أحمد الأمين – الجزيرة.
تجديد العهد للقدس ونصرتها، والوقوف مع الشعب الفلسطيني ودعمه، وتنسيق جهود الهيئات والمنظمات الأهلية من أجل التصدي لمحاولات إسرائيل للتغلغل في القارة الأفريقية، واستنهاض شعوب القارة وتعبئتها للمشاركة في هذا المجهود، كلها قرارات خرج بها ملتقى القدس الثاني الذي اختتم بالعاصمة الموريتانية نواكشوط.
وشارك في الندوات والنقاشات بالمنتدى -الذي استمر ثلاثة أيام- مسؤول العلاقات الدولية بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، ووفود من 12 بلدا أفريقيا، وشخصيات فلسطينية.
المشاركون في الملتقى، المنظم من قبل الرباط الوطني لنصرة الشعب الفلسطيني بموريتانيا، قرروا إنشاء إطار تنظيمي دائم للمتابعة والتنسيق بين الهيئات الأهلية في الغرب الأفريقي، بهدف تعزيز العمل المشترك لنصرة القدس.
وأكد الملتقى نشر الوعي بقضية فلسطين في أوساط الشباب والقوى الحية في المجتمعات الأفريقية، للانتقال بالموقف السياسي الرسمي في بلدان القارة إلى مستوى الفعل الجماهيري، وتطلعات الشارع الداعم لنضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
حضور أفريقي
واتفقت الهيئات المشاركة في الملتقى على محاور كبرى لبرنامج عمل مستقبلي لنصرة القدس وفلسطين، ينقل الجهود من المستوى الفردي المحلي إلى العمل الإقليمي المنسق، حسب تعبير القيادي بالرباط الوطني أحمد ولد وديعة.
وقال وديعة في حديث للجزيرة نت إن الملتقى كان هدفه إحداث مستوى من التعبئة واستنهاض هذا الجزء المهم من الأمة في القارة الأفريقية لقضية القدس وفلسطين، معربا عن اعتقاده بأنه نجح في ذلك إلى حد كبير، “فمستوى الحضور يعكس ذلك، والنتائج النهائية تؤكده”.
الحضور الأفريقي الوازن في الملتقى أبرز اهتماما من القارة بقضية فلسطين، وأكد أنها لا تزال حاضرة في الساحة، رغم ما لحقها من تشويه بسبب سياسات التطبيع العربي مع إسرائيل، والحملات الدعائية المركزة من الاحتلال المدعوم بآلة الإعلام الغربي الموجه.
لكن العروض التي قدمت خلال الملتقى، وتجارب بعض التنظيمات، كشفت نقاط ضعف استطاعت إسرائيل استغلالها للتسلل للقارة الأفريقية، من أبرزها غياب المعلومات الصحيحة حول القضية الفلسطينية، والالتباس الذي أحدثته اتفاقيات السلام بين إسرائيل وبلدان عربية.
فهم مغلوط
ولاحظ متدخلون كثر من بلدان عدة أن أكبر تحد يواجهونه في التصدي لمحاولات إسرائيل للتسلل للقارة هو الفهم المغلوط لطبيعة القضية الفلسطينية.
ويقول رئيس جمعية الرحاب للتنمية البشرية بالسنغال عرفان ديوف إن “اختزال القضية الفلسطينية في بعدها العربي، وتبنيها من النظام الرسمي على أنها قضية عربية صرفة أضر بها، وعقَّد مهمة المدافعين عنها في أفريقيا”.
ويضيف عرفان في حديث للجزيرة نت أنه “في ظل وجود علاقات دبلوماسية إسرائيلية مع بلدان عربية قريبة جغرافيا من فلسطين وأخرى في قارتنا يصبح من الصعب إقناع الشارع في دول أفريقية كثيرة بضرورة مقاطعة إسرائيل ورفض العلاقة معها”.
ويرى عرفان أن مواجهة محاولات إسرائيل للتغلغل في أفريقيا تتطلب أولا التعريف بالقضية، ونشر الوعي بحقيقتها في أوساط الشباب والنخب الجامعية، وإزالة ما لحق بها من تشويه جراء التطبيع الفلسطيني والعربي مع الكيان الصهيوني.
وأكد مشاركون أفارقة في الملتقى أن غياب إعلام ناطق باللغة الفرنسية مناصر للقضية الفلسطينية أسهم في غياب الوعي بحقيقتها، مما وفّر للإسرائيليين وضعا ملائما لتمرير خطاب إعلامي مشوه، يقدم المقاومة الفلسطينية على أنها عصابات إرهابية، ترفض السلام رغم قبول السلطة الفلسطينية والعرب به.
وبقدر ما أكد الملتقى اهتمام الأفارقة بالقدس وقضية فلسطين، فإنه كشف ثغرات كبيرة استطاعت إسرائيل التسلل منها إلى القارة السمراء، في ظل غياب كامل للنظام العربي الرسمي، وتراجع ملحوظ في أدوار المنظمات والهيئات العربية والإسلامية.