مقالاتمقالات مختارة

نقد قول أبي المظفر السمعاني في منع الاجتهاد في العقيدة

بقلم د. سلطان العميري

منع أبو المظفر السمعاني من الاجتهاد في مسائل العقيدة وبنى قوله على أن مسائل العقيدة محصورة محدودة فلا يتصور فيها الاجتهاد, حيث يقول:  “الحوادث للناس والفتاوى في المعاملات ليس لها حصر ولا نهاية, وبالناس إليها حاجة عامة, فلو لم يجز الاجتهاد في الفروع وطلب الأشبه بالنظر والاعتبار ورد المسكوت عنه إلى المنصوص عليه بالأقيسة لتعطلت الأحكام, وفسدت على الناس أمورهم, والتبس أمر المعاملات على الناس, ولابد للعامي من مفت, فإذا لم يجد حكم الحادثة في الكتاب والسنة, فلابد من الرجوع إلى المستنبطات منهما, فوسع الله هذا الأمر على هذه الأمة, وجوز الاجتهاد ورد الفروع إلى الأصول لهذا النوع من الضرورة, ومثل هذا لا يوجد في المعتقدات لأنها محصورة محدودة, قد وردت النصوص فيها من الكتاب والسنة, فإن الله تعالى أمر في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم باعتقاد أشياء معلومة لا مزيد عليها ولا نقصان عنها, وقد أكملها بقوله: {اليوم أكملت لكم دينكم}, فإذا كان قد أكمله وأتمه, وهذا المسلم قد اعتقده وسكن إليه ووجد قرار القلب عليه فبماذا يحتاج إلى الرجوع إلى دلائل العقل وقضاياه؟ والله أغناه عنه بفضله”.

وهذا التقرير غير صحيح, فلا يسلم بأن قضايا العقدية المتعلقة بحياة الناس محصورة لا تجدد فيها ولا حدوث لنوازل فيها, بل فيها قدر عالٍ من التجدد تحتاج إلى قدر كبير من الفقه والنظر.

ثم إن مصحح الاجتهاد ليس راجعا إلى تجدد المسائل وحدوثها فقط, بل ظنية النصوص واحتماليتها في الدلالة والثبوت مصححة للاجتهاد أيضا, فكما أن المسائل الحادثة تتطلب الاجتهاد, فكذلك المسائل التي فيها أدلة محتملة ثبوتا ودلالة تتطلب الاجتهاد أيضا, وقد يقع بسبب ذلك اختلاف بين العلماء وتنازع.

(المصدر: صفحة د. سلطان العميري على الفيسبوك)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى