عندما يبلغ الإنسان ثلاثة وتسعين سنة وقد أمضى أكثر من سبعين سنة منها في العلم والدعوة والعطاء والإصلاح، ثم عندما تسأله وهو في هذا العمر عن أحواله وانشغالاته يتحدث إليك بكل إقبال وحماس وإيجابية عن مشاريعه العلمية وهمومه الدعوية الإصلاحية ويطلب منك الدعاء بأن يتمم الله عليه النعمة حتى ينتهي مما تبقى من هذه المشاريع، وأنت تراه وهو لا يزال يجلس في مكتبه يراجع الكتب ويكتب ويحاور ويناقش، لا شغل له إلا بالعلم ولا مكان في حياته للحديث عن خصومه وأعدائه الذين ملأوا الدنيا كذبا وزوراً وحسدا وحقدا عليه، فإنك عندها توقن أنك أمام مشهد من مشاهد التوفيق الإلهي لعبده الفقير ولا نزكي على الله أحدا.
هذا هو حال شيخنا الإمام يوسف القرضاوي – حفظه الله – أثناء زيارتي له قبل يومين في مكتبه في الدوحة وهذه هي أحواله وهمومه وانشغالاته.
ولقد أهديته في هذه الزيارة آخر المنتجات العلمية لمنتدى العلماء الذي أتشرف برئاسته، وهو كتاب عظيم في بابه بعنوان: التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم في دولة واحدة، لفضيلة الشيخ الدكتور سورحمن هدايات.