بقلم د. وصفي عاشور أبو زيد
من آفاتنا الاجتماعية في هذا العصر، بل من المنكرات الشرعية المنتشرة : إهمال فريضة (التبيُّن والتثبُّت)، والسماع من الآخر.. لقد أهملها الكثيرون منا ، وهي من الواجبات الشرعية الاجتماعية المؤكدة ( فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). [سورة الحجرات: 6].
– لا تأخذ كلام أحد عن أحد مسلَّمًا، حتى لو كان الذي يخبرك ثقة بالنسبة لك، فلابد أن تراجع الآخر وتسأله، وسوف يتبين لك الأمر بشكل آخر، قد يكون في الكلام نقص أو زيادة، وقد يكون فيه كذب وتدليس تم تناقله من دائرة لأخرى.
– جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد فُقئت عينه يشتكي مَن فعل به هذا، وقد أشفق الصحابة رضوان الله عليهم على هذا الرجل، وتوقعوا أن يحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه له، ولكن عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعله يقول انظروا لمن فقأ عينه فقد يكون قد فقئت عيناه!
– لو كان المُخبَر عنه عدوًّا أو بينك وبينه شحناء فهذا لا يعفيك من فريضة التبين ولا يسوغ لك إهمالها.
– التبين من الطرف الآخر لا يعني عدم ثقتك فيمن أخبرك، ولا تشكيكًا فيما قال، ولا تكذيبًا له، وإنما هو واجب شرعي تقوم به تعبدا لله تعالى لتقوم بواجبك ويطمئن قلبك، وقد سأل سيدُنا إبراهيم عليه السلام ربَّه سبحانه وتعالى أن يريه كيف يحيي الموتى، وهو أمر متعلق بالعقيدة: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي..). [سورة البقرة: 260].
– كم مرة جعلنا فقد الثقة بالآخرين والتمسك بآرائنا يزين لنا أن نحكم عليهم بغير العدل بسبب آرائنا المخالفة لهم، بعيداً عن الحق والصواب؟.
– لا تجعل أي أمر يحول بينك وبين فريضة التبين والتثبت وبخاصة وقت الفتن والإشاعات، ولا تردد كلاما لا علم لك به، ولا معلومة به عندك .. قم بواجبك الشرعي في التبين والتثبت حتى لا تقع في مخالفات شرعية من شأنها أن ترديك في آثام كثيرة ومتنوعة، وأن تفسد العلاقات وتقطع الأواصر؛ فإن إقامة العلاقات الاجتماعية وحفظها من أجلِّ غايات الشريعة الإسلامية.