ولكن عندما يتعذر التوجه لمكة بسبب الدوران حول الأرض بالاتجاه المعاكس يتجه رائد الفضاء للأرض مباشرة ويصلي.
وبسبب انعدام الجاذبية مما يترتب عليه تعذر السجود، أوضح الكتيب إمكانية الصلاة في وضع الجلوس مقيدا بحزام الأمان، إلا أن الدكتور شيخ المظفر ابتكر طريقته الخاصة للصلاة من خلال تثبيت قدميه بالأرض مما أتاح له الصلاة في هيئة الصلاة المعروفة، ولأنه يتعذر الوصول للمياه من الممكن استخدام الأوراق والمناديل المطهرة في النظافة والتطهر.
(المصدر: الجزيرة)