مقالاتمقالات مختارة

منطلقات الخروج بالصحوة الإسلامية من العزلة عن المجتمعات (1-3)

بقلم أبو بكر القاضي

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم أما بعد

فثمة أزمة تعيشها الصحوة الإسلامية في هذه الأيام و الإسلاميون في مجتمعاتهم و هي أزمة تواصل حقيقية بينهم و بين فئام الشعب و طبقات المجتمع المتفاوتة و حتى ما كان يميز الصحوة من تواصلها مع الشباب باتت هذه الميزة باهتة بعد الانفتاح المعلوماتي المهول الذي اقتضته ثورة الاتصالات الحديثة و عصر السماوات المفتوحة

بات الخطاب الدعوي المعاصر و بالأخص السلفي بعيدا تماما عن مفاهيم المجتمع و اهتماماته بات هنالك جفوة واضحة بين أبناء الفكر الإصلاحي السلفي و بين الشباب و الكهول و الشيوخ ، وبين المثقفين و النخب وبين من يرتاد مسالك الإعلام و الفن و الأدب حتى و لو في طريق فج في المخالفات الشرعية و الأخطاء المنهجية فهناك فجوة فكرية حتى في دعوتهم و أنهم محل دعوة و تغيير ..

أول منطلق لحل هذه الأزمة و الفجوة هو فهم عالمية الدين و كيف أن رسالة الإسلام رسالة عالمية الدين و كيف أن رسالة الإسلام رسالة عالمية قال تعالى : ” قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات و الأرض

و قال تعالى : ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

إذن قضية البلاغ قضية ليست مقتصرة على المتدينين بل و ليس حتى على المسلمين بل الأصل الانطلاق من دعوة المسلمين من التقصير اإلى الالتزام للانطلاق بهم لدعوة غير المسلمين في العالم لتكون كلمة الله هي العليا من خلال جهاد الكلمة والحجة والبيان و جهاد السيف و السنان بعد تحصيل و إعداد العدة و القوة ..

فهم طبيعة القرآن و خطابه العالمي الأممي تفتح آفاقا رحبة للعقول السليمة لاستيعاب عالمية الدعوة قال تعالى ” أو من كان ميتا فأحييناه و جعلنا له نورا يمشي به في (الناس) “

اسم لجنس لكل الناس المؤمن و الكافر و البر و الفاجر لا ينبغي أن تكون دعوتنا فئوية نخبوية هذا ينافي هذا المنطلق في فكرنا و تنظيراتنا و ينبغي أن يتمثل أيضا في السلوكيات و الآليات و ينافي منطلق الرحمة في فهم حاجة البشرية و حقوق الإنسانية في معرفة الله و التغذي بغذاء الروح الوحي الذي يخرجهم من الظلمات إلى النور ..

يقول المولى تبارك و تعالى : ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور و الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات

قال تعالى :” و كذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الإيمان و لكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا

فهم منطلق العالمية يجعلنا نحن أبناء الصحوة نفكر في وسائل ذلك و الخروج من الجمود و الأعراف و تطوير الأداء و الآليات و مواكبة المتغيرات مع الحفاظ على الأصالة و الثوابت و الخروج من نطاق التقليدية التي التي يخيّل للبعض أنه خروج عن الحشمة و الوقار بأعراف و عادات ما أنزل الله بها من سلطان .

نحن مطالبون بمخاطبة الناس على قدر عقولهم و ألا يكون حديثنا لبعضهم فتنة و أن يكون بلسان القوم

وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم

فالمقصد هو البيان للمنهج بكل معانيه مع الحفاظ على الركائز الأساسية لدعوة الرسل من التوحيد و النبوة و المعاد ، إذن كل الوسائل المنضبطة مطلوبة و أن تتفتق أذهاننا إليها بلا تقيد بطابع فرضه علينا الجمود لا الشرع ، علينا أن نعيد النظر في مسائل فرضها العصر و مستجداته لمواكبة لغته كالإنشاد و فن الرواية و المسرحية و الشعر و التمثيل و فن الرسم التصويري من غير ذوات الأرواح و التجريدي و الجرافيكس و الرسوم المتحركةو الصالونات الثقافية و الاختلاط بين الجنسين بقدر الحاجةو العمل السياسي و الأعمال ضمن الجمعيات المجتمعية و الاختلاط بالواقع خلطة مؤثرةو نبذ العزلة الشعورية التي تحياها الصحوة حالا و إن رفضتها مقالا و غير ذلك مما هو مطلوب منا إيجاد البديل الحقيقي كفعل لموجة ثقافية إسلامية متطورة لا كرد فعل لموجتهم المادية الملحدة التي تخدم ثقافتهم و أيدلوجياتهم المنحرفة ..

و لذلك هناك مسائل قد قفل الخلاف فيها على قول واحد ينبغي علينا من دراسة فقهية حقيقية و تطبيق فقه الخلاف و التمييز بين أنواعه و التأدب بآدابه لا أن نحاكم الناس لقول واحد و نقيم لهم محاكم تفتيش و ننزع عنهم الانتماء للمنهج السلفي الأصيل في ضوء ذاك القول

هذا هو المنطلق الأول و يتبعه إن شاء الله المنطلق الثاني..

(المصدر: موقع الإسلاميون)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى