منطقيّة التسليم للوحي
إعداد زيد أولادزيان
لقد نحَت المفكر الفرنسي جيل ليبوفتسكي مصطلح hypermodernité كتعبير عن “ما بعد الحداثة”، هذا المصطلح في تركيبه اللغوي المتضمّن لـ hyper التي تعني المبالغة والإفراط دالّ على توصيف ليبوفتسكي لما بعد الحداثة على أنّها امتداد للحداثة أو إفراط فيها.
هذا المدخل ضروريّ لنفهم ما بعد الحداثة، ليس بوصفها نمطًا مختلفًا عن الحداثة ومُصادمًا لها؛ باعتبار أن الحداثة تحيل إلى تقديس العقل والثبات والسرديات الكبرى، في حين تعبر ما بعد الحداثة عن إطار مفاهيمي مختلف يتعلق بالنسبويّة والسُّيولة والفردانيّة، لكن بوصف ما بعد الحداثة بأنها لا تزال محتفظة في جوهرها بالحداثة، ويمكن التعبير عنها كفرط حداثي. وهذا مُلاحَظ جدًّا، على الأقل على مستوى الواقع المحلي العربي؛ إذ مع نسبيّة المعرفة والحقيقة المنتشرة، لا زال تقديس العقل ماثلًا، ومع السّيولة واللايقين لا زالت هناك ثوابت حداثيّة متجمّدة. وهذا يرجع لطبيعة الإنسان المعقّدة التي لا يمكن أن تستبدل فكرًا بآخر بشكل سهل.
(المصدر: مركز نماء للبحوث والدراسات)