موجة غضب جديدة تجاه السعودية على شبكات التواصل بعد الكشف عن اعتقالات الفلسطينيين
اشتعلت موجة جديدة من الغضب تجاه السعودية بسبب الاعتقالات التي تتكشف تدريجياً والتي تبين أنها طالت في أحدث موجة منها عدداً كبيراً من الفلسطينيين المقيمين في المملكة أو الذين زاروها قبل أسابيع بهدف أداء مناسك الحج، فيما تبين أن العديد من المعتقلين الفلسطينيين يمكثون في السجون السعودية منذ شهور من دون أن تتمكن عائلاتهم من الكشف عن ذلك بسبب أنها موجودة داخل البلاد وتحت التهديد وتخشى من أن تسوء أحوالها.
وفاجأت حركة حماس الفلسطينية الرأي العام العربي بأن ممثلها في السعودية الدكتور محمد الخضري معتقل مع ابنه منذ أكثر من خمسة شهور، وأن كل المحاولات لإطلاق سراحه باءت بالفشل، وذلك على الرغم من أن السلطات السعودية تعلم منذ سنوات بأن الخضري هو ممثل حماس في السعودية وتعترف به بشكل غير علني كما أنها تتواصل مع الحركة من خلاله.
ويقيم الخضري منذ أكثر من ثلاثين عاماً في مدينة جدة السعودية، وعادة ما يرافق وفود حركة حماس التي كانت تزور السعودية في السابق، وكان قد التقى عدة مرات بالملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في إطار اللقاءات التي كانت تُعقد بين القيادة السعودية وقيادة الحركة، كما أنه كان يتابع ملف المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية إلى أن تم اعتقاله قبل شهور مع ابنه الدكتور هاني الخضري.
وكشفت الحركة أن السلطات السعودية رفضت الاستجابة لكل الوساطات التي تدخلت للإفراج عن الخضري، وقالت في بيان لها إن جهاز مباحث أمن الدولة السعودي اعتقل في الرابع من نيسان/أبريل الماضي محمد صالح الخضري المقيم في جدّة منذ نحو ثلاثة عقود.
ووصفت الاعتقال بأنه “خطوة غريبة ومستهجنة” وأضافت أن “الخضري كان مسؤولاً عن إدارة العلاقة مع المملكة العربية السعودية على مدى عقدين من الزمان، كما تقلد مواقع قيادية عليا في الحركة، كما لم يشفع له سِنّه، الذي بلغ 81 عاماً، ولا وضعه الصحي، حيث يعاني من مرض عضال، ولا مكانته العلمية، كونه أحد أبرز الأطباء الاستشاريين في مجال (الأنف والأذن والحنجرة) ولا مكانته النضالية، التي عُرف فيها بخدماته الجليلة التي قدمها للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية داخل فلسطين وخارجها”.
ولفتت الحركة إلى أن السلطات اعتقلت أيضاً نجل الخضري الأكبر ويُدعى هاني بدون أي مبرّر، ضمن حملة طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية.
وسرعان ما بدأت خلال الأيام الماضية تتكشف بعض التفاصيل والمعلومات التي تتعلق باعتقالات الفلسطينيين في السعودية، حيث تحدثت مصادر مختلفة عن أن عددهم تجاوز الستين شخصاً، وبعد ذلك بفترة وجيزة كشفت قناة “الجزيرة” في تقرير تلفزيوني من مراسلها في الأردن أن ثمة ثلاثين أردنياً على الأقل معتقلون بصمت داخل أقبية السجون السعودية ولا يعلم عنهم أحد أي شيء.
وجاء تقرير “الجزيرة” عن المعتقلين الأردنيين في السجون السعودية متزامنا مع الكشف عن حملة الاعتقالات التي طالت الفلسطينيين، لكن لم يتضح إن كان من بين الفلسطينيين الستين من يحمل الجنسية الأردنية أم لا.
وكان المرصد الأورومتوسطي دعا السلطات السعودية للكشف الفوري عن مصير عشرات الفلسطينيين المعتقلين في السعودية، والذين تعرضوا لإخفاء قسري من دون تهم أو مخالفات.
وأشار المرصد، وهو هيئة حقوقية دولية مقرها جنيف، إلى أن الحملة التي استهدفت الفلسطينيين ما هي إلا حلقة في سلسلة طويلة من الانتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية.
وقال إنه لا يستطيع تحديد رقم دقيق للمعتقلين الفلسطينيين، غير أنه أحصى 60 شخصا فيما تشير تقديرات أخرى إلى أن الرقم أكبر من ذلك بكثير.
غضب وتضامن
وأثارت الاعتقالات التي طالت الفلسطينيين في السعودية موجة من الغضب والانتقادات ضدها على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث كتب الناشط السياسي في غزة أدهم أبو سلمية مغرداً على “تويتر”: “أنا متضامن مع الدكتور محمد الخضري، لم يشفع لك أنك كبير الاستشاريين في جراحة الأنف والأذن والحنجرة، ولا وقار شيبتك، ولا حكمة عمرك الواحد والثمانين، لقد اقتادوك وأنت على فراش المرض بعد عملية جراحية خطيرة، تهمتك أنك فلسطيني من صنف المحاربين للعدو الصهيوني”.
وأضاف في تغريدة ثانية: “أنا متضامن مع الدكتور محمد الخضري، إنه السجان العربي، كيف سيتحرك ماء وجه المحقق وتسري في عروقه الدماء وهو يوجه لك تهمة حيازتك النياشين الإنسانية والوطنية؟ أمثالك أبا هاني ترفع لهم القبعات، وتفتح لهم القصور لا السجون. الحرية للخضري المعتقل في سجون السعودية”.
وعلق الإعلامي والكاتب الصحافي ياسر الزعاترة: “5 شهور صمتت خلالها حماس على اعتقال أحد قادتها في السعودية، مع عشرات آخرين، ثم كشفت الأمر اليوم.. المعتقلون كانوا معروفين لدى السلطات، ولا مبرر لما جرى.. الأمل أن تتم تسوية الأمر، فالفلسطينيون فيهم ما يكفيهم في مواجهة الاحتلال”.
وكتب الصحافي القطري معلقاً: “السعودية تعتقل أحد كوادر حركة حماس ونجله.. المعتقل الدكتور محمد الخضري لم يشفع له عمره البالغ 81 عاما رغم أنه يقيم في السعودية منذ أكثر من 3 عقود.. الحملة لم تقتصر على الخضري ونجله إنما شملت اعتقال عدد من أبناء الجالية الفلسطينية المقيمة في السعودية”.
وفي المغرب غرد المدون أنس السبطي: “عربدة آل سعود أصبحت عابرة للحدود، فتجاوزت استهداف معارضيهم الداخليين لتطال كل حر شريف حتى لو كان مقاوما فلسطينياً”.
ونشر أحد النشطاء على “تويتر” صورة للدكتور الخضري مع الملك عبد الله بن عبد العزيز تعود إلى العام 1998 وكتب شارحا: “صورة تجمع الملك عبد الله، والشيخ أحمد ياسين، والدكتور محمد الخضري، في لقاء فريد أثناء تأدية فريضة الحج للشيخ ياسين عام 1998 وبدعوة خاصة من ولي العهد آنذاك”.
وغرد أحد النشطاء الغاضبين على “تويتر” يقول: “قام عملاء آل سلول عبيد الصهاينة باعتقال ممثل حركة حماس في السعودية وهو الدكتور الخضري الذي ناهز عمره 81 سنة بالإضافة إلى 60 فلسطينياً بتهمة جمع أموال لصالح المقاومة. ثم يأتي المنافقون ويقولون لك هؤلاء يطبقون الشرع. ربما شرع الصهاينة هو ما يقصدون”.
وعلق الناشط الفلسطيني زياد العالول: “أي شرف يناله الدكتور محمد الخضري (81 عاماً) المعتقل في السعودية بتهمة دعمه المقاومة الفلسطينية، يقضي الدكتور محمد الخضري ومعه العشرات من الفلسطينين في السجون السعودية وذنبهم الوحيد أنهم يقفون مع شعبهم المحاصر في فلسطين”.
وغرد ابراهيم المدهون من غزة يقول: “أي نظام يعادي حماس يخسر على المستوى السياسي الشعبي الوطني التاريخي، ويلاحظ خسرانه يوما بعد يوم. نتمنى من المملكة العربية السعودية إعادة الاعتبار للعلاقة مع الحركة والإفراج عن سفير الحركة هناك وممثلها فلا يعقل اعتقال السفراء، فحماس حركة متجذرة تقاتل إسرائيل”.
وقال الكاتب تركي الشلهوب عبر “تويتر”: “إن الحكومة السعودية، اعتقلت عضو حركة حماس، الدكتور محمد صالح الخضري، الذي يقيم في السعودية منذ 30 عاماً، رغم أن عمره تجاوز 81 عاماً، ورغم أنه يعاني من “مرض عضال” ورغم أنه كان مسؤولاً عن إدارة علاقة حماس مع الحكومة السعودية على مدى عقدين من الزمن”.
30 أردنيا
وبثت قناة “الجزيرة” يوم الأربعاء الماضي تقريرا إخباريا لمراسلها من عمان تامر الصمادي تناولت فيه الظروف التي يعيشها معتقلون أردنيون في السعودية. وأورد التقرير شهادة لأحد ذوي المعتقلين يتحدث فيها عن اعتقال شقيقه منذ عدة أشهر من دون أن يعرفوا أسباب اعتقاله، مطالبا بإطلاق سراحه.
ويشير التقرير إلى أن وجود أكثر من 30 معتقلا أردنيا في السعودية يتوزعون على ثلاثة سجون هي الحائر وذهبان وسجن ثالث غير معروف، فيما تنقل عن أهالي المعتقلين قولهم إن ذويهم “يتعرضون هناك لأصناف من التعذيب”.
وربط النائب في البرلمان الأردني صالح العرموطي في التقرير بين الاعتقالات ومحاولات للضغط على الأردن فيما يتعلق بموقفه من صفقة القرن، فيما يشير التقرير إلى أن وزارة الخارجية الأردنية كلفت محامين لمتابعة قضايا مواطنيها المعتقلين.
يشار إلى أن وسائل إعلام إسرائيلية قالت الأسبوع الماضي إن الاعتقالات التي نفذتها السلطات السعودية بحق نشطاء ومؤيدين لحركة حماس خلال الأشهر الماضية جاءت بعد معلومات تلقتها الأجهزة الأمنية السعودية من نظيرتها الإسرائيلية.
(المصدر: القدس العربي)