من قلب احتجاجات لندن.. المخرج البريطاني تشارلز دوبارا يعكس رحلته الفريدة مع الإسلام والقرآن الكريم
من قلب ضجيج الاحتجاجات في حديقة “هايد بارك” الشهيرة في قلب لندن، حيث تتعالى الأصوات المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، تبرز تجربة فريدة للمخرج والممثل البريطاني تشارلز دوبارا، البريطاني غير المسلم، الذي قرر أن يسلك مسارا يعكس علاقة عميقة وفريدة تجمعه بالإسلام.
خاض دوبارا رحلة روحية استثنائية عبر دراسة القرآن الكريم والتأمل في معانيه. ظهر فجأة على مواقع التواصل الاجتماعي ليلفت أنظار الكثيرين إليه، فهو رجل أبيض بريطاني تقليدي، لكنه يترجم آيات القرآن ويفسرها بالإنجليزية، لتنتشر مداخلاته بين المتابعين بشكل واسع.
وصف تشارلز دوبارا في حديثه للجزيرة مباشر علاقته بالعربية فقال “أحب اللغة العربية، فهي ليست مجرد لغة، بل روح أبدية ترتبط بالقرآن الكريم، إنها لغة لها طابع خالد”.
“وجدت السكينة والإلهام”
ويرى دوبارا أن التظاهرات ترتبط بالحروب التي لا بد لها أن تنتهي لكن علاقاته مع القرآن واللغة العربية لا تنتهي، وأن هناك أفرادا كرسوا حياتهم للعمل السياسي، وهم أكثر قدرة منه على الاحتجاج، فيما اعتبر رسالته تختلف عن هذا الأمر.
ومن خلال دراسة القرآن يوميًا، وجد تشارلز في آيات القرآن نوعًا من السكينة والإلهام. على سبيل المثال قال إن هناك آية في سورة الحديد، الآية 22، تتحدث عن “اللوح المحفوظ”، مضيفا “حينما فهمت معناها، شعرت بطمأنينة غامرة، إدراك أن كل شيء مكتوب وقدر الله مسطور يمنحني راحة نفسية، ويساعدني على مواجهة تحديات الحياة”.
رغم أنه لم يعتنق الإسلام، فإن دوبارا يزور المساجد بانتظام ويجلس مع المسلمين لدراسة القرآن.
يصف هذه التجربة بقوله “عندما أدخل المسجد، أكون الشخص الوحيد غير المسلم، لكنني أشعر بأنني بين إخوتي، أستمتع بالتفكر معهم، وأجد في نقاشاتنا الفلسفية إلهامًا عميقًا. هم يصلون، وأنا لا، لكنني أشعر دائمًا بالترحيب الكامل، إنها تجربة روحانية، تمنحني شعورًا بالانتماء والراحة”.
جهل غير المسلمين بالقرآن
بدأت رحلة دوبارا مع الإسلام عندما أدرك أن غير المسلمين في بريطانيا يفتقرون إلى الاطلاع على القرآن والثقافات المرتبطة بالإسلام، حاول تشجيع أصدقائه ومعارفه على الاهتمام بالقرآن الكريم، إلا أن محاولاته قوبلت بالاستغراب.
وقال دوبارا “في البداية، اعتقدوا أنني غريب الأطوار، لكنني واصلت الرحلة، الإسلام في نظري ليس مجرد دين، إنه مصدر للإلهام، والقرآن يحمل في داخله قصائد روحية تلهم القلوب بغض النظر عن المعتقدات”.
من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يسعى دوبارا إلى مشاركة تجربته مع الآخرين، داعيًا إلى قراءة القرآن والتفكر في جماله الأدبي والروحي.
وأضاف “أريد أن يشاهد الناس جمال الآيات. هناك شيء عميق وساحر في القرآن، يتجاوز كونه كتابًا دينيًا؛ إنه عمل أدبي ملهم، وأشعر أن كل شخص يمكنه أن يجد فيه شيئًا يلامس روحه”.
“لا تحزن”
وفي خضم رحلته مع القرآن، قدم له أحد الأصدقاء كتاب “لا تحزن” لعائض القرني، واعتبر دوبارا الكتاب نقطة تحول في نظرته للحياة، إذ ساعده على الوصول لمعانٍ نفسية أعمق، وبشكل اعتبره دوبارا فلسفيا منفصلا عن الإسلام إذا ما قورن بالقرآن، وساعده على التأمل بين معاني القدر والرضا.
وقال “لقد كان هذا الكتاب بوابتي لفهم النفس الإنسانية بطريقة جديدة. وجدت فيه شيئًا يتجاوز الدين، وجدت فيه روحًا تسعى لطمأنة النفس وتهدئتها”.
وأكد دوبارا أن هذه الرحلة الروحية غيّرت حياته بطرق لم يكن يتوقعها، واختتم حديثه قائلاً “الإسلام يلهمني، والقرآن يساعدني على فهم الحياة بشكل أعمق، إنه شعور جميل أن أكون جزءًا من هذا الحوار الروحي، حتى إن لم أكن مسلمًا”.
وأضاف دوبارا “ما زلت أقرأ القرآن يوميًا، وما زلت أتعلم، وأشعر بالامتنان لهذه الرحلة التي أخذتني إلى أماكن جديدة في عقلي وروحي”.
المصدر: الجزيرة مباشر