نعم.. ما زال «الأقصى» في خطر
بقلم د. عصام عبد اللطيف الفليج
ما زال الكيان الصهيوني جاثماً على قلب فلسطين، والقدس، والمسجد الأقصى، ويمارس عسكره البلطجة مع أهل البلد الأصليين؛ مسلمين ومسيحيين، دون مراعاة لحقوق أصحاب البلدة القديمة، مستنداً إلى دعم الدول الكبرى، وصمت الصغرى.
ومما يثير الاستغراب تسارع بعض الدول العربية في التطبيع مع الكيان المسخ، في الوقت الذي يرفض فيه رياضيون وفنانون وسياسيون وحقوقيون غربيون التعامل معه؛ لأنه مغتصب أرض فلسطين، ولأنه مجرم قاتل الأطفال في مدارسهم، والنساء في بيوتهم، والشيوخ في مساجدهم.
وزاد الطين بلة سياسياً مشروع نقل السفارات إلى القدس.
وأعلن الكيان الصهيوني مؤخراً عن بناء كنيس ضخم مقبب من 6 طوابق (طابقان تحت الأرض و4 فوقها)، على مساحة 378 متراً مربعاً، بارتفاع 23 متراً، ويهدف ذلك الارتفاع لإخفاء منظر المسجد الأقصى من تلك الناحية مقابل حائط البراق.
ولم يحترم عسكر الكيان الصهيوني المصلين قط، فلطالما اقتحموا المسجد الأقصى عدة مرات، وأغلقوا أبوابه، وضيّقوا على رواده، واستحوذوا على «حائط البراق» الذي زاره لاعبو «برشلونة» الإسباني الذي يعشقه نصف العرب لابسين الكوفية، رغم أنه وقف شرعي إسلامي.
وزعموا أن بقايا الهيكل الذي بناه سليمان عليه السلام موجود تحته، وفشلوا في إثبات ذلك، رغم كل الحفريات التي تمت حول الحائط والمسجد الأقصى، وتحتهما دون جدوى.
أما حائط البراق فليس ثابت لديهم أنه مكان تعبديّ، ولكنهم حوّلوا هذا الحائط إلى رمزٍ دينيٍ وقومي، وجعلوه مزاراً دينياً ربطوه بشعائر وعباداتٍ وصلوات، وأقاموا في ساحاته المؤتمرات والمناسبات والاحتفالات الوطنية، وكانت بداية تواجد اليهود هناك عندما سمح لهم السلطان العثماني آنذاك بالمكوث في القدس، بعد هروبهم من محاكم التفتيش، وبدأت صلوات اليهود عند الحائط عام 1625م.
وجاء في كتاب «القدس.. مدينة واحدة.. عقائد ثلاث» للمستشرقة البريطانية «كارين آرمسترونج»: «لم تكن تقام هناك طقوس رسمية للعبادة، غير أن اليهود كانوا يحبون قضاء فترة ما بعد الظهيرة هناك يقرؤون المزامير ويقبّلون الأحجار، وسرعان ما اجتذب الحائط الغربي أساطير كثيرة، وتم ربط الحائط بأقاويل مِن التلمود تخص الحائط الغربي، وهكذا أصبح الحائط رمزاً لليهود».
هذا التوسع العمراني في ساحات المسجد الأقصى وما حواليها وتحتها؛ بناء وحفراً واستحواذاً، والتجاوزات اللاأخلاقية بالاعتداء على المصلين كبشر، وعلى المسجد كمبنى عبادي، وطرْد سكان البلدة القديمة من بيوتهم، والتضييق عليهم في معيشتهم، تؤكد أن المسجد الأقصى ما زال في خطر، وسيزيد الخطر ما لم يتوقف ذلك الكيان عن الاستمرار في مشاريع الحفر والهدم والبناء.
إنها وقفة إنسانية مطلوبة من قادة المسلمين والساسة الغربيين وجمعيات حقوق الإنسان في كل مكان بالعالم، تجاه هذه الاعتداءات على البشر قبل الحجر، وعلى الإنسان قبل البنيان، وألا ييأس أحد من الاستمرار بدوره مهما قلّ، فقليل مستمر خير من كثير منقطع؛ إنسانياً واقتصادياً وسياسياً وإعلامياً واتصالياً.
وتحية كبرى لدولة الكويت أميراً وحكومة وبرلماناً وشعباً على مواقفهم الرائدة والثابتة والمتميزة تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، والقدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، وأسأل الله فرجاً عاجلاً للمسجد الأقصى والقدس وغزة وعموم فلسطين.
(المصدر: مجلة المجتمع)