من خصائص الإعلام الإسلامي
بقلم الشيخ محمد خير رمضان يوسف
لقد أثنى الله تعالى على أمة الإسلام، وبيَّن أنها خير أمة أخرجت للناس: إذا كانت أمة مؤمنةً، تأمر بالخير والصلاح، وتنصر الحق وأهله، وتَنهى عن الشر والفساد، وتُكافح الباطل وأهله.
ويتميَّز الدين الإسلامي عن الرسالات السابقة بميزات، فهو خاتمها، وهو للناس كافة، وفيه من عناصر القوة والبقاء ما يجعله نظامًا حيًّا مستقلاًّ، وفيه من المرونة والحيوية ما يجعله صالحًا لكل زمان، ولكل أمة، وفيه من مبادئ العقيدة ووضوحها، ما يحفظ الأفكار من الشطط والزلل، فلا يزيغ عنها إلا هالك، ومن الأحكام الشرعية ما يكفل حياةً عادلةً للفرد والمجتمع، ينال فيه كل منهم حقه، ويقوم بواجبه، وفيه من الأخلاق ما يربي الأجيال المؤمنة، ويجعلهم إخوة متحابِّين، يحافظون على أمن المجتمع ويذودون عن حياض الوطن.
هذه الأسس والسمات المميزة للدين الإسلامي – وغيرها كثير – جعلت منه نظامًا ربانيًّا حيًّا قائمًا بذاته؛ لأن يَنابيعه من القرآن الكريم، كلام الله – عز وجل – والسنَّة المطهَّرة، أقوال وأفعال وتقارير الرسول صلى الله عليه وسلم.
فليس نظامًا وضعيًّا ارتآه عقل بشري أو جماعة من الفلاسفة والحكماء، ولا هو عقيدة كهنوتية رهبانية يَنعزِل أفرادها بعيدًا عن المُجتمَع وآلامه وآماله.
إنه نظام رباني فريد، حفظ الله أسسَه ومبادئه في كتابه العظيم، وبيَّنها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، نستمدُّ منه الأحكام فيما يستجدُّ في الحياة، ونجعله ميزانًا في كل ما يرد إلينا من الشرق والغرب، فإن وافقه كان صوابًا، وإن خالفه كان باطلاً وضلالاً.
وما دام هذا الميزان موجودًا، فلن يضير المسلم ما يكون وما هو كائن، من نظريات وعلوم وأفكار، ما دام يحمل عقيدة صافية وفكرًا نيِّرًا.
وقد نتج عن المدنية الحديثة، مذاهب فكرية فلسفية، واقتصادية واجتماعية، وتعليمية وعسكرية كثيرة، حملَتْ مدارسها بصمات مؤسِّسيها وتلامذتها، ممن لا يعرفون عن الإسلام شيئًا، ولا يعترفون به دينًا ومنهجًا للحياة، بل قد يُعادونه عندما يَخرجون عن “موضوعيَّتِهم” ويطعِّمون مبادئهم “العلمية” بعداء – سافر أو متستِّر – للإسلام والمسلمين.
وانتشرت هذه الأفكار وعمَّت عن طريق وسائل الإعلام السريعة والمتنوِّعة، وحمَلَها وانتصر لها كثير من بني جلدتنا، إما جهلاً منهم بمضارِّها ومنافاتها لشريعة الإسلام، أو قصدًا منهم في زيادة رقعة العلمانية والتضييق على منافذ الإسلام وشبابه.
وكان “الإعلام” ظاهرةً فنية خطيرة ولدتْها هذه المدنية، وأصبح واحدًا من العلوم يدرس في جامعات كثيرة من العالم كله: تاريخه ومذاهبه، وسائله وأساليبه، والجوانب المرتبطة به، وغدا فكرًا سياسيًّا معبرًا عن الدستور الذي تتبناه أية دولة من الدول، وإعلامها ودستورها بإمعان من نظرتها إلى الحياة، ونوعية الحكم ومدرسته.
فما حظُّ هذا العلم من الإسلام؟ وما هي جوانبه فيه؟ وما مدى إمكانية الدراسة فيه؟
وما الفارق بين الإعلام الإسلامي والإعلام المعاصر؟ ما سمات هذا الإعلام؟ وما هي ميزاته التي تميِّزه عن غيره؟
الإعلام في الإسلام له جذوره التاريخية، وعناصره الكاملة موجودة فيه ومستمَدَّة منه؛ من مُرسِل، ورسالة، ووسيلة، ومُستقبِل.
وللإعلام الإسلامي أنواع ومقاييس، وشروط ومقومات وخصائص، ينبغي الوقوف عليها والتفصيل فيها، ومطلوب دراستها دراسة علنية وافية، لتتبين جوانبها في هذا العلم، الذي يشكل جانبًا مهمًّا جدًّا في هذا العصر وكل عصر.
ويَتناول هذا البحث بعض خصائص الإعلام الإسلامي، المتميزة عن الإعلام المنتمي إلى هذا الاتجاه أو ذاك، من النظريات والأنظمة الوضعية.
والهدف من دراستها هو إيجاد نظرة مُتكاملة ومفصَّلة عما يتمتع به هذا العلام من جوانب فريدة مميَّزة واضحة، مستمَدَّة من أحكام الشرع الحنيف، وعقيدته السمحة، مع الإشارة في ثنايا كل خاصية على وجوب اتباع نظام إعلامي إسلامي تعمل به الدول الإسلامية، والبُعد عن الأساليب الإعلامية الماكرة والخبيثة والمُلتوية، التي تنصبغ بها الأنظمة والمذاهب الوضعية، من التي تُسيطِر عليها أيدٍ خفية أو ظاهرة.
وذِكرُ هذه الخصائص يعني التركيز على تكوين رجل الإعلام الإسلامي الحق، الذي يفهم الإسلام ومبادئه وأخلاقه، ليستطيع الانطلاق من خلالها، ويُحلِّل مشكلات الحياة من منظورها، وليكون – من ثم – الواجهة الحقيقية للإسلام والمسلمين، والناطق الأمين بلسان الدعوة.
وذكر هذه الخصائص يعني أيضًا: التخطيط للانطلاقة الإعلامية الإسلامية ذات المنهج الإعلامي المستقل، الذي لا يتأثَّر بفكرة غريبة أو شرقية؛ لأنه نابع من نظام قائم بذاته، وثابت ثبات أصله وجذوره!
أولاً – تعريف الإعلام الإسلامي:
لم يتَّفق الباحثون المتخصِّصون في الإعلام على تعريفٍ جامع له حتى الآن، فهو مُصطَلَح لعِلم جديد، وتعريفات العلوم لا تستقر ولا تتبلور إلا بعد بيان جوانبه المختلفة والاتفاق على أسسه ومبادئه والاستقرار عليها، ومع ذلك نُورِد أهم التعريفات له.
فقد حظي تعريف “أوتوجورت” الألماني للإعلام باحترام مِن قِبَل الدارسين الإعلاميِّين، وهو موجود في معظم كتب الإعلام، وقد عرَّفه بقوله: الإعلام هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ولروحها وميولها واتجاهاتها في نفس الوقت[1].
ويُعرِّفه الدكتور عبداللطيف حمزة بقوله: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تُساعدهم على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع أو مُشكلة من المشكلات؛ بحيث يعبِّر هذا الرأي تعبيرًا موضوعيًّا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم[2].
وبعد أن يورد الدكتور سيد الشنقيطي مجموعةً من التعريفات للإعلام، وفيها بيان أنه يعتمد على الحقائق المجردة مع الصدق والموضوعية.. إلخ، يقول: “وبالنظر إلى أن الإعلام الوضعي ليس له طبيعة واحدة، فمنه ما هو صادق، ومنه ما هو كاذب، ومنه ما هو خير، ومنه ما هو شرٌّ، ومنه ما هو ضلال، فإن التعريف الذي يوضع له لا بد أن يشمل كافَّة أنواعه، وذلك ما لم نلاحظه في التعريفات الإعلامية السابقة؛ حيث غلب على معظمها الميل إلى الحكم بغاية الإعلام، أو بما يجب أن يكون عليه الإعلام”.
ثم يبدأ هو بتعريفه في الصفحة التالية فيقول: “هو كل قول أو فعل قُصد به حمل حقائق أو مشاعر أو عواطف أو أفكار أو تَجارب قولية أو سلوكية، شخصية أو جماعية إلى فرد أو جماعة أو جمهور بُغية التأثير، سواء أكان الحمل غير مباشر أو مباشرًا بواسطة وسيلة اصطُلح على أنها وسيلة إعلام قديمًا أو حديثًا”[3].
أما الإعلام الإسلامي فقد بيَّن الأستاذ الباحث زين العابدين الركابي أن المقصود به رؤية الأحداث والقضايا والأخبار والعلاقات مِن منظار إسلامي إعلامي، وعرَّفه بقوله:
“نقل المبادئ وشرحها شرحًا واضحًا وصحيحًا وثابتًا، ومستهدِفًا تنوير الناس وتثقيفهم ومدَّهم بالمعلومات الصحيحة بموضوعية أيضًا، ومعبرًا عن عقلية الجماهير، ومراعاة الأسلوب واللغة التي تُخاطب الجماهير”[4].
ويعرفه الدكتور محي الدين عبدالحليم بقوله: “تزويد الجماهير بصفة عامة بحقائق الدين الإسلامي المستمَدَّة من كتاب الله وسنة رسوله بصورة مباشرة أو غير مباشرة، من خلال وسيلة إعلامية دينية متخصصة أو عامة، بواسطة قائم بالاتصال، لدَيه خلفية واسعة ومتعمقة في موضوع الرسالة التي يتناولها؛ وذلك بغية تكوين رأي عام صائب يَعي الحقائق الدينية ويُدركها ويتأثَّر بها في معتقداته وعباداته ومعاملاته”[5].
ويصفه الدكتور الشنقيطي بأنه إعلام عن الله ولله، أي: إنه حمل مضامين الوحي الإلهي ووقائع الحياة البشرية المحكومة بشرع الله إلى الناس كافة بأساليب ووسائل تتَّفق في سموِّها وحسْنِها ونقائها وتنوُّعِها مع المضامين الحقة التي تعرض من خلالها، وهو مَحكوم غاية ووسيلة بمقاصد الشرع الحنيف وأحكامه[6].
ويُلاحظ تقارب التعريفات الثلاثة في أكثر الجوانب، وتكملة بعضها للبعض الآخر في الجوانب الأخرى، كما يُلاحظ الاحتياط والدقة في تعريف الشنقيطي أكثر، فقد بيَّن ما احتوَت على “الحكمة” في التبليغ والإعلام، ولا بد منها في هذا الجانب استجابةً لأمر الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125]، وقد خلا التعريفان السابقان من هذا، إلا أن يكون قصد الشيخ الركابي من “الموضوعية” هو “الحكمة”، ولكن التعريف الأخير أشمل وأكثر دلالة.
وكذلك دلكت هذه الجملة على أن الإعلام – سواء بالقول أو العمل – يجب أن يكون خالصًا لله، أي: لا يَبتغي مِن وراء تقديم هذه المعلومات والحقائق شُهرةً أو منصبًا في الدنيا، بل دفاعًا عن الإسلام وجهادًا في سبيل الله وخالصًا لوجهه الكريم؛ إذ إن ميزان قبول الأعمال شرطان:
– أن تكون موافقةً للشريعة.
– أن تكون خالصةً لوجه الله.
والحقيقة أن الشيخ الركابي لا يُمانع من تطبيق تعريف الإعلام بمعناه العام على الإعلام الإسلامي، والفرق أن الأول مصدرُه وضعي، بينما الإسلام مصدره إلهي، كما أن الإعلام الإسلامي نشاط شامل، وفيه الأسوة أو القدوة، ودليله في هذا أن من صفات الإعلام:
– تزويد الناس بالأخبار الصحيحة.
– المعلومات السليمة.
– الحقائق الثابتة؛ وذلك لتكوين رأيٍ عامٍّ حول هذه المعلومات.
– الموضوعية.
– التعبير عن عقلية الجماهير واتجاهاتها أو ميولها العقلية.
– الوضوح عكس الغموض.
– الصراحة؛ لأنها تُقنع القارئ أو المُستمع أو المشاهد.
– الدقة.
– التوثيق، فيجب ذِكر المصادر في كل حالة.
– الصدق.
– التنوير أو التثقيف.
– مخاطبة العقول لا الغرائز.
ويقول – مِن ثم -: إنه ليس هناك مانع أن تطبق المميزات السابقة للإعلام على الإعلام الإسلامي، كما أشرنا إلى ذلك قبل قليل[7].
ثانيًا – أهداف الإعلام الإسلامي:
إذا كان الهدف من العملية الإعلامية كلها هو “الإنسان” – أي: تسخير الرسائل والأساليب الإعلامية لإيصال فكرة معينة إلى المستقبل – سواء أكان فردًا أم جماعة أم شعبًا، وإقناعه بها، ليحصل المرسل على الاستجابة التي خططها، فإن الهدف من الرسالات السماوية كلها هو “هداية الإنسان” ليحيا على حق، ويكون على بينة، ويعيش في سعادة وأمن في هذه الدنيا، وينجو بنفسه يوم الآخرة، أي: إن مقصده تحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد والأضرار عنهم في العاجل والآجل.
وتأتي مهمة رجل الإعلام المسلم، لبيان الحقائق الإسلامية، والوصول إلى قلوب الجماهير وعقولهم بالحكمة المطلوبة.
وتقوم أهداف الإعلام الإسلامي في العصر الحديث على أسس كثيرة، نذكر منها:
* تجديد الدعوة إلى التوحيد، وهذه الدعوة لا تعني أن التوحيد غير موجود، بل هو تذكير مستمر ينبغي أن يركِّز عليه الداعية الإعلامي دائمًا.
* دعوة المسلمين بعضهم بعضًا إلى الخير؛ قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3].
* ومعنى هذه الدعوة هو:
– إرجاع المسلمين إلى جوهر الإسلام وتشريعه الحكيم، وتعميق ذلك في نفوسهم.
– دعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام.
– الجمع بين تحريك الإيمان في نفوس المخاطَبين والمجتمع الإسلامي، وإثارة الشعور الديني، وبين إكمال الوعي وتنميته وتربيته.
– صيانة الحقائق الدينية والمفاهيم الإسلامية من التحريف وإخضاعِها للتصورات العصرية الغربية، أو المصطلحات السياسية والاقتصادية التي نشأت في أجواء خاصَّة وبيئات مختلفة، ولها خلفيات وعوامل وتاريخ، وهي خاضعة دائمًا للتطور والتغيير، فيجب أن نَغار على هذه الحقائق الدينية والمصطلحات الإسلامية غيرتَنا على المقدَّسات وعلى الأعراض والكرامات، بل أكثر منها وأشد؛ لأنها حصون الإسلام المنيعة وحِماهُ وشَعائره.
– تحرير العقيدة مما قد يُداخلها من أباطيل الخصوم وافتراءاتهم، ومهمَّة رجل الإعلام الإسلامي التصدِّي لهذه الافتراءات، ولا بد أن يكون متفهمًا للدعوة الإسلامية حتى يَستطيع نشرَها، كما أنه لا بد من دراسة هذه الافتراءات دراسةً جيدةً، وإن لم يكن رجل الإعلام الإسلامي مسلَّحًا بهذا العلم فلربما انجرَفَ مع التيار المُنحرِف والمضلِّل.
– الدعوة إلى التعلُّم؛ فالعلم طريق إلى الإيمان.
– تأكيد معنى الحرية؛ فالإسلام أعطى الحرية الكاملة للإنسان فيما يفعل، وهي مقيَّدة بعدم المساس بثوابت الإسلام والإساءة إليه.
– الدعوة إلى الوحدة الإسلامية، فما أصاب المسلمين وما يصيبهم بسبب أنهم غير متَّحدِين؛ قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، فهدف رجل الإعلام هو الدعوة إلى الوحدة بين المسلمين.
– دعم اللغة العربية الفُصحى والتمسُّك بالدعوة إليها، فالفُصحى هي لغة القرآن، ومن أسباب فرقتنا عدم مُحافظتِنا على هذه اللغة، فاللهجات المحلية المتفرِّقة، والدعوة إلى الكتابة بها، وجعْلُها لغة التعليم ووسائل الإعلام = تسبِّب الافتراق، ويقع على عاتق رجل الإعلام بيانُ هذا.
– بعث الفكر الإسلامي الأصيل، والتِماس مَنابِعه في القرآن والسنَّة، فكل مقوِّمات الحضارة موجودة في الفكر الإسلامي، وأكثر العلوم الحالية أصلُها إسلامي.
– بناء الحضارة الإسلامية المعاصرة، ونحن ندعو إلى الماضي ولا نفرِّط فيه، بل يكون هناك ربط بين الماضي والحاضر.
– تجلية مَحاسِنِ الإسلام ومزاياه، وتقريب مفاهيمه وحقائقه حسب قدرات الناس ومداركهم.
– الربط بين الدين والعلم، والعلم والدين والأخلاق، وبين الدين والتربية والمجتمع، وبين الدين والدنيا.
– بثُّ الفضائل الأخلاقية والسلوك القويم والعادات الإسلامية السليمة؛ مثل: الوصاية بالجار، ورد الحقوق إلى أهلِها، وكفالة اليتيم، والعناية بالأرملة، فالإسلام من حيث المُعامَلات الأخلاقية، يقوِّم السلوك الإنساني، ورجل الإعلام ينبغي أن يكون متَّصفًا بهذه الأخلاق ثم يدعو إليها، ليكون كلامه مؤثرًا ودعوته مقبولةً، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم معروفًا بين قومه بالصادق الأمين.
– حماية المجتمع الإسلامي من الأخطار الخارجية والمزاعم الباطلة؛ وذلك بالرد عليها والعمل على نَشرِ المعلومات والأخبار الصادقة.
– غرس مبادئ الإسلام والثقافة الإسلامية على مستويات مُختلفة؛ أهمها: الأسرة – المدرسة – المسجد – وسائل الإعلام المختلفة، بما فيها وسائل النشر؛ من صحافة وكتُب وإذاعة وتلفاز.
– إنشاء المعاهد والكليات الإعلامية المتخصِّصة الإسلامية.
– الاستيعاب الحق لتقنيات الوسائل الإعلامية الحديثة عِلمًا وممارسة.
– الاهتمام بالجانب الترفيهي الهادف من خلال برامج ومَشاهد وصفحات.. إلخ.
– هذا، ويمكن أن تكون أهداف النظام الإعلامي، هي عينها الأهداف الكبرى، التي يسعى المجتمع بكافة أنظمته ومؤسساته إلى تحقيقها، والتي يُمكن إرجاعها الى أصول كبرى، تتمثَّل في ترسية عقيدة التوحيد في النفوس، وتحقيق السيادة لشرع الله، وتثبيت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبناء مجتمع طاهر نقي عفيف كريم، وشمولية في الإعلام بدين الله أو هي في تركيز شديد: تدعيم الإسلام وتعميمه؛ ذلك أن أي نشاط إعلامي يَصدُر عن مسلمين في نطاق بناء حياة إسلامية مُتكاملة لا يتصوَّر أن تُغاير أهدافه أهداف أنشطة أخرى يقومون بها للغرض نفسه[8].
ثالثًا – الغاية من الإعلام في الإسلام:
إن الغاية يجب أن تكون أساسًا إرضاء الخالق – جلَّت قُدرته – حتى لو لم يرضَ بعض الخلق، وليست إرضاء بعض الخلق بغضب الله – عز وجل.
وإذا كانت الغاية هكذا من أنبل ما يكون، فإن رجل الإعلام يتحرى الدقة والأمانة في تبليغه وتعليمه وترتبيتِه، ويبحث عن كل ما فيه خير الأمة ونفعها، لينال رضى خالقه ومثوبة من عنده؛ قال – عز وجل -: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 19 – 21].
وليسَت غاية الإعلام في الإسلام غسيل رؤوس العباد – كما هو في كثير من الأنظمة الحديثة – حتى تتسع لكل التقلبات، ولا عملية تخدير حتى تتقبَّل الأمة أمرًا خطيرًا ما كانت لتقبله لولا هذا التخدير[9].
نشر في مجلة “هدي الإسلام” التي تصدرها وزارة الأوقاف بالأردن، مج 40 ع 7 (1417 هـ).
ولم أكتب للمجلة، وهو مأخوذ من كتابي “من خصائص الإعلام الإسلامي” الذي أصدرته رابطة العالم الإسلامي في سلسلة “دعوة الحق”.
([1]) الإعلام والدعاية؛ عبداللطيف حمزة، ط: 2، القاهرة: دار الفكر العربي، 1398هـ، 1978م، (ص: 76).
([3]) مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم: دراسة تحليلية لنصوص من كتاب الله؛ سيد محمد ساداتي الشنقيطي، الرياض: دار عالم الكتب، 1406هـ، 1986م، (ص: 17 – 18).
([4]) محاضرات ألقاها الشيخ الركابي على طلاب السنة الأولى قسم الإعلام – ماجستير، كلية الدعوة والإعلام (المعهد العالي للدعوة الإسلامية سابقًا) 1403هـ، الرياض.
([5]) الإعلام الإسلامي وتطبيقاته العملية؛ محي الدين عبدالحليم، ط: 2، القاهرة: مكتبة الخانجي، الرياض: دار الرفاعي، 1404هـ، 1984م، (ص: 147).
([6]) مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم؛ سيد محمد ساداتي الشنقيطي، (ص: 18).
([7]) محاضرات ألقاها الشيخ الركابي، مصدر سابق.
([8]) انظر في أهداف الإعلام الإسلامي: بعض سمات الدعوة المطلوبة في هذا العصر؛ أبو الحسن علي الحسني الندوي، المدينة المنورة: مركز شؤون الدعوة بالجامعة الإسلامية، (من بحوث المؤتمر الأول لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة) (ص: 7، 13)، والدعوة الإسلامية: مفهومها وحاجة المجتمعات إليها؛ محمد خير رمضان يوسف، الرياض: 1407هـ 1986م، (ص: 25 – 26)، ومحاضرات ألقاها الشيخ زين العابدين الركابي، مصدر سابق، وأصول الإعلام الإسلامي وأسسه: دراسة تحليلية لنصوص الأخبار في سورة الأنعام؛ سيد محمد ساداتي الشنقيطي، الرياض: دار عالم الكتب، 1406هـ، 1986م، (1: 12 – 13).
([9]) انظر – بتصرف -: الإعلام موقف؛ محمود محمد سفر، جدة: تهامة، 1402هـ، 1982م، (الكتاب العربي السعودي: 63) (ص: 62 – 63).
(المصدر: موقع الشيخ محمد خير رمضان يوسف)