محمد ماجد – وكالة الأناضول.
داخل غرفة مشددة الحراسة، في أحد السجون التابعة لوزارة الداخلية في مدينة غزة، يجلس النزيل، محمود المصري، حول طاولة خشبية مستطيلة، تعلوها ورقة بيضاء، شرع في ملئها بآيات من سور القرآن الكريم المنسوخة بالرسم العثماني.
ويمضي المصري (33 عاما) برفقة 6 نزلاء آخرين، نحو سبع ساعات يومياً، في نسخ القرآن الكريم، ضمن مبادرة أطلقها مركز الإصلاح والتأهيل التابع لوزارة الداخلية، والتي تُشرف عليها حركة حماس.
يقول المصري، وهو يُواصل نسخ الآيات بقلمه الأسود:” إن مبادرة نسخ القران الكريم بالرسم العثماني، جعلتني أشعر أنني فرد له أهمية وقيمة في السجن والحياة”.
ويضيف لمراسل وكالة الأناضول:” أصبحنا اليوم نشعر بالفخر أثناء كتابة آيات قرآنية”.
ويتابع:” نسخ القرآن شيء عظيم، لكن ليس بالأمر السهل فالنسخ يحتاج إلى تدقيق كبير حتى لا نخطئ بشيء ويغير معنى الآيات”.
ولفت إلى أنه شارك بالعديد من دورات التلاوة والتجويد وكتابة القرآن الكريم، داخل السجن، قبل أن يلتحق في مشروع النسخ.
من جانبه عبر النزيل، إياد كريزم، عن فرحه الشديد لاختياره في مهمة نسخ القران الكريم، التي قال إنها تعتمد على الخط الجميل، ومن لديه موهبة في الرسم.
ويضيف كريزم (33 عاما):” لحسن حظي أن خطي جميل، وأجيد الكتابة والقراءة وتقدمت لدورات في أحكام القرآن الكريم”.
ويتابع: “كنا نجلس داخل غرفة السجن طول الوقت، دون عمل إيجابي، ولكن اليوم نخرج لغرفة أكبر تتوفر فيها الإمكانيات التي نقضي بها عملنا على أكمل وجه”.
ويشعر كريزم بالسعادة وهو ينسخ السور والآيات القرآنية رفقة زملائه، مستدركا بالقول:” إن المشروع مميز ويساعد في تغير نظرة المجتمع السلبية تجاه النزيل”.
من جانبه، يقول الضابط مسعود أبو راس، رئيس قسم الوعظ والإرشاد، في سجون وزارة الداخلية، والقائم على المشروع، إن فكرة المشروع جاءت بهدف مساعدة النزلاء وإكسابهم شيئا جديدا بديل عن الجلوس لفترات طويلة داخل غرفهم دون فائدة”.
وأضاف:” المشروع يهدف إلى استنهاض همّة النزلاء، وحثهم بطريقة عملية على الاهتمام بالقرآن الكريم”.
وأوضح أن مشروع نسخ القرآن الكريم، بالخط العثماني، يعد الأول من نوعه على مستوى فلسطين داخل السجون.
وتابع:” أطلقنا المشروع بـ 7 نزلاء لهم تجارب سابقة، في موهبة الفن والرسم”.
ويستغرق نسخ صفحة واحدة بأيدي النزلاء بالرسم العثماني، وبشكل كامل وصحيح قرابة الساعة حسب أبو راس.
ولفت إلى أنه اعتماد نسخ القرآن بـ “الخط العثماني”، جاء لكونه “رسما سلساً وسهلا في الكتابة والقراءة والتشكيل”.
وبيّن أبو راس أن عملية كتابة القران تمر بعدة مراحل، تبدأ بتسطير الورق الذي يبلغ طول الواحدة منه مترًا كاملًا، وعرضها (70) سنتيمتراً، بعد ذلك يتم كتابة الآيات القرآنية، من ثم التشكيل بالرسم العثماني، ويليها الترقيم، ويتبعها مسح الشوائب، فيما تأتي المرحلة الأخيرة المتمثلة بالتدقيق المبدئي والنهائي لتصبح الورقة جاهزة.
وأضاف:” نحتاج نحو 5 شهور لإنهاء نسخ المصحف، ونأمل أن يتم عرضه في إحدى الدول العربية والإسلامية”.
ولفت أبو راس، إلى أن قسم القراءات، التابع لجمعية دار القرآن الكريم والسنة (غير حكومية)، يشرف على المشروع، من خلال خبراء في هذا المجال.