مقالاتمقالات مختارة

من المقاومة الفلسطينية إلى المحتل الصهيوني “انتهى الدرس”! (1-2)

من المقاومة الفلسطينية إلى المحتل الصهيوني “انتهى الدرس”! (1-2)

بقلم محمد عبد الرحمن صادق

اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ

قال تعالى: “وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً {6} إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً {7}” (الإسراء: 4-7).‏

لقد أبى شهر رمضان المبارك أن يمر هذا العام دون أن يعلم الأمة الإسلامية بأسرها دروساً تبقى على مر الزمان، وتستعصي على النسيان، ولتكون زاداً تتربى عليه الأجيال، ولطمة على وجه بني صهيون وأذنابهم تفقدهم صوابهم وتبدد أحلامهم، بل وتكشف سوأتهم لتبدي للعالم كله مدى هشاشة بنيانهم وزيف ادعاءاتهم.

إن كل هذه الدروس جاءت نتيجة للمواجهات التي تمت بين المقاومة الفلسطينية وبين الكيان الصهيوني في باب العامود، وحي الشيخ جراح، والمواجهات التي غطت قطاع غزة وشملت سائر الأراضي التي يحتلها الكيان الصهيوني.

أولاً: لماذا باب العامود!

باب العامود! وما أدراك ما باب العامود!

إنه أحد المعالم المعمارية التاريخية المعروفة دولياً.

والمدخل الرئيس للـمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق.

وعلى درجاته يتم احتشاد الفلسطينيين للتنديد بالممارسات الإسرائيلية ولفضح الممارسات الساعية لتهويد المدينة.

وعلى درجاته أيضاً يتجمع الفلسطينيون لتنظيم الأنشطة الاجتماعية، ولإحياء ذكرى المناسبات القومية.

وفي الشوارع المحيطة بباب العامود تعقد العديد من الأسواق الهامة والحيوية التي تشهد رواجاً تجارياً كبيراً وتدر دخلاً للأسر الفلسطينية.

لكل ما ذكر من مزايا تحاول قوات الاحتلال الصهيوني بشتى السبل منع أي تجمعات للمقدسيين في منطقة باب العامود من خلال التفتيش المستفز، ومن خلال كاميرات المراقبة، وغير ذلك من السبل.

كما تسعى قوات الاحتلال الصهيوني لفض الأسواق وإغلاق المحلات في المنطقة المحيطة ليحل مكان كل ذلك أنشطة للمستوطنين الصهاينة.

إن السبب المُعلن لفض الأسواق وإغلاق المحلات هو القيام بأعمال البنية التحتية في المنطقة، ولكن الحقيقة هي غير ذلك تماماً، لذلك يأبى المقدسيون الاستسلام لهذا النهج الذي يسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع.

ثانياً: انتفاضة باب العامود 2021م

لقد بلغت حالة الاحتقان ذروتها في العاشر من رمضان عندما دعت “منظمة ليهافا اليمينية اليهودية المتطرفة”، لتنظيم مسيرة حاشدة إلى باب العامود تحت عنوان “الدفاع عن الشرف اليهودي” المزعوم، وهذا ما دفع المرابطين والشباب المقدسي الثائر إلى خوض معركة بطولية لإفشال مخططات الاحتلال ومستوطنيه، ولتلقينهم درساً أن المقدسات الإسلامية دونها الرقاب، وهذا ما تم بالفعل.

إن حدوث اللحمة الفلسطينية وترابط فصائل المقاومة، ودخول صواريخ غزة تضامناً مع انتفاضة باب العامود، كل ذلك أربك العدو الصهيوني وأذنابه وأفقدهم توازنهم، وأيقنوا أن السحر قد انقلب على الساحر حيث أصبح من المستحيل الاستفراد بأي فصيل من فصائل المقاومة في أي شبر من أرض فلسطين.

إن حدوث اللحمة الفلسطينية وترابط فصائل المقاومة، ودخول صواريخ غزة تضامناً مع انتفاضة باب العامود، كل ذلك أربك العدو الصهيوني وأذنابه وأفقدهم توازنهم، وأيقنوا أن السحر قد انقلب على الساحر حيث أصبح من المستحيل الاستفراد بأي فصيل من فصائل المقاومة في أي شبر من أرض فلسطين

ثالثاً: حي الشيخ جراح ومقاومة التهجير القسري

يقع حي الشيخ جراح خارج أسوار البلدة القديمة في القدس الشرقية، ويضم الحي العديد من المنازل والمباني السكنية الفلسطينية بالإضافة إلى العديد من المنشآت التجارية والمؤسسات، كما يوجد بالحي عدد من القنصليات من بينها القنصلية البريطانية والإيطالية والتركية.

أعلن الكيان الصهيوني مؤخراً عن مخططه الاستيطاني في حي الشيخ جراح، يتضمن المخطط بناء 200 وحدة سكنية لإسكان مستوطنين يهود، كما يستهدف تهجير المواطنين الأصليين من منازلهم لصالح المستوطنين اليهود، وهذا ما تمت مقابلته بالرفض التام من قبل السكان الأصليين، وهذا ما أشعل المواجهات ضد الكيان الصهيوني من كل فصائل المقاومة الفلسطينية، كما أحدث تعاطفاً وتضامناً دولياً واسعاً من كل شرفاء العالم من سائر الديانات والجنسيات والتوجهات.

رابعاً: ياغزتنا ياعزتنا يلا كمِّلي فزعتنا

إن هذا الهتاف كان بمثابة الشرارة التي وحدت صفوف المقاومة، وأشعلت لهيب المواجهة مع الكيان الصهيوني، لتزلزل الأرض تحت أقدام الصهاينة فلا يهنؤوا بعيش ولا يستقر لهم حال، وجعلتهم كمن يقف على صفيح ساخن لا يستطيع أن يقف بكلتا قدميه عليه.

لقد أمطرت المقاومة الكيان الصهيوني بوابل من الصواريخ أصابت الأماكن الحيوية والاستراتيجية وجعلت الصهاينة يهرعون إلى الملاجيء كالفئران المذعورة!

خامساً: نبذة موجزة عن الخسائر التي كبَّدتها المقاومة للكيان الصهيوني

إن تقديرات العدو الصهيوني للخسائر التي تكبدها تشير إلى أن هذه الخسائر تجاوزت خسائر عدوان عام 2014م الذي استمر لمدة 51 يوماً.

أما عن تفاصيل ذلك

قدرت الخسائر المادية اليومية للكيان الصهيوني بحوالي 60 مليون دولار نتيجة توقف المؤسسات والمصانع والشركات، ونتيجة لغياب العمال والموظفين عن العمل.

خسر الكيان الصهيوني استثماراته في مجال السياحة نتيجة للذعر المنتشر بين المواطنين ونتيجة لعدم توفر الأمن في المطارات والفنادق والشواطئ وغيرها.

وخسر الكيان الصهيوني استثماراته الأجنبية التي تقدر بمليارات الدولارات في مجال الصناعة والتجارة بعد أن أثبتت الأحداث أن دولة الكيان لم تعد بلد الأمن والأمان كما يروج الكيان لذلك.

وخسر الكيان الصهيوني أكثر من 20% من قيمة عملته خلال أسبوع واحد نتيجة لإغلاق البنوك ووقف التعاملات المالية.

وخسر الكيان الصهيوني أحد أهم خزانات النفط بعد اندلاع حريق ضخم في خطوط أنابيب النفط بين مدينتي عسقلان وإيلات بسبب صاروخ أطلق من قطاع غزة، وترتب على ذلك اتخاذ قرار بتوقف كل أعمال استخراج الغاز في منصة تمار الإسرائيلية للغاز الطبيعي خوفاً من تكرار ما حدث في مدينتي عسقلان وإيلات.

وخسر الكيان الصهيوني استثماراته في القبة الحديدية المزعومة حيث فشلت كل برامجها الالكترونية في التصدي لصواريخ المقاومة ذات المسارات اللولبية التي جعلت القبة الحديدية تركع أمام عبقرية تطوير صواريخ المقاومة بأقل وأبسط الإمكانيات.

إن كل ما سبق يهدد الكيان الصهيوني بـ

هجرة عكسية من الكيان الصهيوني قد تصل إلى مئات الآلاف أو يزيد.

وكل ما سبق أبطل المزاعم التي روَّج لها الكيان الصهيوني بأن جيشه لا يُقهر، وأن سلاحه يستعصي على الانكسار، وغير ذلك من المزاعم التى أثبت سلاح المقاومة كذبها وزيفها.

وكل ما سبق بيَّن للعالم زيف ادعاءات الكيان الصهيوني بأنه يريد السلام والتعايش السلمي وغير ذلك من الادعاءات الباطلة، لما رآه العالم من وحشية الكيان الصهيوني في قتل المدنيين، وتدمير المنشئات المدنية والطرق المؤدية إليها.

سادساً: نبذة موجزة عن الخسائر التي لحقت بقطاع غزة جرَّاء القصف الصهيوني

حسب الإحصائية الأولية التي نشرها المكتب الإعلامي الفلسطيني فإن قطاع غزة قد تكبَّد خسائر كبيرة وأضرار بالغة جرَّاء عدوان الاحتلال الصهيوني المستمر.

قامت طائرات الاحتلال ومدفعياته وبوارجه الحربية بشن أكثر من 1900 غارة واعتداء منذ بداية العدوان، طالت مختلف مناطق القطاع مما ألحق أضراراً بالغة على المباني السكنية والمقار الحكومية والبنى التحتية للقطاع والمقرات الإعلامية والمرافق السياحية، بالإضافة إلى إلحاق الضرر بشبكات 16 شركة اتصالات وإنترنت.

وأسفر العدوان عن ارتقاء قرابة الـ 250 شهيداً بينهم عشرات الأطفال والنساء والمسنين، بينما بلغ عدد الجرحى قرابة 2000 جريح، معظمهم من النساء والأطفال، كل ذلك بخلاف نزوح عشرات الآلاف من منازلهم بسبب القصف.

ورغم كل هذه الخسائر التي طالت القطاع بأكمله إلا أن ذلك لم يفت من عضد رجال المقاومة ولم يوهن عزيمتهم، وهم من يعتبرون أنفسهم وأهليهم مشاريع شهادة في سبيل الله وفي سبيل نصرة القضية العادلة التي يعيشون من أجلها.

إن كل هذه الخسائر لا تعتبر شيئاً في مقابل إرغام أنف قوات الاحتلال الصهيوني وإجباره على إعلان التهدئة من طرف واحد ليحفظ ما تبقى من كرامته، إن كان له كرامة!

إن كل هذه الخسائر لا تعتبر شيئاً في مقابل إرغام أنف قوات الاحتلال الصهيوني وإجباره على إعلان التهدئة من طرف واحد ليحفظ ما تبقى من كرامته، إن كان له كرامة

ولا تعتبر شيئاً في مقابل التأييد العالمي للقضية الفلسطينية وتضامن كل شرفاء العالم معها!

ولا تعتبر شيئاً أمام اعتراف الرئيس الأمريكي بايدن بالدولة الفلسطينية وإعلانه ذلك بقوله “الخلافات بين الاحتلال وفلسطين”!

ولا تعتبر شيئاً أمام شهادة العالم للمقاومة بأنها أكبر تأثيراً على الكيان الصهيوني من كل الجيوش العربية التي تمتلك ترسانات من الأسلحة بمئات المليارات.

سابعاً: الحق ما شهد به الأعداء

اعترف رئيس الوكالة الصهيونية والسفير “الاسرائيلي” السابق في واشنطن “سالي مريدور” بتحقيق حركة حماس والمقاومة الفلسطينية أربعة إنجازات هائلة في هذه الجولة من العدوان العسكري الاسرائيلي.

وإشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إلى هذه الانجازات نقلاً عن “سالي مريدور” وهي:-

أولاً: توحيد الجبهات ضد :إسرائيل”، لاسيما المواجهات التي تفجرت في مدن وبلدات عرب الداخل (فلسطين المحتلة).

ثانياً: حماس قدمت نفسها مدافعاً عن القدس وحرم المسجد الأقصى في نظر كل عربي ومسلم في العالم.

ثالثاً: تعزيز مكانة الحركة على الصعيد الفلسطيني على حساب السلطة الفلسطينية.

رابعاً: الكشف عن نقاط ضعف القبة الحديدية، في مواجهة وابل الصواريخ التي أطلقت من غزة.

ثامناً: ماذا بينكم وبين الله يا أهل غزة

تحاصركم دول العالم، وتعيشون في شظف العيش، وتحرومون من كل ما يسمونه رغد العيش، إلا أنكم تمتلكون عزيمة لو أرادت أن تنقل الجبال من مكانها لفعلت، بإذن ربها.

ماذا بينكم وبين الله يا أهل غزة
بأبسط الإمكانيات تعيشون، وبأبسط الإمكانيات تتعلمون وتنبغون، وبأبسط الإمكانيات تعالجون مرضاكم وتصنعون أسلحتكم التي يركع أمامها كيان لقيط إلا أن معظم دول العالم تدلله ولا ترفض له طلباً.

ماذا بينكم وبين الله يا أهل غزة
لم نسمع يوماً أن أحداً من قادتكم العسكريين ذهب ليتلقى تدريباً في أي من الكليات الحربية في العالم إلا أن قادتكم تفوقوا بجدارة على كل من توفرت لهم كل سبل الدعم في هذا المجال!

ماذا بينكم وبين الله يا أهل غزة
إنكم اللغز الذي حيَّر العالم وتقازمت أمامه كل القامات فما ملكت إلا أن ترفع لكم قبعة الاحترام وتأتي إليكم صاغرة ذليلة تستجدي قادتكم وتسمع لكلامهم وتخضع لشروطهم!

إن ما يمكنا قوله والتأكيد عليه هو أن حرب غزة مع الكيان الصهيوني ما هي إلا مقدمة لسلسلة من الانتكاسات والإخفاقات الصهيونية القادمة، وأن الكيان الصهيوني بدا كإمبراطورية أنهت توسعها، وتواجه الآن آلام التقلص والزوال.

وللحديث بقية في الجزء الثاني من نفس الموضوع إن شاء الله تعالى

(المصدر: موقع بصائر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى