مقتطفات من كتاب (الإسلام ثوابت ومحكمات) للدكتور محمد يسري إبراهيم | (11) الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف
بقلم د. محمد يسري إبراهيم (خاص بالمنتدى)
الدعوة إلى الله، فضلها وموضوعها
الدعوة إلى الإيمان بالله وحده حياة ونجاة، وهي من خير الأعمال وأولاها عند الله، وأهلها القائمون بها من أعظم الناس ثوابًا وأعلاهم مقامًا؛ لقيامهم بوظيفة المرسلين.
والدعوة إلى الله ودينه الحق فريضة محكمة، بها إقامة الدين وعز المسلمين، ووجوبها بحسب استطاعة المكلفين.
وموضوع الدعوة هو الإسلام، من حيث سوقُ الخلق إلى الدين الحق، فالدعوة عالمية تتجاوز حدود الزمان والمكان والإنسان.
وهي دعوة شاملة في موضوعاتها ومعالجاتها، تهدف إلى استفاضة البلاغ بحقائق الإسلام، وتصحيح المفاهيم، واستبانة المحَجَّة وإقامة الحُجَّة، والسعي للتمكين على بصيرة.
قال الله تعالى:
أحكام وسائل الدعوة
والاتباع في شأن الدعوة أمر واجب وحتم لازم.
ووسائل الدعوة المنصوصة لا خلاف على مشروعيتها، وغير المنصوصة اجتهاديةٌ مصلحية معقولة المعنى، فهي ليست توقيفية ولا تعبدية، والأصل فيها الإباحة.
فكل وسيلة لم يمنعها نصٌّ، وكانت مُحَقِّقة لمقصودها، ولم يغلب حرامها حلالها فهي مشروعة.
قال الله تعالى:
رعاية الأولويات في مسيرة الدعوات
يتعين رعاية الأولويات في مسيرة الدعوات بميزان شرعي، وتقديم أولوية إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، والردُّ إلى الأمر الأول لإصلاح الشأن الحاضر، والانتماء إلى أهل السنة والأمة قبل طوائف الدعوة، والعناية بالكيف المنظم قبل الكَمِّ المبعثر، والقلَّةُ محكمةُ البناء والتربيةِ مقدَّمةٌ على الكثرة الغثائية.
فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاد الدعوة الدائم، وواجبها الذي لا قيام للدين بدونه، ولا اعتصام بحبل الله إلا على هداه، ولا تتحقق الولاية بين المؤمنين إلا به.
فهو سبيلُ صيانةِ الحرمات، وحفظِ أمن المجتمعات، وبإقامته على وجهه استحقت هذه الأمة الخيرية.
قال الله تعالى:
أحكام الاحتساب
والاحتساب فرض على الكفاية، وقد يتعين في مواضع، وكلُّ منكر موجودٍ في الحال، ظاهرٍ للمحتسب بغير تجسس، معلومٍ كونُه منكرًا بغير اجتهاد- فالإنكارُ فيه واجبٌ، وحسمه لازم، بما لا يؤدي إلى حصول مفسدة أكبر، أو فوات مصلحة أكبر.
وعند تزاحم المصالح والمفاسد وتعارضِها يُطْلب الترجيحُ بينها بميزان الشريعة، وهو أمر موكول إلى أهل العلم الموثوقين فقهًا ووعيًا وورعًا.
وينبغي على الآمر الناهي أن يكون عليًما حليمًا، رفيقًا حكيمًا، متدرجًا في الإنكار، حَسَنَ التأتي، بصيرًا بمآلات الأمور صبورًا.
قال الله تعالى:
اعتبارات واقعية في ممارسة الاحتساب
ولا امتراء في أن الحاجة إلى التألُّف والمداراة اليوم أمسُّ، والإنكار على المنكرات الكبار أخصُّ، وأن ما يزول من المنكرات باللسان لا يجوز إزالته باليد، وما زال بالتعريف لا يزال بالتعنيف!
ويشترط في الإنكار باليد أن يكون مقدورًا عليه وعلى تحمل تبعاته، وألا يزول بيد فاعله، وألا يفضي إلى فتنة أو مفسدة أو منكر أكبر.
ومهما تكن من عقبات في سبيل إقامة واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن أهل الإيمان لا يتقاعسون عنه، ولا ينكِلُون عن القيام به.
قال الله تعالى: