مقالاتمقالات المنتدى

مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم | (4) العلم

مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم | (4) العلم

 

بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)

 

فضل العلم

العلم بالله تعالى وبشرعه أعظم من أن يحاط بفضله، أو يدرَك جليل قدره؛ إذ تعلمه لله عبادة، ومذاكرته تسبيح، وطلبه والبحث عنه جهاد، وتعليمه صدقة، وبذله لأهله قربة، وهو الأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة.

بالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار، والدرجات العلى في خير دار؛ إذ ما عبد الله بشيء أفضل من العلم، وكل عبادة لا تصح إلا بالعلم.

وإنما يُتَلقى العلم من مصدره، القرآن الكريم والسنة المطهرة، وخير العلم ما أورث الخشية، وبالخشية وصف الله العلماء، قال تعالى: 

وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلْأَنْعَٰمِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَٰنُهُۥ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَٰٓؤُا۟ ۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ
(35 : 28)
[فاطر: 28].

 

فضل العلماء الربانيين

والعلماء الربانيون بعلمهم يعملون، وبالحق يصدعون، فهم خلفاء الرسول ﷺ في أمته، وهم المحيون لما مات من سنته، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى.

بهم قام الكتاب وبه قاموا، وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، فهم أهل الحديث والأثر، وهم أهل الفقه والنظر، قال تعالى:

أَمَّنْ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيْلِ سَاجِدًۭا وَقَآئِمًۭا يَحْذَرُ ٱلْءَاخِرَةَ وَيَرْجُوا۟ رَحْمَةَ رَبِّهِۦ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَٰبِ
(39 : 9)
[الزمر: 9].

 

منهجية التعليم

وفي منهج التعلُّم يتأكد التلقي عن الأكابر بالمشافهة ما أمكن، والتدرج في سلَّم التعليم؛ إذ الربانيون يعلِّمون بصغار العلم قبل كباره، وبأصوله قبل فروعه، ويعتنون بعلوم الغايات، ولا يهملون علوم الوسائل والآلات.

ويتأكد على العلماء العاملين صرف الهمة إلى الجوانب المثمرة من العلوم، والبعد عن الترف الفكري والجدال العقيم؛ فكل مسألة لا ينبني عليها عمل قلبي أو بدني، فالخوض فيها خوض فيما لم يستحسن شرعًا.

وتتأكد عند التعليم البداءة بعلوم التوحيد والإيمان، ثم التثنية بالفقه والأحكام، على قواعد منهج السلف والأئمة في التلقي والاستدلال، مع العناية بمقاصد الشريعة الغراء، وقواعدها الفقهية والأصولية على حد سواء.

وعلى العلماء والفقهاء واجب في التأصيل لنوازل المسائل، وقد كانت همة أكابر العلماء إلى العناية بالتأصيل مصروفة، وجهودهم في استنباط أحكامها معروفة، وهذا يقتضي جهدًا في تكوين الملكة الأصولية والفقهية تأصيلًا وتصويرًا، وتقريرًا وتفصيلًا.

وعلماء الأمة الربانيون بأسباب الإصلاح والتغيير يعتنون، وبدراسة سنن الله في التمكين يتفقهون، وبالسياسة الشرعية وفقهها ينتفعون، وأمتهم ينفعون.

قال تعالى:

مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا۟ عِبَادًۭا لِّى مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَٰكِن كُونُوا۟ رَبَّٰنِيِّۦنَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ
(3 : 79)
[آل عمران: 79].

 

منهجية التربية

والربانيون من العلماء يتفقدون طلبة العلم ويربونهم، ومن المزالق يحذرونهم، وينهون الطالب عن توقرٍ قبل أوانه، وتعصُّبٍ لمذهبه ورأيه أو علماء زمانه، كما ينبهون إلى خطورة السطحية في فهمه وفقهه، وعن الولوع بالغرائب.

ويمنعون الطالب من التصدُّر قبل التأهل، ومن التعالم والجدال المذموم، وينهونه عن الميل إلى التعسير والتشديد، وعن الجنوح جهة التساهل والتفريط،  وكما يطالبونه بالانقباض عن فتنة السلطان؛ ينهونه عن العزلة عن واقع الأمة، وعن الانفراد بالشذوذات في الفتاوى والأحكام.

والربانيون ورثة علم النبي ﷺ، وخلفاؤه في رعاية أمته، ينشرون سنته، ويعلِّمون هديه، ويودعون علومهم عند نظرائهم، تعليمًا وتزكية.

قال تعالى:

كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًۭا مِّنكُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُونَ
(2 : 151)
[البقرة: 151].

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى