مقالاتمقالات مختارة

ملف المراجعات.. وأزمة الخطاب المزدوج!

ملف المراجعات.. وأزمة الخطاب المزدوج!

بقلم محمد عماد صابر

تناول العقلية الإصلاحية والكيانات الإصلاحية الإسلامية  لما لها من رصيد شعبي ما زال يراهن عليه إذا ما نجحت في التغيير والتطوير الذاتي، العقلية والكيانات الإصلاحية ليست كما ترى هي والكثير من أبنائها أن هناك ثمة موقف ضدها، العكس هو الكائن فهناك موقف لمساعدتها في الخروج من أزمتها الفكرية والمنهجية والتنظيمية، وأن تتخلص من نظرية المؤامرة بأن الجميع ضدها، العكس أن كثيرين ليسوا ضدها بل يراهنون عليها من خلال طرح بعض التحديات التي تعانيها بهدف التغيير والإصلاح الداخلي، ومنها  “ازدواجية  لغة الخطاب”.

فما زالت لغة خطاب عدد غير قليل من أبناء الحركة الإسلامية لم تتغير بعد، ما يؤكد أن الأفهام والأفكار كما هي لا تغيير ولا تجديد رغم ما عانيناه ونعانيه من كوارث وتداعيات للمواقف والأحداث.

ما زال البعض لا يرى إلا جماعته أو كيانه وأنها الحل الوحيد والأمل الفريد في الإصلاح والتغيير المنشود في حياة حرة كريمة، مع عدم وضوح الرؤية وسطحيتها في منظور الحياة الحرة الكريمة، وأنها حياته هو بفكره هو بغض النظر عما يناسب الآخرين في الحياة والحرية، بل ما زال هذا البعض يرى أن الأحزاب والكيانات الأخرى لا ثقة فيها ولا أمل منها.

هذا النمط ليس مقصوراً على العقلية الإصلاحية التنظيمية بل هو جزء من ثقافة وتركيب الشخصية العربية في العقود الأخيرة

أجواء بناء وتكوين العقلية الإصلاحية التنظيمية أجواء غير طبيعية يغلب عليها السرية لا العلنية والتورية لا التصريح والإبهام لا التوضيح. قد يعود هذا لعدة عوامل منها قمع واستبداد أنظمة حكم العسكر منذ خمسينيات القرن الماضي حتى اليوم ومنها أفكار وأفهام ووسائل وإجراءات الكيانات الحزبية والتنظيمية القائمة.

هذا النمط ليس مقصورا على العقلية الإصلاحية التنظيمية بل هو جزء من ثقافة وتركيب الشخصية العربية في العقود الأخيرة، حكاما ومحكومين، معارضين ومؤيدين، عندما يتكلم الحكام للشعوب بلغة ومع المسؤولين بلغة، وإلى الخارج الأجنبي بلغة، وربما مع الخارج هي أوضح وأدق وأصح ما يملك الحكام لأنهم إن استطاعوا الكذب على الشعوب لا يملكون الكذب مع الأجنبي الذي يعرفهم أحيانا أكثر من أنفسهم، من هنا تأتي التسريبات على الجميع حكاما ونخبًا، عندما يقولون في الخفاء ما لا يستطيعون قوله في العلن.

العقلية الإصلاحية التنظيمية جزء من ثقافة وتكوين شعوب المنطقة، عندما تتعدد لغات الخطاب، لغة بين أعضاء الكيان أو التنظيم، ولغة بين قيادات ومنصات الإدارة والتوجيه، ولغة مع عموم جمهور المؤيدين الداعمين ولغة مع الخصوم المشاكسين، ولغة مع أنظمة الحكم المستبدين، وهكذا.

تابع إن شئت تصريحات وتعليقات بقايا القيادات والقواعد على شبكات التواصل حين تجد عدد غير قليل، يدعو لأنماط ممارسة بعينها يغلب عليها مضمون عام يدعو إلى محاولة استيعاب المخالف لحين تتهيأ الفرص فيتم الانقضاض لتحقيق الأهداف وأحيانا بخلفيات شرعية من وجهة نظر البعض وكلام كثير يحوي هذا المضمون الخطير.

هذا النهج قد يكون مشروعا في مواقف نادرة ومحدودة، لكن أن يكون منهج حياة لشعوب وحكام ونخب؟ فهذا يؤشر لخلل ضخم في البناء والتكوين الذي يؤدي لعدم الرهان على الأشخاص والكيانات التي يأمل فيها الإصلاح والتغيير.

ازدواجية بل تعدد لغة الخطاب يترتب عليها النيل من الثقة في النفس والغير سواء بسواء، ما أوجد شروخا وتصدعات في بناء التحالفات وتمدد العلاقات خارج وداخل الكيانات

لذا على الدعاة والمصلحين أن يضبطوا لغة خطابهم، وأن يكونوا صرحاء مع أنفسهم وغيرهم وأن يلتزموا الجرأة والشجاعة، وأن يعلنوا ما يريدون صراحة ويتحملوا مسؤوليته، وأن يتخلوا عما يخجلوا منه لتبقى الصفحات نظيفة والوسائل شريفة شرف الأهداف والغايات المعلنة.

(المصدر: الجزيرة)

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى