مقالاتمقالات مختارة

نشأة العدوان الفكري على الإسلام

نشأة العدوان الفكري على الإسلام

بقلم د. علي عودة

العدوان الفكري على الإسلام تيار قديم بدأ منذ مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ونزول عقيدة التوحيد الخالصة لله وحده،حيث رأى المشركون أن هذه العقيدة تُهدد كيانهم وتنسف أحلامهم فبدأوا بالهجوم الفكري على النبي عليه السلام فزعموا أن القرآن أساطير…وانما يعلمه بشر وأنه ساحر وشاعر…الخ .

وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حمل اليهود لواء العدوان الفكري على الإسلام، وقد أوضح القرآن الكريم الكثير من حججهم الباطلة ومفترياتهم الداحضة ، وفضح تاريخهم الأسود وعدوانهم المقيت على أنبيائهم الذي وصل الى قتل الكثير منهم وبلغوا في عدوانهم العدوان على الله جل وعلا!!! .

وبعد فتح الشام حمل النصارى لواء العدوان الفكري على الإسلام، إذ شعرت الكنيسة النصرانية أنها فقدت بلادا ارتبطت بتاريخ النصرانية الأولى، وحمل رجال الكنيسة في نفوسهم حقدا على الإسلام فلم ينظروا إليه نظرة موضوعية وإنما نظروا إليه من خلال منظور مصالحهم ومكاسبهم التي اكتسبوها عبر القرون , ولما امتدت الفتوحات الإسلامية لتشمل كل السواحل الجنوبية للبحر المتوسط ، بل وتتوغل في أوربا بفتح الأندلس، هنا شعر رجال الكنيسة أنهم فقدوا معظم البلدان التي تسيطر عليها النصرانية، فزاد حقدهم ومقتهم للإسلام فلم يجدوا وسيلة لصده سوى بالسلاح الفكري المتسم بالكذب والزور والبغي والطغيان.

ومن أشهر الكتًاب النصارى الأوائل الذين كتبوا تلك الكتابات المغرضة المقيتة في الشام: صفرونيوس، ومكسيموس المعترف، ويوحنا الدمشقي وتلميذه تيودور أوبو قرة. وفي مصر القبطي يوحنا النقيوسي. وفي أرمينيا يوسيبيوس.وفي بلاد الروم ثيوفانس المعترف ونيقتاس البيزنطي وأريثاس القيصري وغيرهم كثير.

وفي الأندلس ظهرت كتابات نصرانية بلغت الغاية في العدوان الفكري المقيت مثل السيرة المزيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي كتبها أحد الرهبان المستعربين”لا نعرف اسمه” في دير ليري في بمبلونة في شمال الأندلس وفيها عكس صفاته عليه السلام وقلبها رأسا على عقب وكان لها أكبر الاثر فيما بعد , فقد تأثر بها راهب يُدعى سبرايندو، وتلميذين له هما : أولوخيو، والفارو. وشرع التلميذان في كتابة رسائل ومقالات على غرار تلك السيرة المزيفة وتوزيعها بين الرهبان في أديرتهم المحيطة بقرطبة وامتلأت قلوب عدد من الرهبان بالحقد فظهرت منهم حركة سب وشتم علني للنبي عليه السلام في مدينة قرطبة

وكان ذلك في النصف الأول من القرن الثالث الهجري. وحدث أن كل من سب النبي صلى الله عليه وسلم يقبض عليه المسلمون ويذهبون به الى القاضي فيصر على سبه، فيحكم عليه القاضي بالاعدام.وتم إعدام ٥٠ منهم بما فيهم أولوخيو والفارو. وتسمي المصادر الأسبانية حركة هؤلاء المسعورين “بحركة شهداء قرطبة”.

وبعد مقتل أولوخيو هرب إخوته الى سكسونيا ونشروا رسائله وكتبه المسيئة فيها وفي بقية مناطق المانيا الأخرى وفي بلاد الفرنجة كتب باسكاسيه نصا مسيئا حاقدا وفي منتصف القرن الثالث الهجري ترجم أمين مكتبة البلاط البابوي في روما انستاسيوس معظم الكتابات الرومية والشرقية المسيئة الى اللاتينية , وهناك كتابات كثيرة لامجال هنا لذكرها وكان الرهبان يغذون رعاياهم بتلك الكتابات الحاقدة في مواعظهم ويربي الناس في الغرب أطفالهم بتلك الكتابات على الحقد على الاسلام وتراكم الحقد والكره عبر القرون لينفجر في أواخر القرن الخامس الهجري على هيئة بركان هو الحروب الصليبية المستمرة إلى الان .

وهذا هو الدافع الديني الأساسي للحروب الصليبية الذي يجهله معظم المتخصصين في تاريخ الحروب الصليبية في الغرب وفي بلاد المسلمين على حد سواء هذا مع العلم أن الحروب الصليبية صاحبتها كتابات لا تقل بغيا مثل كتابات بدرو الفونسو وبطرس الكلوني وريكولدو ورامون مارتي وبيدرو باسكوال وريموندلول .

(المصدر: موقع المنهل)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى