من علماء المسلمين في العصر الحديث.. موسى جار الله
بقلم د. محمد العبدة
هو موسى جار الله التركستاني القازاني التتاري الروسي( ١٢٩٥- ١٣٦٩ ) هـ ( ١٨٧٨ – ١٩٤٩ ) م ، شيخ مشايخ مسلمي روسيا قبل الثورة البلشفية ولد في ( روستون دون ) بروسيا ، وتفقه بالعربية ، وتبحر في علوم الإسلام ، ثم كان إمام الجامع الكبير في بتروغراد ( لينينغراد ) حج وجاور بمكة ثلاث سنين ، وعاد إلى بلاده فأنشأ مطبعة في ( بتروغراد ) خدم بها اللغات العربية والفارسية والتترية والتركية والروسية خدمة مفيدة ، وكان يحسن هذه اللغات ،نشر كتاباً بالتركية عن علاقة المسلمين بالثورة الروسية أغضب حكومتها فانتزعت منه المطبعة ، وقبض عليه وسجن ، وبعد خروجه رحل إلى تركستان وأفغانستان والهند ، واعتقله الانكليز في الهند مدة خلال الحرب العالمية الثانية .
ومن مؤلفاته 🙁 تاريخ القرآن والمصاحف ) ( الوشيعة في نقض عقائد الشيعة ) وله ( القواعد الفقهية ) . قال عنه الأستاذ محمد كرد علي : ” تشرفت في القاهرة بالتعارف إلى العالم القازاني العظيم ، شيخ إسلام روسيا موسى جار الله ، وكنت أعجب بالقليل الذي طالعته من تأليفه ورسائله ومقالاته ، ولما أخرج كتابه ( الوشيعة ) رأيت فيه شدة غيرته على النهوض بالمسلمين في المشارق والمغارب ، ورأيت فيه الإمام الذي انعقد الإجماع على جلالة علمه فحياته من أولها إلى آخرها حافله بالخير والنفع ” ( ١ ) وفي مذكرات محب الدين الخطيب قاله عنه :” كان من كبار علماء مسلمي الشمال في روسيا ، وقد نزح هن وطنه فراراً من وجه البلاشفة الذين اتخذوا اسرته المؤلفة من حرمه وستة أولاد رهينة . وجردوهم من حقوقهم ” ( ٢ ) يقول مؤلف كتاب ( مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة ) : ” إن المحاولة التي قام بها الشيخ موسى جار الله كانت محاولة تحمل ميزات عظيمة منها :
“١-أنها محاولة واعية مدركة قامت بالدراسة لطائفة الشيعة من خلال معبرين هامين:
المعبر الأول: أن الشيخ اطلع على كتب الشيعة وطالعها باهتمام كما يذكر ، اطلع على ( أصول الكافي وفروعه ) و ( من لا يحضره الفقيه ) وجميع كتب ( الوافي ) و ( مرآة العقول ) ومجلدات عديدة من ( بحار الأنوار ) و ( غاية المرام ) .
المعبر الثاني: أنه عاش في ديار الشيعة أكثر من سبعة أشهر يزور معابدها ومشاهدها ومدارسها، ويحضر محافلها وحفلاتها في العزاء والمآتم، ويحضر حلقات الدروس في البيوت والمساجد، وأقام بالنجف أيام المحرم ورأى كل ما تأتي به الشيعة أيام العزاء ويوم عاشوراء. وقد امتلأ قلبه حسرة وألماً مما رآه من منكرات في كتب الشيعة وواقعها.
٢- أن الشيخ موسى رحمه الله عاش بين كتب الشيعة وديارها وهو لا يحمل أية فكرة سابقة أو خلفية عدائية لهم ، بل انه كان متعاطفاً معهم حسب ما كان لديه من معلومات قبل زيارته لديار الشيعة وقراءته لكتبهم ( ٣ ) ، عاش الشيخ موسى آخر حياته في مصر وتوفي بها.
قلت : ذكر الشيخ موسى جار الله في كتابه ( الوشيعة في نقض عقائد الشيعة ) أنه جمع مئة نقطة يتلاقى فيها الشيعة مع عقائد اليهود ، ولكن هذا الكتاب لم نره أو أنه لم يكمله ، والله أعلم.
وشيء آخر: أحببت ذكر هذا العالِم لأن هذا من حقه علينا ولعدم شهرته بين أوساط المسلمين.
——————————
١- ناصر القفاري : مسألة التقريب بين السنّة والشيعة ٢/ ٢٠١
2- الأعلام ٧ / ٣٢٠
٣ – ناصر القفاري : مسألة التقريب ٢ / ١٩٩ ط دار طيبة _ الرياض .
(المصدر: موقع المنهل)