موقف الليبراليين من قضايا العقيدة وأصول الدين الكبرى
موقفهم من قضايا التوحيد والإيمان: موقف الليبراليين من قضايا التوحيد والإيمان موقف في غاية القبح والشناعة، حيث يلوح في مقالاتهم التهوين والتقليل من شأن قضايا التوحيد، بل وصل الأمر ببعضهم إلى درجة الاستخفاف والسخرية بهذا الأصل العظيم الذي قامت من أجله السماوات والأرض. كما أنهم حرفوا مفهوم الإيمان، وأخرجوه عن مدلوله الشرعي الذي جاء واضحا بينا في نصوص الوحيين، كذلك فإنك تلحظ في كتابات بعضهم النزعة الإلحادية المادية كقولهم: إن الطبيعة هي التي تعطي وهي التي تمنح!! أقوال الليبراليين في هذا الجانب: يرى محمد المحمود أن تطبيق التوحيد على أرض الواقع من المنظور السلفي يقارب الهوس الأيديولوجي؛ حيث يقول:”إن السلفية التقليدية المتغلغلة في أعماق وعينا الاجتماعي والثقافي، تزعم أن (التوحيد) هو مرتكز خطابها، وأنها – كخطاب أيديولوجي نشط – تسعى للقضاء على مظاهر التوثن، أيا كانت تمظهراتها في المجتمع، هذا الزعم يكاد – إبان محاولة موضعته في الواقع – يقارب درجة الهوس الأيديولوجي، أو يتم من خلاله ممارسة سلوك النفي (المفاصلة) للآخر الإسلامي في الداخل والخارج، تحت وعاء التمذهب والافتراق”. كما يقول:”ربما كان من قدر المرأة لدينا، أن تواجه أكثر من سور منيع، يحول بينها وبين الحصول على أقل القليل من حقوقها الفطرية، تلك الحقوق التي منحتها إياها الطبيعة ابتداء”.
وهاهو المحمود يضع تفسيرا غريبا لمعنى الإيمان ومدلوله بعيدا عن المعنى الشرعي المنصوص عليه، حيث يجعل الإيمان مرتبطا بالإنسان والعلم المادي، قائما عليهما كما هو الشأن في عصر التنوير الأوروبي، يقول:”لم ينهض التنوير الأوروبي المجيد، الذي أخرج إلى الإنسانية من ظلمات الجهل والتخلف والانحطاط، إلى نور العلم والتقدم والمدنية الإنسانية، إلا على إيمان راسخ وعميق بهذا الإنسان، إيمان متفائل، يتكئ على فعاليات عقلية، ومعطيات تجريبية من عالم الوقائع المادية، ولكنه – قبل ذلك وبعده – يكاد يكون عقيدة كلية، تستولي على مشاعر أولئك الفلاسفة العظام، في عصر النهضة الأوروبي” موقفهم من قضايا الولاء والبراء والحكم بما أنزل الله: يتضح من خلال كتابات الليبراليين التحريف والتبديل والتشويه لهذه القضايا العقدية. أقوال الليبراليين في هذا الجانب: يوسف أبا الخيل يرى أن الأخوة ينبغي أن تبنى على أساس الإنسانية لا على أساس الدين والمعتقد، ولا ريب أن هذا هو دين الماسونية الخبيث، وليس دين الإسلام الذي أنزله الله جل وعلا على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم , يقول: “الإنسانية بآفاقها الرحبة الواسعة, والطائفية بأفقها الضيق المنعزل, ضدان لا يلتقيان………”.
ويوسف أبا الخيل له فلسفة منحرفة للولاء والبراء، حيث يقول:”… مفهوم الولاء والبراء من هذه الزاوية يشير إلى موالاة الموالي المسالم الجانح للسلم والبراءة من المعتدي أيا كانت نحلته وديانته، ومن غير المعقول لكل من استقرأ نصوص الشريعة ومقاصديتها أن يتصور مفهوما ينادي بالولاء للمعتدي لأنه فقط يتمظهر أو ينطق بالإسلام وبنفس الوقت البراءة وما سيترتب عليها من استحقاقات أخرى من غير المسلم ولو كان مسلما برا مؤديا لشروط العلاقة السلمية مع المسلمين، هذا مفهوم مغلوط ومشين تتنزه عنه الشرائع السماوية فضلا عن الإسلام وهو خاتم الديانات؛ لأنه تعد صريح على عدل الله تعالى بين خلقه، ولا يمكن أن تستقيم علاقة سلمية تعاونية مؤدية لخير الإنسانية ما دمنا نتصور أن علاقة الولاء والبراء مبنية على الولاء للمسلم ولو كان من جنس “الحجاج بن يوسف أو صدام حسين” والبراءة من غير المسلم ولو كان على شاكلة داعيي السلام والإنسانية “المهاتما غاندي ونلسون مانديلا”.
ولم يقف يوسف أبا الخيل عند ذلك الانحراف الخطير في قضية الولاء والبراء، بل تعدى ذلك إلى القول بأن عقيدة الولاء والبراء التي طبقها النبي – صلى الله عليه وسلم – في المجتمع المدني قامت على أساس الوطن والبلد الواحد بغض النظر عن ملة الشخص وانتمائه الديني. ويدخل في دائرة انحرافهم في عقيدة الولاء والبراء: الثناء والمدح لأرباب الضلال والانحراف، سواء أكان ذلك على مستوى الأديان والمذاهب الأرضية المعاصرة كالشيوعيين والزنادقة والفلاسفة أو على مستوى الفرق الضالة المبتدعة كالمعتزلة والجهمية، والترويج لما يحملونه من أفكار ومعتقدات. أقوال الليبراليين في هذا الجانب: يقول جودت سعيد:”والشعور بالأناقة – المدنية – قد يكون في صورة انتصار عسكري، أو عدالة اجتماعية، كما في الثورة البلشفية، أو في صورة حقوق إنسان، كما في الثورة البلشفية…”.
وها هو خالص جلبي (شيخ العصرانيين في القصيم) يشيد بالزنديق (محمود محمد طه) ويكيل له الثناء العاطر، ويتباكى على إعدامه من قبل الحكومة السودانية في عهد الرئيس محمد جعفر النميري، يقول:”وفي عام 1971م أعدم “محمود طه” في السودان بيد الطغمة العسكرية بتهمة الردة، وكان رجلا مجددا، ولم يكفر ولم يرتد، ولكنها السلطة التي لا تتحمل النقد والمعارضة”.
ج- أما محمد بن علي المحمود، فقد أثنى على رموز التنوير من الفلاسفة، والتنويريين، حيث يقول:”بينما كان فيلسوف التنوير الأكبر (فلوتير) على فراش الموت حضر إليه رجل الدين الكهنوتي، يطالبه بالاعتراف؛ ليحقق له الغفران، وبما أن فيلسوف التنوير قضى عمره الطويل في العمل في فضح الدجل الكنسي، وتعرية الاستغلال الكهنوتي، فقد رفض هذا الإجراء الذي لو قبله لكان تضحية فضائحية، بمسيرة عمره التنويري المليء بالصراع مع عالم الخرافة”. ويقول:”رحلة البحث عن الإنسان، من خلال البحث عن العقل الممكن وإمكاناته، ومن خلال التمحور الحقوقي حول حريته المسلوبة، ومن خلال البحث عن سبل انعتاقه من أسر ماضيه، ووضعه على عتبات المستقبل، كانت ملحمة من أروع الملاحم في تاريخ البشرية. تلك الرحلة التي بدأت بوادرها الخافتة منذ القرن الثالث عشر الميلادي، وظهرت جلية في المنجزات النظرية التي تعكس الوعي، كما عند لوثر، وسبينوزا، وديكارت.. إلخ، إلى راسل، وهيدجر، وفوكر، ودريدا.. إلخ، مرورا بكانت، وهيجل، وروسو، وفولتير”. ويقول:”لم ينهض التنوير الأوروبي المجيد، الذي أخرج الإنسانية من ظلمات الجهل والتخلف والانحطاط، إلى نور العلم والتقدم والمدنية الإنسانية إلا على إيمان راسخ وعميق بهذا الإنسان، إيمان متفائل، يتكئ على فعاليات عقلية، ومعطيات تجريبية من عالم الوقائع المادية ولكنه – قبل ذلك وبعده – يكاد يكون عقيدة كلية، تستولي على مشاعر أولئك الفلاسفة العظام، في عصر النهضة الأوروبي”. ويقول مشجعاً لنشر ثقافة رواد التنوير: “إن كثيرا من كتب رواد التنوير العربي منذ الطهطاوي وإلى آخر كتاب ثقافي صدر في دور النشر العربية لا وجود لها في ذاكرة أبنائنا” . ونقول لهذا الكاتب المفتون: ماذا تركت للأنبياء والمصلحين؟!
(المصدر: طريق الإسلام)