علت الأصوات المناهضة للمسلمين في مسيرات السبت 10 يونيو/حزيران 2017، التي نظمتها حركة ACT for America بمختلف الولايات الأميركية.
ما بين الحديث عن أخطار المسلمين، والدعوات لوقف مجيئهم إلى أميركا، كانت روح الكراهية منتشرة بين المشاركين المعارضين للشريعة الإسلامية، وهم ذاتهم من هتفوا ورحبوا بحملة دونالد ترامب، حينما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية. لكن، ماذا لو كان وراء كل تلك المواقف ستار يخفي عداءً أوسع تجاه المسلمين، يتساءل نقاد، معتبرين أن تلك تهمة يمكن توجيهها لإدارة ترامب، وفق ما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية.
وقال أحد المشاركين في مسيرة انطلقت بمدينة أوستن، ويدعى جوزيف وايدكنيخت، وهو عاملُ بناءٍ يبلغ 25 عاماً: “هناك تفشٍ لجرائم الاغتصاب بسبب المهاجرين السوريين، وعلينا إيقاف مجيئهم إلى أميركا”.
مناهضة الشريعة
ونقلت الصحيفة عن مؤسِسة الحركة بريجيت جابريال قولها، إنها تناهض الشريعة، لكنها لا تناهض المسلمين، وهذه النقطة تكرَرَت على لسانِ عددٍ من المتحدِثين من الحركة. وأضافت: “إن جميع المسلمين المُتديِنين يتمسَكون بالشريعة”.
وألقى المُتحدِثون في مظاهرة السبت خُطَباً كاسحة حول عداء الإسلام للدولة، لكن ما مِن مؤامرةٍ كبرى من جانبِ المسلمين لفرض الشريعة الإسلامية، وما مِن مؤامرةٍ كبرى يحيكونها للسيطرةِ على مؤسسات السلطة في واشنطن، فضلاً عن أن المسلمين الأميركيين يمثِلون واحداً من أنجح المجتمعات وأفضلها تعليماً في الولايات المتحدة.
هذا الخطاب العدائي -كما ذكرنا- يعد مألوفاً لكل من استرعت حملة ترامب الانتخابية انتباهه. فحين كان ترامب لا يزال مُرشَحاً يزعم أن اللاجئين المسلمين يُمثِلون تهديداً، حثَ على مراقبةِ المساجد على نحوٍ واسعِ النطاق، حتى إنه أعلن ذات مرةٍ أن “الإسلام يكرهنا”. وهاجَمَ “الإسلام الأصولي” بعنفٍ، لكن نقاداً طرحوا أنه فعلياً يُشيطِن ديناً كاملاً يتجاوز المؤمنون به المليار شخص.
ومنذ توليه رئاسة الولايات المتحدة، خفَف ترامب بعض الشيءِ من وطأة رسالته. ومع أنه في البداية دعا لحظر وصول المسلمين إلى الولايات المتحدة، انطبقت قراراته التنفيذية، التي لم تُكلَل بالنجاح حتى الآن، فقط على بعض البلدان ذات الأغلبية المسلمة، بالإضافة إلى اللاجئين السوريين.
وكان الكاتب السياسي دين عبيد الله قد تحدث، في مقال له على موقع ديلي بيست، عن “أن ترامب أصبح قِبلة للمتعصبين، وقد ساعدت حملتُه وفترةُ رئاسته عدداً لا يحصى من المتعصبين على معرفة بعضهم بعضاً”.
وقد برزت تصريحات لعدد من السياسيين والمسؤولين التي تدعم هذا التوجه، حيث كتب السياسي البارز بالحزب الجمهوري كلاي هيغينس، على حسابه بموقع فيسبوك، أن “العالم المسيحي في حربٍ مع الرعب الإسلامي، والحل الوحيد إنما يتمثَل في قتلهم جميعاً”.
كما هناك التصريحات التي أفاد بها كبير استراتيجيي البيت الأبيض، ستيفن بانون، التي اقتبستها في تقريرٍ سابق، حول هوس بعض مؤيدي ترامب بالحملات الصليبية.
وقال بانون في اجتماعٍ مع مُحافظين أوروبيين في عام 2014: “إذا نظرتم في التاريخ الطويل لصراع الغرب اليهودي المسيحي ضد الإسلام، أعتقد أننا سنجدهم قد ظلُوا على موقفهم، وأظن أنهم كانوا على صواب في ذلك”.
وتحدَثَ أيضاً عن “حربٍ عالميةٍ ضد الفاشية الإسلامية”، واستدعى في حديثه مثالين عن معركتين شهيرتين من القرون الوسطى تمكَنَت فيهما قوات أوروبية ذات أغلبية مسيحية من دحرِ جيوش المسلمين.
وقال: “أعتقد أنهم أبعدوا هذه الجيوش عن العالم، سواء في فيينا النمساوية أو تور الفرنسية، أو مدنٍ أخرى… لقد ورثنا تراث المؤسسة العريقة، ألا وهي الكنيسة في الغرب”.
“حرب مقدسة”
وتقول الصحيفة إنه في مستنقع اليمين البديل -وهو عالمٌ على شبكة الإنترنت للقوميين المُتطرِفين والعنصريين وكارهي الإسلام- تنتشر الكثير من الصور الساخرة التي تصوِر ترامب محارباً صليبياً في حربٍ مُقدَسة.
يُفتَرَض أن العبارة اللاتينية “Deus Vult” -وتعني “إنها إرادة الرب”، أو “فليشأ الرب ذلك”- قد جاءت على لسان البابا أوربانوس الثاني في عام 1095، حين شنَ أولى الحملات الصليبية. والآن صارت هاشتاغاً شائع الاستخدام بين المنتمين إلى اليمين البديل على الشبكات الاجتماعية.
وواجهت المسيرات المناهضة للشريعة، السبت، أعداداً أكبر من المتظاهرين المعارضين لهم. فيما وقعت اشتباكاتٌ طفيفةٌ بين الجانبين، لكن الشرطة فصلت بينهما.
كما انضم العشرات من حركة Evropa، التي تسعى لإخلاء الولايات المتحدة إلا من ذوي البشرة البيضاء، إلى المسيرات التي انطلقت في نيويورك، حيث جاءوا ليساندوا مسيرة حركة ACT.
ووفقاً لما نقلته “واشنطن بوست” عن تقاريرٍ صحفية، كان زعماء منظمة ACT قد وصفوا الإسلام بـ”السرطان”، إلى جانب ترويجهم “نظرياتٍ عن مؤامراتٍ سرية يحيكها المسلمون والديمقراطيون والشيوعيون والإعلام لتدميرِ البلاد من داخلها، ويرعون محاضراتٍ عن كيفية مناهضة ومراقبة المساجد في الولايات المتحدة”.