بالرغم من الحراسات التي ترافقهم، والتواجد الأمني المكثف في مدينة القدس المحتلة، وخصوصاً في البلدة القديمة، فإن المستوطنين في البلدة القديمة وفي الطرقات الرئيسة في شهر رمضان مصدومون من أعداد الوافدين الهائلة للمسجد الأقصى والتي وصلت في الجمع الرمضانية الثلاث ما يزيد على الثلاثة أرباع مليون وافد.
انطلاق مئات الحافلات من مطار قلنديا السابق إلى المسجد الأقصى، وهي تنقل الوافدين من الضفة الغربية، اعتبره غلاة المستوطنين احتلالاً للمدينة، حسب ما نقله العديد من الصحفيين المختصين في الشأن “الإسرائيلي” الذين تابعوا ردود الأفعال عبر إذاعات المستوطنين على السماح للفلسطينيين بدخول القدس نحو المسجد الأقصى.
في البلدة القديمة انحصر تواجد المستوطنين قرب باب السلسلة ومنطقة الواد المؤدية إلى ساحة البراق، وكانت هذه الأماكن تعج بالمستوطنين بشكل لافت للنظر.
التاجر المقدسي زياد الزغير في منطقة باب السلسلة قال لـ”المجتمع”: في رمضان نشاهد غياب لعربدات المستوطنين، فالتواجد المكثف للمصلين والقادمين للصلاة في المسجد الأقصى يخيف قطعان المستوطنين، لذا تكون حركتهم في الصباح باكراً أو في ساعات متأخرة، عندما يعود الوافدون إلى مدنهم في الضفة الغربية، وهذا الأمر يتكرر في كل عام في شهر رمضان، فالمسجد الأقصى والبلدة القديمة ساحة للمستوطنين في كل أيام السنة ما عدا شهر رمضان الذي يكون فيه المسجد الأقصى عامراً بالوافدين.
يستوطن في البلدة القديمة وعلى مسافة قريبة من المسجد الأقصى قرابة 7 آلاف مستوطن في منازل مشتركة مع المقدسيين، بعد مصادرتها منهم، أو تسريبها بصفقات مشبوهة من قبل جمعيات استيطانية وبمساعدة جهات مشبوهة.
ويقول المقدسي ماهر أبو السعود الذي يقطن فوقه عائلات من المستوطنين: في شهر رمضان يصاب المستوطنون بالهستيرية النفسية، فلا يخرجون من منازلهم إلا في ساعات معينة، ويخرجون ضمن جماعات خوفاً من الاعتداء عليهم وتعرضهم لعمليات انتقام، مع أن الحراسات على الطرقات لا يمكن تخيلها من شدة كثافتها والقيود التي يتم فرضها على كل من يتحرك داخل البلدة القديمة.
ويصف أبو السعود سلوك المستوطنين في شهر رمضان بالجبن، ففي غير شهر رمضان يعربدون علينا مستغلين ضعف التواجد البشري في محيط المسجد الأقصى.
وفي البلدة القديمة يعيش قرابة 33 ألف مقدسي في محيط كيلومتر مربع، ويتعرضون إلى كل أشكال المقايضة لترحيلهم من البلدة القديمة، وهناك مشروع استيطاني تطلق عليه بلدية الاحتلال 2020 يهدف إلى تخفيض عدد المقدسيين في البلدة القديمة إلى أقل من 10 آلاف مقدسي.
سائق الحافلة أحمد قطينة يقول لـ”المجتمع”: أسعد اللحظات التي نشعر بها كسائقين لحافلات مقدسية تنقل المصلين من المعبر إلى المسجد الأقصى تكون في شهر رمضان، فنحن نشاهد المستوطنين في الطرقات الرئيسة وهم ينظرون إلينا بصدمة وهم يشاهدون الآلاف المؤلفة تتحرك نحو المسجد الأقصى، فهم يظنون أن المسجد الأقصى فارغ ووحيد، وأن مكانه سيقام هيكلهم المزعوم، وعندما يشاهدون عشرات بل مئات الآلاف في شهر رمضان، تتبخر أحلامهم، فالمسجد الأقصى ليس وحيداً كما يظنون وليس كما تقول لهم قيادتهم العنصرية.
*المصدر : المجتمع الكويتية