نظام الدجّال
بقلم رشيد مصباح
لستُ عالما ولا فقيها، ولكني مجرد مسلم غيور على دينه.
أنا من جيل فتح عينيه على المنكرات والبدع لقتْ رواجا كبيرا وتفشّت بين الأفراد فتبنّاها المجتمع وباتتْ أمرا عاديا وطبيعيا ولم يعد هناك من ينكرها.
تركتنا فرنسا في حالة من الفساد الأخلاقي والتميّع. وكنتُ يومها تلميذا في غاية من البراءة والنّعومة،
حين كانت معلّمتي، غفر الله لي ولها، ترتدي تنّورة من نوع «الميكروجيب»،
ولا تستحي أن تجلس في مكتبها وتفتح أردافها أمامنا، فتغيب الأبصار في «المباح» والمحرّم الممنوع.
ارتويتُ منه وشبعت
لم أكن أعرف أن الخمر ممنوع وليس من ديننا، حتى ارتويتُ منه وشبعت.
وكبرتُ، وكانت زجاجات الخمر البرّاقة تزيّن رفوف المقاهي وتنتشر في المحلاّت و الأسواق،
حيث كان يعدُّ مشروبا روحيّا كغيره من المشروبات، المتاحة و المباحة، وكالشّاي والقهوة والغازوز…،
وكان معظم الأفراد يحتفون بشربه ويشربونه حد الثُّمالة ويحيون به اللّيالي و السّهرات.
وحيثُ كنتُ أدرس لم يكن هناك اختلاط بين الجنسين، ثم أخذ في الانتشار شيئا فشيئا، حتى غدا الاختلاط واجبا حتميا،
ومع بلوغنا سن المراهقة بدأتْ أنظارنا تتّجه نحو الفتيات، فتاهتْ عقولنا وضاعت الأوقات.
لم يخرج المستدمر من بلادنا حتى تركنا في تلك الحالة من التميّع والفساد.
لكن، بفضل من الله وبرحمته، وعلى حين غِرّة استفاق الناس من غفوتهم وانتفضوا، ونفضوا غبار عقود من الزّيغ والتخبّط،
وقاموا إلى المنكر فحاربوه، وإلى البدع فقوّموها، وقضوا على معظم تلك الظّواهر الغريبة والآفات.
كانت الفترة تسمّى «بالصّحوة الإسلامية»، وكان ذلك بمثابة تحدٍّ صارخ في وجه نظام عالمي،
بات يُعرف بنظام «الدجّال»؛ النّظام الذي قتل سيّدنا عمر وعثمان، وهو النّظام نفسه الذي أثار الفتنة ليلغي الخلافة الإسلامية.
نظام الدجّال
ما كان لهذا النّظام القائم على محاربة دين الله أن يرضى بحكم عير حكمه الجائر.
وهو النّظام ذاته الذي قام بزرع كائن غريب في جسم الأمّة وأسماه «الدولة الإسلامية»؛ «داعش»
الذي (سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)،
وحارب الإسلام ووضع المسلمين في موقف سيء.
وهو ذاته الذي دمّر ليبيا واليمن، وخرّب سوريا والعراق.
وهو ذاته الذي يقوم اليوم بالتفريق بين صفوف المصلّين في المسجد الواحد، ويبعد أيديهم عن الوصول إلى المصاحف، ويغلق المواضئ، ويمنع صوت الأذان.
والغريب أنك تجد من بيننا من يعملون، على قدم وساق، على إرساء قواعد هذا النّظام الجائر،
ليصدق قول الله ـ عز وجل ـ فيهم: (وجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ).
المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية