مكانة الشّهداء في دين خاتم الأنبياء (١)
بقلم أ. د. محمّد حافظ الشريدة (خاص بالمنتدى)
الحمد للّه الذي أكرمنا بدين الإسلام والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّد خير الأنام وعلى آله وأصحابه الغرّ الميامين الأعلام ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين أمّا بعد: فيقول مولانا ربّ العالمين: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ويقول تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ ٱللّهِ أَمْوَٰتٌۢ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ﴾ ويقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ ويقول رسول اللّه ﷺ: {وَالَّذي نَفسِي بِيَدِهِ لَولا أنَّ رِجالًا مِن المؤمِنينَ لا تَطيبُ أنفسُهُم أن يَتَخلَّفُوا عَنِّي وَلا أجِدُ ما أحمِلُهُم عَليهِ ما تخَلَّفتُ عَن سَرِيَّةٍ تغزُو في سَبيلِ اللّهِ وَالَّذي نَفسِي بِيَدِه لوَدِدتُ أنِّي أُقتَلُ في سَبيلِ اللّهِ ثمَّ أُحيَا ثمَّ أُقتَلُ ثمَّ أُحيَا ثمَّ أُقتَلُ ثمَّ أُحيَا ثمَّ أُقتَلُ} ويقول ﷺ: {مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلاَّ الشَّهِيدَ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى} ويقول جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما: لَقِيَنِي رَسُولُ اللّهِ ﷺ فَقَالَ لِي: يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا قَالَ: أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللّهُ بِهِ أَبَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: مَا كَلَّمَ اللّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يُرْجَعُونَ قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا الآيَةَ﴾ وَعَن مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللّهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ فَقالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: {أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً فَقَالَ: هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا: يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا} وَقيلَ لِلنّبيّ ﷺ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيدَ؟ فَقالَ: {كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً} ما دام الرّزق والأجل بيد اللّه عزّ وجلّ: فلا نامت عين المنافق الوجل؟!