مقالاتمقالات مختارة

من فقه الصيام ” طُهرة للصائم”

من فقه الصيام ” طُهرة للصائم”

بقلم الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صبري

لقد حرص رسولنا الكريم الأكرم -صلى الله عليه وسلم- أن يكون صيام المسلم خالياً من الشوائب ففرض على المسلمين “صدقة الفطر” لتكون بمثابة طُهرة للصائم، ولمساعدة المساكين أيضاً لما روى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قائلاً: “فَرضَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- صدقة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات” أخرجه أبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه على شرط الصحيحين.

التعريف بصدقة الفطر

وتعرف أيضاً بـ(زكاة الفطر): هي عبارة عن عبادة مالية ومرتبطة بالإفطار بعد أداء فريضة الصيام في شهر رمضان وتؤدى قبل صلاة عيد الفطر السعيد، وتعرف أيضاً بـ(زكاة رمضان) لأنها متعلقة بشهر رمضان بعد إكماله.

حكم صدقة الفطر

 ذهب جمهور العلماء الى أن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم لما روى الصحابي الجليل عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس: صاعاً من التمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس الى الصلاة” متفق عليه، والمراد بالصلاة هنا: صلاة عيد الفطر السعيد. فإن رب الأسرة يتوجب عليه أن يخرج صدقة الفطر عن نفسه وعن من يعول أي من تلزمه نفقته من زوجته والوالدين والأولاد والخدم أيضاً. وهناك رأي فقهي آخر يقول بأن صدقة فطر سنة مؤكدة وليست واجبة. وأرى أن رأي الجمهور أرجح وأقوى دليلاً، وبهذا أفتي.

مقدار صدقة الفطر

لقد أوضحت السنة النبوية المشرفة بأن صدقة الفطر بالكيل وهي صاع واحد بصاع المدينة المنورة، ويرى جمهور الفقهاء أن مقدارها وزناً هو 2176 غم أي (2 كغم و176غم) على الأقل من غالب قوت بلادنا مثل القمح والخبز والأرز. هذا وقد أجاز علماء الحنفية إخراج قيمتها نقداً وهي عندهم أفضل من إخراجها عيناً لكون الفقير يستطيع أن يشتري بها أي شيء يريده يوم العيد من ملابس وغيرها. لذا فهذا أيسر للمعطي وأنفع للآخذ، وهذا ما أميل اليه وأفتي به. ولا يشترط لوجوب صدفة الفطر الغنى أو امتلاك نصاب الزكاة بل يشترط أن يكون اخراج صدقة الفطر زائداً وفائضاً عن قوت المتصدق وقوت عياله يوماً وليلة. فمن أراد إخراجها نقداً فإن قيمة صدقة الفطر تعتمد على ضوء سعر القمح بالسوق في حينه.

وقت أدائها

اتفق الفقهاء أن صدقة الفطر تجب قبل أداء صلاة عيد الفطر، أما موعد إخراجها فهناك تفاوت فيما بين الفقهاء، وأميل الى الرأي الذي يجيز إخراجها من بداية شهر رمضان المبارك، لأن صدقة الفطر تجب لسببين، وهما: صوم رمصان والفطر منه. وما دام أن تحقق أحد السببين وهو الصوم فيجوز تقديم موعدها ليتسنى للفقراء والمساكين سد حاجاتهم الضرورية -وبهذا أفتي.

نقل الصدقة الى بلد آخر

إني أميل الى الرأي الذي يجيز نقل صدقة الفطر من بلد الى آخر وذلك إذا كان في البلد الآخر أناس هم أحوج من أهل البلد المتصدق، فقد ورد في الأثر عن طاووس أن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال لأهل اليمن “إيتوني بعرض ثياب خميص -أو لبيس- في الصدقة مكان الشعير والذرة…أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة” رواه البخاري معلقاً. فإن معاذ بن جبل (الوالي والقاضي على اليمن) رضي الله عنه قد أجاز نقل الزكاة من اليمن الى المدينة المنورة. كما ان تصرف معاذ بن جبل يشير أيضاً الى جواز استبدال العينيات بعينيات أخرى، وقياساً على ذلك فإني أرى استبدال نقود بعينيات، واستبدال عينيات بنقود أيضاً. والله تعالى أعلم. والحمد لله على نعمة الإسلام.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى