من الوارث الشرعي للقدس؟
بقلم محمد عناية الله أسد سبحاني
القدس أرض الرسل والأنبياء، ولا يعمرها إلا ناس يؤمنون بالرسل والأنبياء. ومن الواضح المعلوم أنه لا توجد على وجه هذه المعمورة أمة تؤمن بجميع الرسل والأنبياء إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فأمة محمد صلى الله عليه وسلم هي التي تؤمن بجميع الرسل والأنبياء، عليهم السلام، وتنظر إليهم جميعا بعين الحبّ والتقدير والاحترام، ولا تفرق بين أحد منهم.
هي تؤمن بالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم كما تؤمن بالقرآن الكريم، وتؤمن بسيدنا إبراهيم، وسيدنا موسى، وسيدنا داود، وسيدنا عيسى عليهم الصلاة والسلام كما تؤمن بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد شهد بذلك من ليس بعد شهادته شهادة.
قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم، وهو يثني على هذه الأمة:
آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (سورة البقرة:285)
وقال تعالى، وهو يذكر حال اليهود والنصارى، ويتوعدهم على استكبارهم وسوء موقفهم من رسلهم وأنبيائهم عليهم السلام، ويتوعدهم على التفريق بينهم، وقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض!
وفي نفس الوقت يثني على هذه الأمة، أمة محمد صلى الله عليه وسلم أنها تؤمن بجميع الرسل والأنبياء، عليهم السلام، ويبشرها بأجر كريم على هذا الموقف الكريم، بينما ينذر الآخرين بعذاب مهين. قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (سورة النساء: 152)
فهذه الأمة- أمة محمد صلى الله عليه وسلم– تؤمن بجميع الرسل والأنبياء عليهم السلام، وتؤمن بجميع ما أنزل الله على رسله وأنبيائه إيمانا صادقا. بينما الأمم الأخرى لا تؤمن إلا بمن يخصها من الرسل والأنبياء، وإيمانها بمن يخصها أيضا لا يكون إيمانا صادقا كاملا، بل يكون إيمانا مصحوبا بالكفر والنفاق. قال تعالى، وهو يتوعد بني إسرائيل على هذه الخصلة الممقوتة:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (سورة البقرة:85)
ومن دلائل حب هذه الأمة لرسل الله وأنبيائه أنها تسمي أبناءها وأحفادها بأسمائهم جميعا. إنها تسمي أبناءها وأحفادها إبراهيم، وإسحاق، وموسى، وداود، وعيسى، كما تسميهم أحمد، ومحمد.
وتسمي بناتها وحفيداتها سارة، وهاجر، وآسية، ومريم، كما تسميهنّ خديجة وعائشة، وحفصة وسودة.
فهي التي تستحق أن ترثهم، وترث أرضهم وديارهم. وأما بنو إسرائيل فليس من حقهم أبداً أن يرثوهم، ويرثوا أرضهم وديارهم.
وكيف يرثونهم؟ وقد عصوهم وآذوهم بكل وقاحة، وقتلوهم بكل شراسة وزعارة حتى استحقوا منهم اللعنة! قال تعالى:
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (سورة المائدة:78).
(المصدر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)