مقالاتمقالات مختارة

من أين يستمد الإسلام قوته؟

من أين يستمد الإسلام قوته؟

بقلم أ. عبد القادر قلاتي

شاهدت كما شاهد غيري وصول عاملة الإغاثة الفرنسية صوفي بترونان والتي كانت محتجزة في مالي منذ 2016م، وقد استقبلها الرئيس الفرنسي ماكرون في المطار، وكان من المقرر أن يعقد مؤتمراً صحافياً بالمناسبة، لكن تصريح السيّدة بترونان، غيّر برنامج السيّد ماكرون الذي غادر المطار دون أن يعلق على هذا الحدث الهام بالنسبة للسياسة الفرنسية في مالي، أو بالنسبة لتوجهها القديم الجديد في إعادة النّظر في القوانين الفرنسية بالنسبة للوجود الاسلامي في فرنسا، لقد كانت السيّدة بترونان صريحة وواضحة، ولم تعلن إسلامها في مالي وهي مختطفة حتى لا يظن أنّها كانت مكرهة بل أعلنت إسلامها في فرنسا وأمام العالم، وقالت للصحافة لم أعد صوفي، لقد أصبحت مريم بعد أن اهتديت إلى الإسلام، ومنذ شهور رجعت فتاة إيطالية كانت مختطفة في الصومال إلى بلدها وهي تلبس اللباس الشرعي، وأعلنت أنّها مسلمة، وأزعجت بدورها السلطات الإيطالية التي استقبلتها في المطار، وتهجمت عليها الصحافة الإيطالية كعادة الإعلام الغربي عندما يتعلق الأمر بالإسلام، وقد نقرأ -أيضا – ما ستكتبه الصحافة الفرنسية في الأسابيع القادمة عن الأخت مريم.
ربما قصّة مريم وغيرها من الأوروبيين الذين يدخلون الإسلام، تطرح سؤالاً جوهرياً في غياب أجهزة الدعوة الإسلامية المحاصرة في العالم الإسلامي وفي العالم كلّه، وخصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وهو من أين يستمد الإسلام قوّته وهو يخضع إلى عملية صراع ممنهج حول وجوده في الغرب، منذ سنوات طويلة؟ وأكثر من ذلك حصاره حتى داخل المجال العربي الإسلامي، لكن عندما نسمع بأن الاسلام أكثر الأديان انتشار في العالم، ومن خلال احصائيات غربية، ندرك أنّ قوّة الإسلام ذاتية، وأنّ منطقه الديني يحمل مفاهيم صلبة أكثر عقلانية وأكثر إقناعا في الإجابة عن سؤال الوجود والغيب، فالإنسان الغربي -بالرغم من كثافة المفاهيم الابستمولوجية – لم يصل إلى القناعة المطلقة بالإجابات التي صاغتها المنظومة المعرفية الغربية عن الدين، بل كانت دائما تسعى إلى فكرة تجاوز المنطق الديني لصالح فكرة العلم، وتكريسها منطقاً نهائياً في الإجابة عن أسئلة الوجود والغيب.
إنّ قوة الإسلام تكمن في القدرة على الإجابة المختصرة، على أسئلة الإنسان المعاصر، دون الدخول في جدلية الحداثة والقديم، القائمة على منطق المفاصلة بين العالم القديم والعالم الحديث، التي اخترعتها الابستمولوجيا الغربية في نسختها الاستدمارية، التي تتحكم اليوم في العالم معرفياً، كما تتحكم فيه سياسياً.

(المصدر: صحيفة البصائر الالكترونية)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى