دعا المفكر السوري عبد الكريم بكار، النخب العربية المتواجدة في إسطنبول إلى التلاقي والتنظير لاستشراف مستقبل دول المنطقة العربية.
واعتبر أن الحالة العربية القائمة حاليا تعبر عن عقم الجهود الثقافية المبذولة، مشددا على أنه لن نحصل على شيء قبل الخلاص من الاستبداد، واعتماد الحوار للبحث عن القواسم المشتركة لإنقاذ أمتنا.
وأشار بكار في مقابلة مع الأناضول في إسطنبول التي استقر بها، إلى أن التواصل بين النخب العربية على اختلاف أقطارها، ينبغي أن يكون مسؤولية النخب في إسطنبول، للتخطيط للمستقبل بشكل أفضل.
وشكر المفكر والداعية الإسلامي تركيا لأنها “فتحت صدرها لاستقبال الجالية العربية”.
بكار تابع شرح وجهة نظره بالقول “الرؤية العملية هي التي تتولد من الخبرة والتجربة، والمنطقة بشكل عام عاشت حالة من التصحر السياسي، على مدى الـ 60 سنة الماضية”.
وزاد موضحا “ابتلينا بحكم عسكري لا يسمح بتشكيل الأحزاب، وهذه الأحزاب تدفع باتجاه الرؤى المثالية غير القابلة للتطبيق”.
ورأى أن الحالة العربية الراهنة تعبر عن عقم الجهود الثقافية المبذولة، وعن وضعية مريضة، وهي وضعية الاستبداد الذي خيم كثيرا على المنطقة، وجعل كلام المثقفين بلا فائدة، أو جعلهم ينقسمون ويتمترسون خلف آرائهم.
المفكر السوري طالب المثقفين بـ “قيادة الأمة إلى بر الاستقرار”، مشددا بقوله “لن نحصل على أي شيء إلا بالخلاص من الاستبداد”.
وحذر من أنه إذا لم نلجأ إلى التفاوض والحوار فيما بيننا، فإن ذلك سيؤدي إلى “حرب داخلية باردة”، وبالتالي حرب ساخنة، وهذا الكلام موجه إلى جميع شؤون حياتنا، السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وأضاف أن أكثر ما يتجادل فيه الناس حاليا علاقة الدين بالدولة، أين يلتقيان؟ وما هو تأثيرهما؟ ودور كل منهما في الإصلاح، وما دور الدولة في الإصلاح؟ وهذه النقطة هي المحك بين الإسلاميين وغيرهم.
بكار تطرق إلى كتابه في هذا الشأن، والذي يمثل دعوة النخب للحوار، وقال، الكتاب يحمل عنوان “إدارة الاختلاف وسبل التعايش مع التنوع”، وهناك جهود لترجمته إلى التركية.
ولفت إلى أنه بصفته إسلاميا انخرط في حوارات كثيرة مع العلمانيين واليساريين، لأننا نريد أن نبني أمة واحدة متنوعة.
وشدد على أنه لا يمكن أن تكون أمة كبيرة على صبغة واحدة، ينبغي لنا أن نجد القواسم المشتركة.
كما أشار إلى أن الاختلاف والتنوع في مبادئنا شيء طبيعي في حياتنا، وهذا الاختلاف دائما يحتاج إلى إدارة، وبالتالي التعامل معه من خلال التفاهم والحوار، لتشكيل إضاءة مشتركة عبر الحوار.
وحول وجود القواسم المشتركة بين الشعوب العربية، قال ثورات الربيع العربي رفعت شعارات موحدة، بالخلاص من الاستبداد والظلم، وهذه هي القواسم المشتركة في حركات التحرر بالعالم.
واعتبر أن الدول ذات الحكم العسكري، لا تقبل بالشراكة في الحكم، وإنما يسعون إلى التفرد بالقرار.
وتطرق المفكر السوري إلى الأزمة في بلاده، قائلا إن المعارضة السورية عليها مسؤولية توحيد المنصات السياسية المختلفة، في ساحة المعارضين.
وشدد على أن “أفق الحل في سوريا يأتي بداية مع ذهاب نظام بشار الأسد، وسيكون ذلك بداية للحل”.
وأردف “قلنا إنه لا تفاوض مع الأسد دون الرحيل، لأن بشار الأسد هو الواجهة مع النظام الفاسد الذي تحته، والأجهزة الأمنية السورية مسؤولة عن جرائم كثيرة في سوريا”.
واعتبر أن “أفق الحل في سوريا، هو في دولة تعددية تحترم جميع الحقوق، ويتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون، تكون فيها انتخابات نزيهة”.
ولفت إلى أن “المجلس الإسلامي السوري (ينتمي له) أصدر وثيقة من 5 مبادئ، الأول ينص على رحيل الأسد، والثاني إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية، والثالث إنهاء المليشيات، والرابع المحافظة على وحدة سوريا، والخامس رفض المحاصصة السياسية.
ويعد عبد الكريم بكار (ولد في سوريا عام 1951)، أحد أشهر المؤلفين السوريين في مجال الفكر والتربية الإسلامية، بالإضافة إلى القضايا التي تناقش النهضة والفكر من النواحي الإسلامية.
وتشير أرقام غير حكومية إلى تجاوز عدد أفراد الجالية العربية المقيمة في إسطنبول أكثر من مليون شخص، وفدوا إليها بشكل خاص بعد التطورات في المنطقة، وخاصة من سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا.
(المصدر: وكالة الأناضول)