مقالاتمقالات المنتدى

مواصفات رجل الدِّبلوماسية الإسلامية

مواصلافات رجل الدِّبلوماسية الإسلامية

 

بقلم د. علي محمد الصلاّبي (خاص بالمنتدى)

 

قام اللواء الرُّكن محمود شيت خطَّاب بجمع الرّسائل، وتحدَّث عن الرسل في كتابه الفريد “سفراء النبي صلى الله عليه وسلم” استنبط من خلالها شروط ومواصفات رجل الدِّبلوماسية الإسلامية ومن أهم تلك الشروط والمواصفات:

ــ الإسلام والدعوة إليه:

قال تعالى: ﴿قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (يوسف، آية: 108). وإذا كان المسلمون كلهم دعاة إلى الله تعالى؛ فرُسُل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء في زمانه هم صفوة الدُّعاة (1).

ــ الفصاحة والوضوح:

الفصاحة وجزالة اللفظ، والدِّقَّة في توصيل المعاني إلى السامعين شرط أساسي في الرّجل الذي يتصدى للمهمة الدبلوماسية، وقد طلب موسى تدعيمه بموقف الفصاحة من هارون أخيه ﴿وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ (طه ، آية: 29 ـ 31).

ــ وقد اختار الرّسول صلى الله عليه وسلم كلَّ سفرائه ومبعوثيه من العرب الذين تربَّوا في الجزيرة العربية مع البدو أحياناً فقد كانوا أصحاب نقاوة، لم تتكدر باختلاط الأعجام بعد، فقد كانوا على قدر كبير من الفصاحة والوضوح.

ــ حسن الخلق:

أخلاق السفير النبوي هو أخلاق الإسلام التي بينها الله ـ سبحانه وتعالى ـ في القرآن الكريم، وفصَّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنَّته وأهمّها في السفير: الصدق، والتواضع (2).

ــ العلم:

لا يزيد هنا أن نبين منزلة العلم، لأن الكلام على هذه المسألة طويل، ولكننا نؤكد هنا: أن العلم بالشيء هو وسيلة نقل الفكرة والمبدأ، لذا عندما ننظر إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يحاور النجاشي، ثم يقرأ عليه سورة ﴿كهيعص﴾ نتيقَّن من دقة الاختيار النبوي، ونصاعة خطاب العالم ودقة اختياره للألفاظ والعبارات (3).

ــ الصَّبر:

قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (الأحقاف، آية: 35).

والحقيقة: أن الصبر هو عدّة الدّاعية، وزاده المستمر، ولو تصفحت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة صحابته الأجلاّء، لوجدتها حافلة بالصبر على الدعوة، وموقف الطائف شاهد على ذلك.

ــ الشجاعة:

وقد تحدّث التاريخ الإسلامي عن شجاعة السفراء، والذين أرسلهم الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وأنهم كانوا لا يخافون لومة لائم.

ــ الحكمة:

وقد كان سفراء الرّسول صلى الله عليه وسلم يتصفون بالحكمة فهذا عمرو بن العاص كان مسدداً في أقواله، وأفعاله، قيل لعمرو: ما العاقل؟، قال: الإصابة بالظن: ومعرفة ما يكون بما قد كان، ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشَّرِّ، إنما العاقل الذي يعرف خير الشرَّين (4).

ــ سعة الحيلة:

يجب أن يكون السَّفير مدركاً لأبعاد المناورة السياسيَّة، متأنياً كتوماً، وسعة الحيلة التي ترتكز أو لا، وقبل كل شيء على الذكاء من أهم سمات السَّفير، وقد كان سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم يتصفون بالذكاء، والدهاء، وتوقع الأحداث، والحساب لكلِّ ما يمكن أن يحدث، وهذه مقومات سعة.

ــ المظهر:

تميَّز سفراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمظهر الحسن مع نقاء المخبر، وقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار سفرائه من بين أصحابه الذين تتوافر فيهم صفات شكلية جميلة إلى جانب سماتهم العقليَّة والنفسيّة سالفة (5) الذكر، هذه أهم الصِّفات التي استخلصها اللواء الركن محمود شيت خطاب من خلال دراسته القيِّمة لسفراء النبيّ صلى الله عليه وسلم والتي ينبغي للسفير المسلم أن يتحلَّى بها.

وتكون للدولة الإسلامية مقياساً في اختيار من ترشحه لهذا المنصب الخطير.

______________________________________________________________

مراجع الحلقة الخامسة والأربعون:

(1) سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم، محمود شيت (2/ 258).

(2) المصدر نفسه (2/ 278).

(3) الفقه السياسي للوثائق النبوية، خالد الفهداوي، ص: 114.

(4) الفقه السياسي للوثائق النبوية (2/ 301).

(5) مقومات السفراء في الإسلام، حسن فتح الباب، ص: 60.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى