نذر أزمة بين النظام والإسلاميين في موريتانيا
بعد سحب ترخيص “مركز تكوين العلماء” في نواكشوط مؤخرا بتهمة نشر الغلو والتطرف، يعود الحديث بقوة عن تجدّد الأزمة بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز والتيار الإسلامي في موريتانيا.
ويكشف إغلاق المركز الذي يرأسه عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ محمد الحسن ولد الددو الذي يعد من أبرز المرجعيات العلمية الإسلامية بموريتانيا، عن المستوى الذي آلت إليه العلاقة بين الطرفين.
كما يَطرح السؤالُ المتعلق بأفق الأزمة الجديدة نفسَه، خصوصًا أنها جاءت في ظل حملات إعلامية ودعوات لحل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، وهو الواجهة السياسية للتيار، قادها مقربون من السلطات.
ويعد إغلاق المركز أكبر استهداف يتعرض له الشيخ الددو في عهد ولد عبد العزيز، وذلك بعد إغلاق جمعية المستقبل للثقافة والتعليم مطلع مارس/آذار 2014 التي كان يرأسها.
ولد عبد العزيز يتوعد الإسلاميين بإجراءات أخرى (رويترز) |
تهديدات الرئيس
يأتي إغلاق المركز بعد أيام من اتهامات وجهها الرئيس للتيار الإسلامي في مؤتمر صحفي مساء الخميس، مؤكدا أن إجراءات لم يكشف عنها ستتخذ في وقتها.
واعتبر الرئيس الموريتاني أن حزب “تواصل”، الذي حل في المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم في انتخابات الشهر الجاري اعتمد في الحملة الانتخابية أساليب غير ديمقراطية توظف الدين في السياسة وتغالط البسطاء بالخلط بين شعار الحزب وشعار الحزب الحاكم.
وفي خطبته لصلاة الجمعة باليوم التالي، شدد الشيخ ولد الددو على أنه لا يجوز تفضيل الإسرائيليين على المسلمين، وذلك بعدما وجّهت للرئيس اتهامات بأنه أثنى على إسرائيل حين قال إن القوى الإسلامية في بعض دول الربيع العربي أخطر على العرب من الإسرائيليين.
وقال الصحفي الحافظ ولد الغابد للجزيرة نت إن سحب ترخيص مركز تكوين العلماء يمثل “استيرادا لأزمات الآخرين من أجل إرباك المشهد السياسي أمام تحولات واستحقاقات مهمة”، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة المقبلة بمنتصف 2019.
وأضاف أن نظام ولد عبد العزيز يعتمد منهجية استهداف متدرجة تجاه شركائه الإسلاميين، وأن هذه المنهجية بدأت بإقالة كوادرهم من الوظائف الكبرى في 2013 وإغلاق جمعية المستقبل في 2014.
صراع حذر
من جهته، رأى الصحفي أحمد ولد محمدو في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك أن على حزب “تواصل” أن يجري “مراجعات فكرية حقيقية تخرجه من دائرة الشبهات وتطمئن الشركاء في الوطن”.
كما اعتبر ولد محمدو، وهو عضو في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، أن أطرافا في المعارضة تدفع بحزب “تواصل” إلى التصعيد حتى يخسر المكاسب السياسية التي حققها في السنوات الأخيرة.
وعرف مسار العلاقة بين النظام والتيار الإسلامي في موريتانيا محطات عديدة من التقارب والخلاف منذ وصول ولد عبد العزيز إلى السلطة بانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عام 2008.
وكان حزب تواصل على رأس القوى السياسية الرافضة للانقلاب، وبعد اتفاق دكار وتنظيم الانتخابات الرئاسية أصبح الحزب من أوائل القوى التي اعترفت بالنتائج، حيث صنّف ضمن ما بات يعرف حينها بـ”المعارضة الناصحة”، غير أن التوتّر عاد من جديد في 2011 مع اندلاع الربيع العربي عندما رفع الحزب وبقية المعارضة شعار “الرحيل” في وجه الرئيس.
(المصدر: الجزيرة)