مناهضة أبو تريكة للشذوذ الجنسي.. عندما يصبح الدفاع عن الفطرة جريمة
إعداد ياقوت دندشي
عندما أطلق نجم المنتخب المصري السابق لكرة القدم محمد أبو تريكة، مواقفه المناهضة للترويج للشذوذ الجنسي في الملاعب، كان شديد البعد عن التكلّف، حرًّا، ينطق بما يمليه عليه دينه وما تقبل به الأخلاقيات التي نشأ عليها.
قالها بكل وضوح وبساطة، وبكلمات بعيدة تماماً عن أي شكل من “مساحيق التجميل” اللفظية، “ينبغي التصدّي لظاهرة الترويج للشذوذ الجنسي لأنه يخالف الفطرة الإنسانية، مهما قالوا لنا أن نسكت ونتغاضى ونتقبّل الأمر الواقع، دورنا كرياضيين أن لا نساهم في إدخال هذه الثقافات الهجينة إلى بلادنا بصفتها أمراً عادياً”!
ما كاد أبو تريكة ينهي كلامه، حتى وجد نفسه في مواجهة حربٍ شعواء ضدّه، يقودها الإعلام الغربيّ الداعم للشذوذ الجنسي من منطلق اعتباره ضمن خانة الحريات الإنسانية وحقوق الإنسان المكفولة في القوانين الدولية.
بين ليلةٍ وضحاها، تحوّل أبو تريكة من بطل محبوب له تاريخه المحترم في كرة القدم، إلى مناهضٍ لحقوق الإنسان يشكل “خطراً” على الإنسانية، لأن كلامه وفق ما اتهموه يحمل “خطاب كراهية”.
الحرب الشعواء التي تعرّض لها أبو تريكة، من قبل الإعلام الغربي، وصلت حد مطالبة قناة “بي إن سبورت” القطرية بإقالته من منصبه فيها كمحلل رياضي يظهر من استديوهاتها بعد المباريات التي تنقلها على الهواء مباشرةً.
من أشكال هذه الحرب ضد أبو تريكة، ما نقلته شبكة “ذا أثلتيك” البريطانية عن المتحدث باسم الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي ردّ على النجم المصري بالقول “نحن بصدق نختلف مع آراء النقاد، يلتزم الدوري الإنجليزي وأنديته بدعم مجتمع المثلية الجنسية، وإيضاح أن كرة القدم للجميع”.
من جانبها، رأت شبكة المناهضة للتمييز في كرة القدم (fare)، عبر حسابها الرسميّ في “تويتر” أنه “من المخيّب للآمال أن نرى الأسطورة المصرية محمد أبو تريكة يتجاهل حملة قوس قزح في الدوري الإنجليزي (الداعمة للمثلية)، ويستخدم المواقف الدينية للقيام بذلك، لقد حصل على مساحة لإنكار حقوق ووجود مجتمع دون اعتراض من (بي إن سبورت)”.
الهجوم على أبو تريكة لم يقف عند هذا الحد، فقد هاجمته منظمة “kick it out” لمكافحة التمييز، من خلال تصريحات لأحد أعضائها ويدعى “كريس باوروس” نقلتها صحيفة “الجارديان” البريطانية، وأدان فيها “التصريحات المعادية للمثليين بشكلٍ لا يُصدّق التي قالها محمد أبو تريكة، نحن ندعم ونتضامن مع أي فرد من أفراد المجتمع المثلي الذين تأثروا بها”.
وأعرب باوروس عن الشعور “بخيبة أمل شديدة وقلقون للغاية لأن (بي إن سبورت) قررت أنه من المناسب بث خطاب الكراهية هذا بالكامل عبر منصتهم. ونحثهم على إصدار اعتذار لمجتمع المثليين”.
وذهب “باوروس” إلى حد التطاول على قطر والتهديد المبطّن بتعريضها لاتهامات بتحمّل المسؤولية عن سلامة كل من قد يزورها العام المقبل من عشاق كرة القدم المنتمين إلى مجتمع الشاذّين جنسياً.
وفي هذا الإطار قال “بصفتها منبرًا قطريًا، فإن استعداد (بي إن سبورت) لتضخيم رهاب المثلية (الشذوذ الجنسي) بهذه الطريقة، يسلط مزيدًا من التركيز على سلامة أفراد مجتمع المثليين واللاعبين الذين قد يسافرون إلى قطر من أجل المشاركة في كأس العالم 2022، إلى جانب حرية القطريين من ذلك المجتمع”.
وأضاف أن منظمة “kick it out”وفي إطار تركيزها على هذه النقاط أنشأت “مجموعة عمل (قطر 2022) التي تعمل جنبًا إلى جنب مع جمعيات داعمة للمثليين (الشاذين جنسيا)، أمثال Stonewall وFootball V Homophobia وInside Inclusion، بتعزيز التضمين والأمن للجماهير في بطولة العام المقبل التي ستستضيفها قطر.
وكان أبو تريكة قد انتقد بشدّة مسألة دعم الدوري الإنجليزي الممتاز للشذوذ الجنسي من خلال ارتداء قادة الفرق المشاركة في الجولة الـ13 لشارات بألوان قوس قزح ترمز إلى الدعم المطلق للمجتمع المعروف باسم “مجتمع الميم”أو LGBT.
ومن المتوقع أن تتكرر هذه الظاهرة كما هو معتاد في الجولتين الـ 14 والـ 15 من كل موسم، حيث طالب أبو تريكة اللاعبين المسلمين في الدوري الإنجليزي بمناهضة دعم المثلية الجنسية عن طريق الامتناع عن المشاركة في هاتين الجولتين.
وكان أبو تريكة قد حذّر في تصريحاته التي أطلقها عقب مباراة تشيلسي ومانشستر يونايتد الأحد الماضي، من أن ينزلق اللاعبون المسلمون والعرب نحو التماشي مع هذه الحملات أثناء مونديال قطر 2022، حيث طالبهم بالتمسّك برفضهم إدخال هذه المظاهر إلى بيوت العرب أثناءها، مؤكداً على أنها مفاهيم تتعارض مع قيم وعادات وتقاليد في مجتمعاتنا.
وفي خضّم هذه الحرب على أبو تريكة، ارتفعت شعبية نجم كرة القدم المصري جرّاء هجمةٍ مرتدة تمثلت بدعم الشعوب العربية له، والتي غرّدت بأعداد هائلة معلنةً مساندتها لمواقفه الشجاعة، مهما اشتدت الهجمات ضدّه من كل حدبٍ وصوب.
وشكلت تصريحات أبو تريكة وما تعرّض له من اتهامات بالعنصرية وخطاب الكراهية، مادةً للتأكيد الشعبي على رفض تغلغل ظاهرة المثلية الجنسية من جهة، مروراً بالترويج لها، وصولاً إلى قمع حرية الاعتراض عليها واتهام من يقوم بذلك بمخالفة احترام حقوق الإنسان.
فهل باتت القوى الداعمة للشذوذ الجنسي والمروّجة له تتحكم بالرأي العام وتفرض عليه قبول قيمها تحت طائلة الاتهام بالعنصرية والترهيب؟
الأكيد أن المسألة ليست بوجود حالات الشذوذ الجنسي فقط، بل بوقاحة الترويج له والدعوة إليه، وكأننا أمام جهاتٍ تسعى للوصول إلى مجتمعات تتكوّن في معظمها من الشاذّين جنسياً بعيداً عن أي اعتبار للفطرة الإنسانية لدى الغالبية العظمى من البشر.
المصدر: وكالة أنباء تركيا