نداء…يا أهل الإيمان
بقلم أ.د. جمال عبد الستار (خاص بالمنتدى)
أبشروا، فقد جَاءُوكُم من فَوْقِكُمْ ومِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، أبشروا فقد أَشْرَفْتُمْ على قوله سبحانه: (وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)، أبشروا فقد كَشَّرَ البَاطلُ عن أَنْيَابِه، وظَهَرَ لكلِّ الخلق طُغْيَانُه، أبشروا فقد جعلَ اللهُ الخَبِيثَ بَعْضَهُ على بعضٍ لِيَرْكُمَهُ جميعاً. و كما قال سيدي الشعراوي رحمه الله: (وهكذا أرادَ اللهُ تعالى أن يَمِيزَ الخبيثَ من الطَّيِّبِ فَعَرِكَتِ المؤمنينَ الحَوادثُ، و زالَ الطِّلَاءُ عن ذَوْي العقيدةِ الهَشَّة؛ لِيكونَ الناسُ شُهداءَ على أنفسِهم، ويبقى المؤمنونَ أصحابَ صَفَاءِ القلبِ والعقيدة. وحين يَمِيزَ اللهُ الخبيثَ من الطيب، فهو سبحانه وتعالى يريدُ تمييزَ الطيبِ حتى لا يَخْتَلِطَ بالخبيث.
كم تَآمَرَ الطُّغاةُ على تَجْفِيفِ مَنَابِعِ الإسلام، و إغلاقِ صُرُوحِ الإيمان، ولكنْ أَحْبَطَ اللهُ كَيْدَهُم، وعَامَلَهُمْ بِنَقِيضِ مُرَادِهِمْ، فجعلَ أموالَهُمْ للحقِّ سَنَدَاً، ومُؤَسَّسَاتِهِم للحقِّ عَوْنَاً، ومَسَاكِنَهُمْ للحقِّ مَقَرَّاً ومَسْكَنَاً! (و أَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ و دِيَارَهُمْ و أَمْوَالَهُمْ وأَرْضًا لَّمْ تَطَئُووهَا وكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا). (الأحزاب الأية 27).
ألَا فَلْيَتَهَيَّأِ النَّاسُ لِأَمْرِ اللهِ العَظيم، ولِيَشْهَدِ القارئُ الكريمُ لِمَقَالِي على تَحْذِيرِي وإِنْذَارِي. فَلِيَظُنَّ بنا الغَافِلُونَ الظُّنُونَا، وَلِيَشْمَتِ الأعداءُ بنا والمُجرمون، وَلِيَتَنَدَّرْ بِحَمَاقَتِنَا الجاهلون، ولِيَرْقُصْ أهلُ الهوى والماكرون، ولكنْ لِيَعْلَمِ الجَميعُ: أنَّ لنا خالقاً عظيماً، ورباً كريماً، وإلهاً حكيماً، ومَعْبُودَاً رحيماً، له خَرَجْنَا، وله تَكَلَّمْنَا، وَلِدِينِهِ انْتَصَرْنَا، وَلِمَنْهَجِهِ انْتَسَبْنَا، وتحتَ رَايَتِهِ صَمَدْنَا، لا نَرْجُو غَيْرَه، ولا نَخْشَى سِوَاه، ولا نَأْمَلُ إلا في وَجْهِه، ولا نَثِقُ إلا في مَوْعُودِه، وهو الذي أَدَّبَنَا فقال سبحانه: (مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ). (سورة الحج الأية 15).
ألا إنَّه لا سَبِيلَ إلى احتِمَالِ البلاءِ إلا بالرَّجَاءِ في نصرِ الله.
ولا سبيلَ إلى الفَرَجِ إلا بالتَّوَجُهِ إلى الله. ولا سبيلَ إلى الاسْتِعْلَاءِ على الضُّرِّ والكفاحِ للخَلَاصِ إلا بالاسْتِعَانَةِ بالله.
. فَلْيَسْتَبِقِ المَكْرُوبُ تلك النَّافِذَةَ المُضِيئَةَ التي تَنَسَّمُ عليهِ مِنْ رَوْحِ الله وعطاءِ الله، ولِيَقْرَأْ معي قولَ ابنِ عَطَاء:
(متى أَوْحَشَكَ مِنْ خَلْقِهِ فاعلمْ أنَّهُ يُرِيدُ أنْ يَفْتَحَ لك بابَ الأُنْسِ به.