اسم الكتاب: منهاج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الفتن العامة.
اسم المؤلف: عبد الله بن عمر الدميجي.
عدد الصفحات: 197 صفحة.
الناشر: دار الهدي النبوي – مصر، دار الفضيلة – الرياض.
نبذة عن الكتاب:
يضج العالم من حولنا بالفتن خاصِّها وعامِّها, فتن تعرض على قلوب العباد كعرض الحصير, فتتقاذفها شبهاتها, وتعبث بها شهواتها, وتتشرب منها ما تتشرب, فيصبح الحليم فيها حيرانًا لا يلوي على شيء.
وفي خضم هذا البحر المائج من الفتن يبقى التعامل معها شيئاً ضروريًّا؛ وذلك للحدِّ منها قبل وقوعها, أو للخروج منها بعد الدخول فيها, والتقليل ما أمكن من نواتجها, وهنا يأتي دور أهل السنة والجماعة ليتعاملوا معها حسب منهاج مرسوم بينه القرآن الكريم, وأوضحته السنة الشريفة, وهذا المنهاج هو ما يتحدث عنه هذا الكتاب:
حيث تألف من أربعة فصول:
في فصل الكتاب الأول تناول المؤلف معنى الفتنة, وأنواعها, وخطرها, وأسبابها. وفي معناها يعرفها بما عرفها به الحافظ ابن حجر – رحمه الله – حيث قال: (أصل الفتنة الاختبار ثم استعملت فيما أخرجته المحنة والاختبار إلى المكروه ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالكفر والإثم والتحريق والفضيحة والفجور وغير ذلك) كما ذكر تعريفها عند الجرجاني الذي ينص أنها: (ما يبين به حال الإنسان من الخير والشر), كما ذكر الفرق بينها وبين الابتلاء, والعلاقة بين مدلوليها اللغوي والشرعي.
وفي ذات المبحث تناول المؤلف معاني الفتنة في القرآن والسنة, فذكر أن كلمة (فتن) ومشتقاتها ذكرت في القرآن في ثمانية وخمسين موضعًا, وأطلقت على حوالي خمسة عشر معنى أو تزيد, من أهمها الابتلاء والامتحان, والصد عن السبيل والرد عن بعض أمور الشريعة, والعذاب, والشرك, وغيرها. أما في السنة فأتت على معانٍ عدة من أهمها: القتال, ووقوع البأس بين الأمة, وما ينشأ من الاختلاف في طلب الملك.
وفي مبحث آخر من مباحث هذا الفصل تطرق المؤلف للنصوص المحذرة من الفتنة في القرآن والسنة, مبينًا أن أساليب النصوص القرآنية والنبوية تنوعت في التحذير من الفتن, لإحياء القلوب وإيقاظ النفوس, فجاءت في القرآن على صورة التحذير الصريح من الفتنة, والأمر باتقائها, والنهي عن الوقوع فيها, والتبكيت والتقريع لمن تسبب فيها, والتوبيخ والعجب ممن لا يعتبرون بالفتن, ويستبعدون وقوعها.
أما التحذيرات في السنة فجاءت كثيرة, ومنها الإخبار عنها مع التحذير منها واجتنابها, والثبات على الحق, ومنها الدعاء والتعوذ من مضلات الفتن الظاهرة والباطنة, والإخبار عما سيقع منها بين الصحابة وغيرها.
ثم تحدث المؤلف عن خطر الفتن على القلوب, وأنها أكبر ما تكون خطرًا على القلوب, كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا. فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء. حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا, فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض. والآخر أسود مربادًّا، كالكوز مجَخِّيا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا. إلا ما أشرب من هواه)).
انتقل المؤلف بعد ذلك إلى تعداد أنواع الفتن, ذاكرًا أنها نوعان:
- خاصة: وهي ما بينته السنة بـ ((فتنة الرجلِ في أهلهِ ومالهِ وولدهِ وجارهِ، تكفِّرُها الصلاةُ والصومُ والصدقةُ والأمرُ والنهيُ)).
- وعامة: وهي التي تعمُّ الصالحَ والطالحَ, والذكرَ والأنثى, والكبيرَ والصغيرَ. وعدد المؤلف عددًا منها.
بعد ذلك شرع المؤلف في ذكر الأسباب المؤدية للفتن, وذكر أن من أهمها وأعظمها, بل هو السبب الكلي الجامع لكل الأسباب الجزئية البعد عن الاستقامة على دين الله عقيدة وشريعة وأخلاقًا, كما ذكر من الأسباب كذلك ترك الجهاد في سبيل الله, بالإضافة إلى النصوص التي تبين أن ما يصيب المسلمين من الفتن والمصائب إنما يكون بسبب الذنوب والمعاصي والتقصير.
أما عن علامة من وقع في الفتنة فقد ذكر المؤلف عددًا من العلامات كأن يرى ما كان حرامًا بالأمس حلالًا اليوم أو العكس, وكالتلون في دين الله, واتباع المتشابه وعدم ردِّه إلى المحكم, والتسويغ للباطل والتعذير له.
وفي الفصل الثاني من فصول هذا الكتاب يتناول المؤلف السبل التي من شأنها أن تقود سالكها إلى برَّ النجاة من الفتن قبل وقوعها, فذكر من ذلك الاعتصام بالكتاب والسنة ظاهرًا وباطنًا, والتفقه في الدين, وإقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والدعوة إلى الله, والسعي إلى إزالة أسبابها قبل استفحالها, والاجتهاد في الإصلاح فيها, وتقليل أثارها عند وقوعها, ومما ذكره المؤلف كذلك الحذر من كيد الأعداء المتربصين من الداخل والخارج المثيرين الفتن, والمنتهزين لها لتحقيق أطماعهم.
أما في الفصل الثالث فكان حديث المؤلف منصبًّا على المخرج من الفتن في حال وقوعها, فذكر عدة مخارج منها: العودة الصادقة إلى الله تعالى, وذلك لا يكون إلا بتحقيق التوحيد الخالص, والاستجابة لأمر الله تعالى, وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم, والتوبة النصوح من جميع الذنوب, وإلى ما هنالك.
ومن المخارج التي ذكرها المؤلف أيضًا الإكثار من العبادة والعمل الصالح, ومنها كذلك لزوم جماعة المسلمين وإمامهم, ومنها الالتفاف حول العلماء الراسخين والهداة الناصحين, وتناول تحت هذه النقطة واجب العلماء عند حلول الفتن, كما عرف بالعلماء الربانيين, وعدَّدَ سماتهم وخصالهم.
ومن المخارج التي ذكرها المؤلف أيضًا لزوم التأني والتؤدة والثبات, ولزوم الصبر والمصابرة, وكف اليد واللسان, وملازمة البيت عند ورود المقتضى وغيرها من المخارج التي فصَّل فيها المؤلف تفصيلًا جيدًا.
وفي الفصل الرابع تناول المؤلف بالذكر ثمرات الفتن والحكم الإلهية فيها, فذكر أن لها حكم وفوائد وآثار جليلة تتجلى عند حدوثها ومن هذه الثمرات: تميز الصفوف, وتبين الصادق من الكاذب, وفضح المنافقين, وكشف أستارهم, كذلك امتحان الخلق, واختبار صبرهم, وعبوديتهم في السراء والضراء, وتقوية الإيمان في قلوب المؤمنين, وتثبيتهم, وتبيَّن الحق للسالكين وغيرها من الثمرات والفوائد.
الكتاب جيد ومفيد وننصح بقراءته، جزى الله مؤلفه خيرًا.
المصدر: الدرر السنية.