نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا للصحافية كاثرين بيبنستر، حول استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” للاستطلاعات، طلبته جامعة نيومان في برمنغهام.
وبحسب الصحيفة، فإن الاستطلاع كشف عن أن 72% من الملحدين يعتقدون أن المتدينين لا يتقبلون علوم التطور، لكن الواقع هو أن 19% فقط من المستطلعين المتدينين يرفضون نظرية داروين، ويعتقدون بما جاء في سفر التكوين حرفيا.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى أنه بحسب الاستطلاع، فإن ثلثي البريطانيين وثلاثة أرباع الملحدين يعتقدون أن على المسيحيين القبول بما جاء في سفر التكوين، من أن “الله خلق العالم في ستة أيام واستراح في اليوم السابع”، لكن 16% من المتدينين فقط يقبلون رواية الخلق، و9% فقط يرفضون نظرية التطور.
وتنقل الكاتبة عن الأستاذة فيرن السدون بيكر، التي ترأست البحث، قولها إن النتائج تقترح علينا إعادة التفكير في الأفكار النمطية حول المعتقدات المسيحية في بريطانيا، وأضافت أنه “في مجتمع يزداد ابتعاده عن التدين فإن هذا الاختلاف في التصور يعد شكلا من التمييز ضد المجموعات المتدينة أو الروحية.. وقد يكون عاملا مساعدا على قول المتدينين إنهم يرون تضاربا بين العلم والدين”.
وتلفت الصحيفة إلى أنه بحسب استطلاع توجهات البريطانيين، فإن التدين في تراجع في بريطانيا، إلا أن رئيس الأساقفة السابق لكوفنتري، اللورد “روان” وليامز قال إن الاستطلاع أكد أن الحرب المفترضة بين الدين والعلم هي حرب مصطنعة، وأضاف وليامز: “إن عدد المسيحيين من التيار الرئيسي، الذين لا يتفقون مع نظرية التطور، هو في الواقع رقم صغير جدا.. لكن التصورات تختلف، ووجود أصولية على شاكلة الأصولية الأمريكية في الخيال الشعبي يدل على تنامي عدد الأشخاص الذين لا يعلمون شيئا عن التاريخ الحقيقي للحوار الفكري الذي دار حول هذه الأسئلةـ، ويفترضون أن على المتدينين الالتزام بمحاربة الرواية العلمية لبداية الكون”.
ويفيد التقرير بأن الاستطلاع أظهر أن 1 من كل 3 أشخاص استطلعت آراؤهم، يظن أن العلماء المتدينين يجدون “صعوبة أو صعوبة ما أو صعوبة كبيرة في تقبل المعلومات المتعلقة بعلوم التطور”.
وتنوه بيبنستر إلى أنه بحسب استطلاع آخر قامت به الشبكة العلمية الطبية، وهي مجموعة تجمع بين العلم القائم على الأدلة والممارسات الروحية، فإن 25% من المهنيين العاملين في العلم والطب والهندسة يصفون أنفسهم بأنهم ملحدون، وأن 45% يعدون أنفسهم متدينين أو “روحانيين”.
وتورد الصحيفة نقلا عن الزميل للشبكة العلمية الطبية غاي هوارد، قوله: “واضح من دراسة جامعة نيومان بأن غير المؤمنين ليست لديهم فكرة حول ما يعتقده المؤمنون، ويبدو أنهم يستجيبون لصورة الأمريكيين الذين يؤمنون بالخلق.. وحتى في أمريكا فإن الاعتقاد الحرفي بما ورد في سفر التكوين لا يشترك فيه المسيحيون من التيار الرئيسي، وفي الواقع فإن كثيرا من العلماء لديهم معتقدات دينية أو روحية، ولا يرون في ذلك تناقضا مع العلم”.
ويؤكد التقرير أن قصة خلق آدم وحواء ثم إخراجهما من الجنة أساسية للتاريخ الثقافي، حيث نشر أستاذ العلوم الإنسانية في جامعة هارفارد، ستيفين غرينبلات، كتابا جديدا حول هذا الموضوع، بعنوان “صعود وهبوط آدم وحواء”، يتناول فيه أثر رواية الكتاب المقدس على مايكل أنجلو والشاعر جون ملتون والفنان الألماني لوكاس غراناش ذي إلدر وغيرهم، ويشير إلى أن “دور حواء في مخالفة أوامر الله وأكل التفاحة من شجرة المعرفة” استخدمت لتبرير كراهية النساء، واستخدام المفكرين، مثل سان أوغاستين، للقصة لتطوير نظريات حول طبيعة الإنسان الميالة للوقوع في الآثام.
وتنقل الكاتبة عن وليامزـ قوله إن على الكنيسة في بريطانيا فعل المزيد لشرح التفكير الديني فيما يتعلق بأصل الحياة، “فيحتاج المسيحيون أن يكون واضحا لديهم ما يعنيه اعتقاد الخلق وما لا يعنيه.. فالقول بأن كل شيء يعتمد أبدا على الله يختلف عن القول بأن خطوات معينة في تاريخ الكون يجب أن تكون قائمة على تدخل إلهي مباشر”.
وأضاف وليامز: “يجب أن يكون المسيحيون والعلماء مستعدين أكثر لمناقشة تاريخ الاكتشاف العلمي، ويجب أن يعلموا أن الحرب المفترضة بينهم هي مجرد خيال، ويحتاج قطاع تدريس العلوم أن يطور وعيا بهذا التاريخ الفكري، وليعترف بأن التفسيرات التقليدية الميكانيكية للعالم الملموس لم تعد كافية”.
وتختم “أوبزيرفر” تقريرها بالإشارة إلى أن دراسة سابقة أجريت عام 2014، أشارت إلى أن 19% من البريطانيين يؤمنون بالخلق، وهو ما يشير إلى تراجع ذلك بنسبة 10% خلال ثلاث سنوات، مستدركة بأن ذلك قد يتعلق بطريقة اختيار عينة المستطلعة آراؤهم.
(المصدر: عربي21)