سلّطت قضية “تقوى رجب”، (22 عامًا)، الطالبة في معهد “بينليور” التدريبي المتخصص في مقاطعة “فالنسيا” الشرقية بإسبانيا، الضوء مجددا على ما يتعرض له الحجاب في البلاد التي حكمها الإسلام لنحو 8 قرون (711 – 1492م) وذلك في عهد الفتح الإسلامي للأندلس (إسبانيا حالياً).
بعد أن منع مدير المعهد “تقوى” من الدخول وهي مرتدية الحجاب، تقدمت الأخيرة بشكوى إلى وزارة التعليم والسلطات المحلية في فالنسيا، والتي أنصفتها قبل أيام، وأجبرت مدير المعهد على السماح لها بالدخول بحجابها.
ورغم انتصار “تقوى”، إلا أن قضيتها كشفت أن الحجاب ما زال يعاني في البلد الذي كثيرا ما ضرب به المثل في التعايش بين المسلمين وغير المسلمين.
وفي تصريحات صحفية سابقة قالت “تقوى”، إنها شعرت باستياء شديد عندما أبلغها مدير المعهد بحظر الحجاب، وأن ثلاث طالبات أخريات منعن من مواصلة الدراسة لهذا السبب، واصفةً ذلك بأنه “انتهاك سافر لحقوق الإنسان” في البلاد.
وتابعت: “قررت أن أتحدى هذا الحظر السافر، ومواجهة العنصرية التي تعيق حياة الكثيرات من المسلمات الإسبانيات، وتقدمت بشكوى إلى وزارة التعليم والسلطات المحلية، التي أنصفتني أخيرًا وأجبرت المعهد بالسماح لي بمتابعة دراستي”.
من جانبها، قالت الحكومة المحلية، مؤخرًا في تصريح صحفي، إن هيئة التعليم “ضمنت حق التعليم للطلاب، وبناءً عليه ستتمكن (تقوى رجب) من متابعة جميع الدروس مرتدية حجابها، وذلك انطلاقًا من أن حق التعلم أسمى من أي شيء آخر”.
ولا يوجد في إسبانيا، قانون رسمي يمنع المسلمات من ارتداء الحجاب، إلا أن مناطق الحكم الذاتي الفردية، البالغ عددها 17 في البلاد، لديها المرونة بإصدار بعض الأحكام والمعايير، بما يخص اللباس المدرسي، وبيئة العمل، والرموز الدينية وغيرها.
وتعليقًا على تجربة “تقوى”، قالت الصيدلانية فاطمة الأرودي، المشرفة على مدونة “موضة أزياء المحجبات في إسبانيا”، للأناضول، إنها حققت نجاح كبير، واستطاعت أن تغير قواعد اللعبة، آملةً حقًا أن تكون هذه الحالة الأخيرة من هذا القبيل.
وأضافت: “واجهت شخصيًا تحدّيات كثيرة خلال حياتي بسبب التمييز العنصري ضد الحجاب في البلاد، حيث كانت معظم الجامعات ترفض قبولي للالتحاق بها بسبب حجابي، ما تسبب في عرقلة دراستي، وتأخيري عن باقي زملائي، إضافة إلى صعوبات مماثلة أثناء بحثي عن فرصة عمل”.
وتابعت بسخرية: “إننا نغطي شعرنا، وليس عقولنا كما يعتقد البعض”، داعيةً المجتمع الإسباني لتغيير مفهومه الخاطئ عن الحجاب، وتقبله كونه أحد الشعائر الدينية الخاصة بالديانة الإسلامية، التي تدعو للتسامح والمحبة”.
وفي السياق ذاته، قالت سيلفيا كاراسكو بونس، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة برشلونة الخاصة، في تصريح للأناضول “تتسم القوانين والأعراف في البلاد بالغموض، كونها تتيح المجال لبعض فئات المجتمع، التعامل مع قضية الحجاب بشكل تعسفي”.
وأضافت أنه “في (مقاطعة) فالنسيا، قررت الحكومة المحلية مراجعة القوانين الخاصة بالرموز الدينية، إلا أن مناطق أخرى من إسبانيا، ما زالت للأسف تتوجه لحظر الحجاب”.
وذكّرت الأستاذة الجامعية بقضية مماثلة في مدريد عام 2013، انتهت بنتائج مختلفة تمامًا، حيث قضت المحكمة العليا آنذاك بأن المدرسة لها الحق بفرض ضوابط اللباس على طالباتها، ما تسبب بترك طالبة، 16 عامًا، مدرستها والبحث عن مدرسة أخرى تسمح لها بالحجاب.
وفي العام 2009، رفضت إحدى المحاكم الإسبانية شهادة المحامية زبيدة بريق إديدي، كونها محجبة، حيث قرر القاضي آنذاك أن شهادتها ستكون مخالفة للقوانين والأعراف.
من جانبها، قالت رفقت الهيتشو، صحفية ورئيسة جمعية “الشباب المسلمين الإسبان” (غير حكومية) في تصريح للأناضول إن “الحجاب يشكل للمسلمات رمز ديني جوهري، ولا يتعلق بموضة أزياء أو ثقافة ما، وبناءً عليه فهو أحد حقوقهن في أنحاء العالم”.
ومن المفارقات المثيرة للغرابة، أن قضية “تقوى” جاءت في الوقت الذي ظهرت فيه عارضات الأزياء وهن يرتدين الحجاب لأول مرة، فى أسبوع الموضة فى نيويورك هذا العام، الذى ضم مجموعة من الأزياء هى الأولى من نوعها.
ويعتنق نحو مليون و700 ألف نسمة الإسلام في إسبانيا، حسب إحصاءات عام 2012، وهي نسبة لا تمثل سوى 3-4% من إجمالي عدد سكان البلاد، البالغ نحو 49 مليون نسمة.
المصدر: وكالة الأناضول.