مقالاتمقالات المنتدى

نتعبد الله بما صح وثبت

نتعبد الله بما صح وثبت

بقلم الشيخ: أبو عمر جلال الدين بن عمر الحمصي (خاص بالمنتدى)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

ذكر عدم صحة الأحاديث والآثار في بعض الأحكام ليس تعطيلًا للسنن أو حرمان الناس من الأجر كما يدعي بعض المنتسبين للعلم، بل هو من باب أنها عبادة، والواجب أن نتعبد الله بما جاء في القرآن، أو صح عن سيدنا النبي ﷺ، ولا نخصص عبادة بزمان أو مكان أو هيئة لم تحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فقولنا: لم يثبت في ليلة النصف من شعبان ما يدل على استحباب القيام أو الصيام، هذا لا يعني تعطيل فعل الخير في هذا اليوم، بل قد ثبت في الصحيح فضل صيام يوم في سبيل الله كما جاء عند الإمام أحمد و البخاري ومسلم وغيرهم عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا “.
وثبت فضل قيام الليل في أحاديث كثيرة بل قد نهى عليه الصلاة والسلام عن ترك قيام الليل لمن كان يقومه فقد جاء عند أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يا عبد الله، لا تكن بمثل فلان ؛ كان يقوم الليل، فترك قيام الليل “.  وقد ذكر البخاري هذا الحديث في «باب التهجد بالليل باب مايكره من قيام الليل لمن كان يقومه» وفي صحيح مسلم باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره.

وأما نزول المولى جل في علاه فقد جاء في الموطأ عند الإمام مالك وفي مسند الإمام أحمد وصحيحي البخاري ومسلم وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ “.
وقد قرر هذا المعنى الإمام عبد الله بن المبارك لما سئل عن أحاديث نزول الله في ليلة النصف، فقال للسائل: يا ضعيف، ليلة النصف!؟ هو ينزل كل ليلة.

وخلاصة الأمر أن هذه الأعمال ثابتة، وكذلك غيرها، لكن تخصيصها من دون دليل صحيح  بزمان أو مكان معين هذا ما ننبه عليه، وليس المقصد إبطال هذه العبادات، معاذ الله، إنما المقصد أن نتعبد الله بما صح وثبت …
ولم يثبت في النصف من شعبان حديث؛ وقد ذَكَرَ هَذَا الإِمَامُ أَبو الْحَسَنِ الْحَوْفِيُّ
(ت ٤٣٠).
قال رحمه الله: قَالَ أَهْلُ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ: «وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ حَدِيثٌ يَصِحُّ» .

والأمر كما قال الإمام أبو الخطاب عمر بن حسن الأندلسي الشهير بابن دحية الكلبي (ت ٦٣٣هـ)؛ في كتابه: “ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان”
قال رحمه الله:
فَتَحَفَّظُوا عِبَادَ اللَّهِ مِنْ مُفْتَرٍ يَرْوِي لَكُمْ حَدِيثًا يَسُوقُهُ فِي مَعْرضِ الْخَيْرِ، وَاسْتِعْمَالُ الْخَيْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ
مَشْرُوعًا مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا صَحَّ أَنَّهُ كَذِبٌ، خَرَجَ مِنَ الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَكَانَ مُسْتَعْمِلُهُ مِنْ خَدَمَةِ الشَّيْطَانِ لاسْتِعْمَالِهِ حَدِيثًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ بِهِ مِنْ سُلْطَانٍ..

والحمد لله رب العالمين

دمشق
الخميس الواقع في ١٤ شعبان ١٤٤٦ هـ
الموافق ١٣ من شهر فبراير ٢٠٢٥م

 

اقرأ أيضا: صرخةُ نذيرٍ للأمة الإسلامية: عربها وعجمها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى