إعداد منذر الأسعد
رحل الخليفة العباسي الشهير: هارون الرشيد عن الفانية قبل أكثر من اثني عشر قرناً، لكنه ما زال يثير الهلع في نفوس المجوس الجدد!!
طهران منعتْه أم منعوه لأجلها؟
في وقت قاتل، قررت وزارة الإعلام السورية منع عرض مسلسل تلفزيوني عن هارون الرشيد.. وذلك لاعتبارها هذا العمل “محرضاً على الفتنة المذهبية، وينبش خلافات بين العرب والفرس، لا طائل منها سوى توجيه الإساءة لتاريخ حلفاء اليوم”.
جاء القرار مباغتاً لمنتجي المسلسل ونجومه –من مختلف الجنسيات العربية مع غلبة سورية واضحة- إذ لا يفصله سوى أيام قليلة، عن شهر رمضان الذي سيشهد عرض المسلسل. لكنه سيُعرض في عدة بلدان عربية، فالمنع يقتصر على الأراضي التي يسيطر عليها النظام السوري فقط.
ومن العجب أن منتج المسلسل رضخ للغضب الإيراني فحذف 30 مَشْهداً من المسلسل لكي يمر، لكنه فوجئ بالقرار الصارم .
وبحسب مواقع وصحف سورية إلكترونية، تشير أصابع الاتهام إلى النفوذ الإيراني المباشر وغير المباشر.
وكان الكاتب السوري الموالي للنظام: قمر الزمان علوش،قد هاجم مسلسل “هارون الرشيد”، قائلاً على حسابه في “فيس بوك”، إن المسلسل يحمل “خلفيات مشبوهة”، في إشارة إلى “نكبة البرامكة” وهم من “الفرس” (إيران).
وأضاف “علوش”، أن وزير الإعلام عماد سارة، وضع يده على مسلسل “هارون الرشيد”، لمتابعة الإجراءات الرقابية عليه “شخصياً”، بعد أن وصل إلى دائرة الرقابة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، لافتاً إلى أن الرقابة رفضت المسلسل لـ أسباب تتعلق بـ”الصراع السني- الشيعي”، وأن الوزير أعطى أوامره بمنع تصويره في سوريا، ومنع كل نشاط إعلامي أو دعائي له داخل سوريا.
نكبة البرامكة
لم يكن هناك مفر من أن يتطرق المسلسل التاريخي، إلى “نكبة البرامكة”، وهم عائلة فارسية كانت مقربة من الخليفة “الرشيد”، إلّا أنه عندما علمِ استغلالهم وتنبّه لخطرهم قضى عليهم واحداً تلو الآخر، وفق روايات عديدة.
ويُرْجع بعض المؤرخين نكبتهم إلى الصراع الخفي الذي كان قائما بين حزبي العرب والعجم والذي استعر بعد ذلك بين ابنيْ الرشيد: الأمين والمأمون.
وصار الرشيد يشعر بأن البرامكة شاركوه في سلطانه بشكل أخل بتوازن الدولة وسلامتها فاضطر إلى التخلص منهم.
عاقب الرشيد البرامكة جميعا وزج بهم في السجن وصادر أموالهم ومنع الشعراء من رثائهم وتوفي يحيى والفضل في السجن قبل وفاة الرشيد، أما سائر البرامكة فقد عفا عنهم الأمين بعد ذلك.وهكذا تنتهي نكبة البرامكة بانتصار العرب هذه المرة، وقد تولى الوزارة بعدهم الفضل بن الربيع نصير الحزب العربي كما تولى الرشيد أمور الحكم بنفسه حيث كان يتنقل في أرجاء دولته ويقود الجيوش ضد الثائرين وضد البيزنطيين.
لم يكونوا مع العلويين
من الواضح أن تعصب ملالي قم للبرامكة عرقي / عنصري محض، فلم يكن البرامكة من الشيعة، ولا كانوا يودون ذرية علي بن أبي طالب رضي الله البتة..
وقد عالج هذه النقطة المهمة المؤرخ العراقي الراحل مصطفى جواد مؤكداً أن البرامكة تقربوا إلى الرشيد بالسعي ضد العلويين وتبغيضهم… بل إن السبب الحقيقي وراء قضاء هارون الرشيد عليهم، هو تدبيرهم لقتل موسى بن جعفر ، وولوغهم في دماء بني علي وطلبوا الزلفى بتعذيبهم وأعلوا مراتبهم بخفض العصبية الهاشمية واجتثاث الشجرة النبوية. ولقد بلغ من سوء سيرتهم – كما يقول جواد- أن جعفرهم حز رأس حبيسه العلوي عبد الله الشهيد بن الأفطس، في يوم النوروز وأهداه إلى الرشيد في طبق الهدايا، فلما رفعت المكبة من فوق الطبق ورأى الرشيد رأس بن عمه استعظم ذلك ، فقال له جعفر: ما علمت أبلغ في سرورك من حمل رأس عدوك وعدو آباءك إليك.
صورتنا في آداب القوم وإعلامهم
بعيداً عن الجدل حول البتر والتحريف من التاريخ باسم الضرورات الفنية المزعومة، يجب التذكير أننا أمام حالة فاقعة من التبعية فليست طهران الصفوية تقيم أي وزن لمشاعر العرب لكي يزعم زاعمٌ أنه يجاملهم على حساب الحقيقة.
فالشاهنامة –درة الأدب الفارسي!- تنضح بالحقد على العرب وبازدرائهم ..
وقد صدرت دراسات علمية موثقة عن أقبح صورة للعربي في مناهج التعليم الخمينية.
ولم يأنِ لنا أن ننسى شتائم شاعر خامنئي للعرب في حفل منقول على الهواء، ولا السخرية من العرب في التلفزيون الرسمي،قبل ثلاثة أسابيع وقد أثارت غضب الأحوازيين فقاموا بالاحتجاج في تظاهرات شعبية كبيرة.
(المصدر: موقع المسلم)