مقالاتمقالات مختارة

نتائج الظلم

نتائج الظلم

بقلم د. أنور الخضري

أخطر ما في الظلم أن يصنع في نفس المظلوم أزمة أحقاد وضغائن لا تجاه الظالم فقط بل والمجتمع الذي سكت عن ظلمه. فيصبح المظلوم منفكا عن مجتمعه شعوريا وناقما عليه

هناك نفوس لا تستطيع احتمال الظلم الذي يقع عليها ابتلاء فتطلق ما في داخلها من سوء وتتحول بفعل الظلم لنفس ظالمة بصيغة الانتقام فتطلق الشر الذي بداخلها بذريعة أنها ظلمت. إنها في الغالب لا تقتص ممن ظلمها فقط بل تستحيل نفسا ظالمة بامتياز.

قابل للظلم والعدل وغريزته أقرب للظلم لذلك قال الله عنه {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وقال الملائكة {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا}.

لكن هذه الغريزة لها ما يثيرها ويهيجها ويدفعها للنشاط.

عندما نشحن شخصا ضد مخالف لنا ونجرده من حقوقه فإننا نعطي هذا الشخص ضوءا أخضر لممارسة الظلم ضده بدون أي شعور لوخز الضمير، ويستحيل ظلم المخالف حكمة أو عبودية!

وكم ميزت نصوص الوحي بين الرد على المخالف وبين إيفائه حقوقه غير منقوصة كي لا يمارس الظلم بذريعة عداوة المخالف.

القاعدة الشرعية: العدل واجب على كل أحد لكل أحد في كل وقت على كل حال. وهذا مفهوم شامل جامع من قصر في فهمه أوشك أن يكون صانعا من صناع الظلم في المجتمعات ومطبعا له كخلق وسلوك!

وكثيرا ما تميل نفوسنا للظلم تحت أردية الأعذار الكاذبة. فحتى لو صدرنا الظلم “باسم الله” يظل ظلما محرما.

كما أن العلاقات الحسنة والحياة الطيبة تتأسس على العدل بين الأفراد فإن العلاقات السيئة والحياة الخبيثة تتأسس على الظلم. تأمل علاقاتك وحياتك واكتشف إلى أي مدى كان الظلم الظاهر أو الباطن وراء تدميرها أو إفسادها.

لذلك تجد أن المجتمعات التي تعيش أجواء العدل فيما بينها تنجح وتتقدم وتعيش برضا عن بيئتها وما حولها، خلافا للمجتمعات التي تعيش أجواء الظلم فهي فاشلة وبئيسة.

زيادة جلدة واحدة للزاني ظلم ولو كانت غيرة لله، وقطع يدي السارق ظلم ولو كان غضبة لله، ووصف المتبرجة بالفاحشة ظلم ولو كان تبرجها معصية، وخيانة الكافر ظلم ولو كان بنية نصرة الدين، وكل مجاوزة للحد ظلم لا يسوغ عقلا وشرعا وخلقا. وإن أخطر الظلم ما نغطيه بالدين أو نبرر له بالنوايا الحسنة!

الظلم قرين إرادة العلو حقيقة خلصت إليها من تأملاتي في الحياة. فكلما سعى الإنسان للعلو على الآخرين سعى في ظلمهم ببخس حقوقهم أو هضم مكانتهم أو نكران فضائلهم أو إذلالهم تطويعا وقهرهم تركيعا فمتى خلت نفسه من إرادة العلو في الأرض واتجهت لمرادها في الآخرة تخففت كثيرا من دوافع الظلم وأسبابه.

(المصدر: صحيفة الأمة الالكترونية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى