من يصب الزيت على نار كراهية المسلمين في بريطانيا والغرب؟
بقلم عدنان حميدان
تنام ملحوظ لمشاعر الكراهية ضد المسلمين (الإسلاموفوبيا) في بريطانيا كشفت عنه الدراسة الأخيرة لجامعة بيرمنغهام؛ بوجود نظرة سلبية للإسلام والمسلمين لدى 25 في المائة من البريطانيين، وهذا الرقم لا يعني بالضرورة أن البقية ينظرون بشكل إيجابي، وإنما هناك فئة كبيرة لا رأي لها أو ذات موقف محايد، ولكن ليس بالضرورة إيجابيا أو مرحّبا.
وهناك جهات عدة مسؤولة من وجهة نظري عن هذا الأمر تنبغي الإشارة إليها وتوجيه اللوم والانتقاد المباشر لها على ذلك، بل وملاحقتها برلمانيا وقضائيا، وهي:
1- بوريس جونسون وفريقه الحكومي (قيادة حزب المحافظين الحاكم):
جونسون الذي بدأ بروزه الانتخابي قبل سنوات بمهاجمة “البرقع” لمغازلة اليمين المتطرف ولم يعتذر صراحة عن ذلك حتى الآن، يقرب إليه شخصيات معروفة بتطرفها مثل بريتي باتيل، فضلا عن قيادات في المحافظين مثل النائب كريج وايتكر الذي هاجم المسلمين بشراسة بدعوى عدم التقيد بإجراءات الحد من الوباء، بينما صمت صمت القبور عن انتهاكات جونسون لقواعد الحظر إن لم يكن قد شارك فيها أصلا.
2- وسائل الإعلام المحسوبة على تيار اليمين:
كانت الدراسة المعدة للمجلس الإسلامي البريطاني حول وسائل الإعلام المحلية في بريطانيا والتحريض على الإسلام قبل نحو شهر صادمة؛ بحديثها عن وجود نحو 60 في المائة من المواد تسيء إلى صورة المسلمين. وهي مقلقة لكثيرين، ولكن لم تكن مفاجئة لمن يراقب التحريض المستمر الذي يقوم به سياسيون.
وأظهرت الدراسات أنَّ الطلبة المسلمين فرصتهم أقل بتحصيل مقاعد في جامعات النخبة، التي يُنظَر إليها على أنها مؤسسات إنتاج القيادات السياسية في البلاد، حتى لو حصلوا على درجات مساوية لأقرانهم.
3- اللوبي المناصر لإسرائيل:
ما تقوم به مؤسسات الضغط المؤيدة لإسرائيل من تحريض مستمر عبر وسائل إعلامها، وتوظيف علاقاتها في إقصاء وتهميش كل من يتعاطف مع القضية الفلسطينية وعدالتها، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على المسلمين الذين تربطهم علاقة دينية وثيقة بالمسجد الأقصى.
4- الدعم الغربي للقمع والديكتاتورية في العالم العربي:
إن مساعدة الحكومات الغربية لأنظمة القمع في كثير من الدول العربية والإسلامية ومدها بالسلاح وأجهزة التجسس، وغض الطرف عن افتقارها للديمقراطية وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، بل والاستعانة بأجهزة مخابراتية تفتقر للنزاهة والمهنية في دول عربية في ملاحقة نشطاء ومواطنين في دولها، يزيد من الفجوة ويسهم بنشر صورة سلبية عن المسلمين، وخصوصا العاملين منهم في تيارات سياسية ناشطة في دولها وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، حيث تشيطن الدول القمعية تلك التيارات باعتبارها التهديد الحقيقي لوجودها في السلطة لو كانت هناك انتخابات حقيقية، كما جرى الحال مع الربيع العربي في 2011.
5- رفض حكومات غربية استلام مواطنيها الذين التحقوا من قبل بتنظيم الدولة في سوريا والعراق:
إن التشدد الذي تبديه الدول الغربية برفض استعادة مواطنيها الذين تورطوا مع جماعات هناك مثل “تنظيم الدولة”، بما في ذلك أطفال ونساء لا ذنب لهم، يجعل من أولئك الأشخاص قنابل موقوتة أو دروعا بشرية في بؤر الصراع في سوريا والعراق وينمّي دوافع التطرف لديهم، ما يزيد من فرصة بقاء ونماء هذه التيارات التي تقوم بعمليات عنف تشوه صورة المسلمين.
الخلاصة:
هذه العناصر ليست وحدها المسؤولة عن زيادة الكراهية للمسلمين في عدد من الدول الغربية، فهناك أخطاء مرتبطة ببعض المسلمين وعدم تمثيلهم لقيم دينهم وأخلاقه بشكل سليم وحضاري، ولكن هذه النقطة لا تكاد تذكر أمام ما سبق.
على الغرب أن يعي أن مغازلة اليمين المتطرف بمعاداة الإسلام مضرة له ولبلاده في المستقبل، حتى لو حققت مكاسب انتخابية في الفترة الحالية، لأنها تزيد من الاحتقان وتنمي عوامل الكراهية وتقسم البلاد التي قامت ونهضت وتقدمت عندما عززت التعايش واحترام الآخر؛ وحافظت على الحريات الدينية والشخصية للأفراد.
المصدر: عربي21