عنوان الكتاب: مفهوم المجتمَع المدني والدولة المدنيَّة – دراسة تحليليَّة نقديَّة
النـاشــر: مجلة البيان – مركز البحوث والدِّراسات
الطبعة: بدون
سـنة الطبـع: 1435
عدد الصفحات: 127
التعريف بموضوع الكتاب:
ما زالت الأمَّة – في زمَن العجز – تستورد مفاهيمَها, وتجلب أفكارَها من عدوِّها, إمَّا بتطويع هذه الأفكار المستوردة، حتى تصبحَ قريبةً من مفاهيمها, أو بإحلالها مكانَها واستبدالها بها.
وممَّا استوردته الأمَّة اليوم مصطلح ما يُعرف بالدولة المدنيَّة والمجتمع المدني, وهو مُصطلح يقوم على مبانٍ فكريَّة ثابتة، ولها دلالاتٌ ومآلات لا تنفكُّ عنها، ولا تقوم لها قائمةٌ بدونها.
وكتاب هذا الأسبوع دراسة وتحليل لمفهومَيِ المجتمع المدني والدولة المدنيَّة؛ لتوضيح القواعد الفكريَّة التي تنبني عليها.
وقد تألَّف الكتاب من فَصلين:
أمَّا الفصل الأول: فكان للحديث عن مُصطَلح المجتمع المدني, حيث ذكَر المؤلِّف أنَّ “إهنبرغ” أشار إلى أنَّ مفهوم المجتمع المدني (مفهوم ضبابيٌّ ومطَّاط، على نحوٍ لا مناصَ منه، بحيث إنَّه لا يوفِّر بسهولة قدرًا كبيرًا من الدقَّة).
ثم بيَّن المؤلِّف أنَّ المجتمع المدني عند بعض مَن عرَّفه ليس الجمعيَّات والمؤسَّسات التي تمارس أنشطةً مختلفة داخلَ دولة، بل هي المؤسَّسات التي تمارس عملًا محدَّدًا ينطلق من قواعدَ فكريَّة محدَّدة، ويخدم رؤيةً عقديَّةً معيَّنة تربط وجودَ المؤسَّسات بتحقيق أغراض معيَّنة لحلِّ العديد من المسائل السياسيَّة.
ثم يخلُص المؤلِّف على أنَّ المجتمع المدني مجتمعٌ له غاية من وجوده تتمثَّل في بناء الديمقراطيَّة؛ فهو يحمل دلالاتٍ أيديولوجيَّةً تُبنَى على الرؤية الليبراليَّة القائمة على الربط بين وجود المجتمَع المدني والديمقراطيَّة.
ثم ينتقل المؤلِّف بعد ذلك للحديث عن نشأة مفهوم المجتمع المدني, وعن القواعد التي يُبنى عليها المجتمع المدني، وهي:
1- اللَّادِينيَّة: حيث أوضح المؤلِّف أنَّ اللادينية تُعدُّ الجذرَ الفكري الأساسي لكلِّ المفاهيم التي بُنيت عليها الحضارة الغربيَّة, وأنَّ المناداة بتبنِّي مفهوم المجتمع المدني في المجتمعات الإسلاميَّة تَعني بالضرورة تبنِّي قاعدته الفكريَّة الأساسيَّة، ألا وهي اللَّادِينيَّة؛ فيجب من أجل قيام مجتمع مدني أن تكونَ البيئةُ الحاضنة له بيئةً مفصولةً عن الدِّين لا تمُتُّ إليه بصِلة.
كما بيَّن المؤلِّف أنَّ المناداة بتبنِّي مفهوم المجتمع المدني لمحاربةِ الاستبداد تؤدِّي إلى تبنِّي مفاهيمَ مناقضةٍ للشرع الإسلاميِّ، يصبح الداعي إليها كالمستجير من الرَّمْضاءِ بالنَّار.
2- الديمقراطيَّة: ذكَر المؤلِّف أنَّها تُعدُّ الركيزةَ الثانية من ركائز المجتمع المدني، كما أوضح أنَّ ثمَّةَ علاقةً طردية بين الديمقراطيَّة والمجتمع المدني، مؤدَّاها أنَّه متى ما ترسَّخت أُسس الديمقراطيَّة تدعَّمت مؤسَّسات المجتمع المدني، ومتى ما انحسرتِ الديمقراطية تراجعتْ مؤسَّسات المجتمع المدني.
أمَّا ما يتعلَّق بالدِّين والعقائد، فتبني المجتمع المدني للديمقراطيَّة أدَّى إلى بروز مفهوم نِسبيَّة الإيمان، التي بموجبها تتحوَّل العقائد التي يحملها الفردُ إلى هُويَّات دِينيَّة؛ ممَّا يجعل الدعوةَ إلى الدِّين من الأمور المستحيلة؛ لخروجه من كونه عقيدةً ملزمة إلى هُويَّة يحملها أفراد، ففي المجتمع المدني الديمقراطي التعدُّدي لا يوجد دِينٌ موحَّد واحد؛ وذلك لتناقُض الأمر مع التعدديَّة الدِّينيَّة.
ثم قدَّم المؤلِّفُ رؤيةً نقدية لمفهوم المجتمع المدني، أوضح فيها أنَّ المجتمع المدني عبارةٌ عن مفهوم محدَّد له رُؤى وقواعد لا يَحيد عنها، وهي: اللَّادينية, والديمقراطيَّة الليبراليَّة, والتعدديَّة, وهو ما ينفي كونَه وسيلةً محايدة لتنظيم شؤون المجتمع؛ وذلك لارتباطه بدلالاتٍ فكريَّة، وأُطر أيدلوجيَّة محدَّدة.
وفي الفصل الثاني: تحدَّث المؤلِّف عن الدولة المدنيَّة، التي اعتبرها الوعاءَ الفكري للمجتمع المدني؛ وذلك لأنَّ وجود المجتمع المدني ونماءَه يَقتضيانِ وجود دولة مدنيَّة تحتضنه، وتُرسِّخ جذوره في المجتمع, فعرَّفها, وبيَّن نشأة مفهومها.
ثم تحدَّث عن اللَّادِينيَّة والدولة المدنيَّة, حيث بيَّن أنَّ أغلب الباحثين يؤكِّدون على أنَّ هناك تلازمًا بين (الدولة المدنيَّة) واللادينيَّة؛ حيث لا دِين في الدولة المدنيَّة، ولا دولة مدنيَّة بدِين؛ فهي دولة لا دِينيَّة، لا عَلاقة لها بالدِّين بأحكامها وتشريعاتها, ولا يُمثِّل الدينُ مرجعيَّة لها تحتكِم إليه.
كما تناول المؤلِّفُ بالحديث الموقفَ من الدول المدنيَّة, ووجَّه رؤيةً نقديَّة لمفهومها.
ثم ختَم المؤلِّف كتابه بخاتمة طرح فيها سؤالًا مؤدَّاه: هل تصلُح هذه المفاهيمُ في الدولة الإسلاميَّة، التي تُطبِّق أحكامَ الشرع في واقع الحياة؛ ليخلص – بناءً على كلِّ ما سبَق – إلى أنَّ تبنِّي مفاهيم الغرب عن الحياة من مدنيَّة ولا دِينيَّة لا يتَّفق ألبتةَ مع أحكام الإسلام، التي تقوم عليها الدولةُ الشرعيَّة, ومِن ثَمَّ يُصبح تبنِّيها مخالفةً صريحةً لأحكام الشَّرْع.
والكتاب على صِغَر حجمه إلَّا أنه نافع جدًّا، وجديرٌ بالقراءة والتأمُّل.
(المصدر: موقع الدرر السنية)