مقالاتمقالات مختارة

هل أمريكا والغرب معنيون حقاً بحقوقنا؟!

هل أمريكا والغرب معنيون حقاً بحقوقنا؟!

بقلم معاذ العامودي

صدّع الغرب -بزعامة أمريكا- رؤوسنا بحقوق الإنسان والحريات على مدار سنوات طويلة، واليوم تنسحب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان؛ لأنه ناصر الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومن اليونسكو؛ لأنها اعتبرت القدس أرضاً إسلامية، ومن اتفاقية باريس للمناخ؛ لأنها لا تريد أن تدفع فلساً واحداً لحماية الأرض مقابل رفاهيتها…إلخ، ها هي الولايات المتحدة الأمريكية تخالف النظام الذي صنعته وحافظت عليه، فمتى تعارض النظام مع مصلحتها الخاصة فلا يضر لو مات مئات الآلاف من البشر مقابل ذلك، حتى لو زال النظام!

حتى نعرف من الناحية الفكرية ما يدور حولنا جيداً، لنعد قليلاً إلى التاريخ منذ انتهاء حقبة الاستعمار في العالم بكل أشكاله في السبعينات، لم تنفك الدول التي حرّرت نفسها، وأعلنت استقلالها من التبعية، تبعية اقتصادية وسياسية وثقافية ظلت في المقام الأول، لهدف أساسي هو استمرار سرقة الموارد الخام، والكنوز الموجودة من الدول التي كانت تحتلها سابقاً عن طريق التبعية والاستعمار الناعم، وهو ما يفسر التدخل الفرنسي في مالي وليبيا مثلاً، أو التدخل الأمريكي شرق سوريا وتواجدها هناك. وعلينا دراسة العلاقة جيداً بين الدول المحتلة كبريطانيا وفرنسا وأسبانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا وأمريكا.

الدول الإفريقية المليئة بالموارد الطبيعية، والتي يفتتح الغرب فيها شركاته، ودول جنوب شرق آسيا الإسلامية بالذات كإندونيسيا وماليزيا في المقام الأول، هي المحطة الدائمة للغرب الذي يبحث عن رفاهيته وسعادة مواطنيه دون أي مبالاة لهلاك العالم، فأمريكا والغرب لا يهتمون كما يدعون بحقوق الإنسان، وهم الذين ارتكبوا جرائم كبيرة بحق المسلمين في كثير من الدول مثل العراق وأفغانستان، وغير المسلمة كاليابان والكونغو، لذلك حقوق الإنسان -في المقام الأول- هي حينما تمس مصالحهم وحقوقهم، إذ يعتبرون أنفسهم دول عالم أول، وباقي دول العالم هي دول متخلفة.

أمريكا والغرب لا يهتمون كما يدعون بحقوق الإنسان، وهم الذين ارتكبوا جرائم كبيرة بحق المسلمين في كثير من الدول مثل العراق وأفغانستان، وغير المسلمة كاليابان والكونغو، لذلك حقوق الإنسان -في المقام الأول- هي حينما تمس مصالحهم وحقوقهم، إذ يعتبرون أنفسهم دول عالم أول، وباقي دول العالم هي دول متخلفة

نعم، لقد ابتلانا الله بفساد السياسيين في دولنا، وهجرة للعقول النابغة، وهدر ثرواتنا الطبيعية، لكن ذلك ليس مبرراً أمام ما يدعيه الغرب والمنظمات الدولية، لك أن تتخيل في العام (2018) عصر العولمة والمنظمات الدولية يموت آلاف اليمنيين بالملاريا، الذي اكتشف علاجه عام (1934) وهو “الكلوروكين”، ولك أن تتخيل كيف يموت مليون شخص سنوياً فقط في إفريقيا بسبب الجوع والفقر المدقع والمرض، دلالة واضحة أن العالم الغربي لا يبحث إلا عن مصالحه فقط.

إن الأزمات التي تصنعها الولايات المتحدة بحق الدول العربية والإسلامية والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها؛ لتحجيم دور هذه الدول على المستوى العالمي وتخفيض سيادتها لتبقى بحاجة إلى المساعدات التي تقدمها لهم تحت مشروطية سياسية عالية مرهونة بمدى ولائهم لها، أو لإملاء شروطها السياسية دون احترام للقوانين والمواثيق التي وضعتها ضمن اتفاقيات التجارة الحرة أو السلام العالمي، وما حصل مؤخراً من رفع الضرائب على الصادرات التركية لأمريكا وأزمة الليرة التركية أكبر دليل.

إن الأزمات التي تصنعها الولايات المتحدة بحق الدول العربية والإسلامية والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها؛ لتحجيم دور هذه الدول على المستوى العالمي وتخفيض سيادتها لتبقى بحاجة إلى المساعدات التي تقدمها لهم تحت مشروطية سياسية عالية مرهونة بمدى ولائهم لها، أو لإملاء شروطها السياسية دون احترام للقوانين والمواثيق التي وضعتها

وفي الوقت الذي منع فيه الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ صفقة تصدير طائرات بدون طيار لتركيا إلا بمشروطية سياسية، وتنازلات تقدمها تركيا، عكفت تركيا على الاستثمار في مجال هذه الطائرات، واليوم تعتبر تركيا من الدول القليلة التي حققت تقدماً كبيراً في اقتصاديات الطائرات بدون طيار، فهي تصدر للهند والصين وباكستان والعديد من الدول؛ لأنها اعتمدت على نفسها، وخففت من حدة التبعية.

في المقابل، رفضت الهند المساعدات الدولية المقدمة لمنكوبي الفيضانات إلا عبر القنوات الرسمية الحكومية، خوفاً من مشروطية سياسية، أو فساد في الوقت الذي تسعى فيه الهند لمحاربة الفساد، وقد حققت تقدماً ملحوظاً على مدار السنوات الماضية، كما أنها رفضت سابقاً المساعدات الدولية المقدمة لمنكوبي فيضان تسونامي.

السيادة تتمثل بنزع التبعية أولاً، ثم محاربة الفساد، وتولية النخبة الحقيقة ثانياً، ثم وقف تصدير المواد الخام بشكل غير مدروس للدول الغربية التي تأخذ المواد الخام وتعيد تصديره لنا

كل ذلك يسوق أمامنا أمثلة واضحة نطبقها على دولنا الإسلامية، أن السيادة تتمثل بنزع التبعية أولاً، ثم محاربة الفساد، وتولية النخبة الحقيقة ثانياً، ثم وقف تصدير المواد الخام بشكل غير مدروس للدول الغربية التي تأخذ المواد الخام وتعيد تصديره لنا منتجات إلكترونية، أو تقنية، أو منشآت بنى تحتية، حتى نبدأ في التقدم باتجاه هذا العالم الذي تحكمه أمريكا وتمارس عليه سلطتها، دون المستوى المطلوب من الأخلاقيات التي تلتزم بها لمحاربة الأزمات التي تتعرض لها الدول الفقيرة المنهوبة!

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى