مقالاتمقالات مختارة

معركة موهاكس: ما لم تنساه أوربا للسلطان سليمان القانوني !

بقلم ليليان أحمد – أمة بوست

كم مسلم منا يعرف هذه المعركة الخالدة ؟ و ما سببها و النتائج المترتبة عليها ؟ كم واحد منا قرأ عن السلطان سليمان القانونى ذلك البطل المجاهد و لم يلوث عقله بتخاريف مسلسل حريم السلطان ؟! ففى الوقت الذى يعشق الشباب المسلم الحضارة الغربية و ينبهر بتلك البروج المشيدة و يرتدى أعلام بلادهم المزينة بالصليب الملطخة بدماء المسلمين لم ينسى الغرب هزيمتهم على يد أسلافنا حتى انهم أطلقوا مثل يقول ” أسوأ من هزيمتنا في موهاكس ” يضرب عند التعرض لكارثة , فمتى نتعلم تاريخنا و نسير على درب أعلام أمتنا الذىن فتح الله على يديهم قلوب العباد و البلاد !!

من هو سليمان القانوني؟

هو عاشر ملوك الدولة العثمانية. وأوسع ملوكها عزًا ومجدًا، ويمثل عهده قمة بهاء دولتهم . وكان من عادته إرسال الخطابات إلى كافة الولاة وأشراف مكة والمدينة بخطابات مفعمة بالنصائح والآيات القرآنية المبينة، وذكر فضل العدل والقسط في الأحكام، و وخامة عاقبة الظلم . وكان يستهل خطاباته بالآية الشريفة :
[ إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ] .

أسباب معركة موهاكس

عندما تولى السلطان سليمان القانوني مقاليد الخلافة رفض ملك المجر دفع الجزية التي كان يدفعها للخليفة سليم الأول ظنا منه أنه أمام خليفة شاب لا يملك قوة أبيه و لم يقف الأمر عند هذا الحد فقام ملك المجر بقتل رسول الخليفة، عندها جهز السلطان سليمان جيشا كبير خرج على رأسه منإسطنبولفي (11 رجب 932هـ/23 إبريل 1526م) كان مُؤَلَّفًا من نحو مائة ألف جندي، وثلاثمائة مدفع وثمانمائة سفينة .

أجواء المعركة

عند تلك اللحظة الحاسمة في التاريخ أعلن بابا الفاتيكان كليمنت السابع حالة النفير العام في أرجاء أوروبا لمحاربة سليمان القانوني، وأصدر قرارا بمنح صكوك الغفران لكل صليبي يشارك بهذه المعركة و تم تكوين أكبر حلف عسكرى ” الإمبراطورية الرومانية المقدسة ” : وتشمل كل من إسبانيا،إيطاليا، ألمانيا، النمسا،هولندا، بلجيكا، سويسرا، لوكسمبورغ، مناطق واسعة في فرنسا، وأراضي أوروبية أخرى ومملكة المجر: وتشمل للمجر وسلوفاكيا وترانسيلفانيا وهي رومانيا الحالية إضافة لشمال صربيا ، مملكة بوهيميا : وهي جمهورية التشيك الحالية، مملكة كرواتيا، مملكة بولندا،إمارة بافاريا الألمانية: وهي ولاية البايرن الألمانية، جيوش الدولة البابوية، إضافة لمرتزقة أوروبيين من عدة مناطق، فكونوا جيش من خيرة فرسان أوروبا مدعمين بأسلحة متطورة، جيش موهاكس الصليبي كان بقيادة مجموعة من أعظم قادة المجر وقتها على رأسهم: الملك لويس الثاني ، و ملك مملكة المجر “بال توموري” : وهو قسيس قاد أحد أجنحة الجيش بنفسه لبث الروح الصليبية لدى المقاتلين.

فى تلك الأثناء كان جيش المسلمين فى طريقة للمجر وفتح الله على أيديهم عدة قلاع حربية على نهر الطونة و تم فتح حصن بلغراد المنيع وصادف أن كان الفتح في عيد الفطر المبارك، فتلقى أمير المؤمنين التهاني بالعيد والنصر بداخل بلغرادوهي عاصمة صربيا الحالية، بعدها توجه شمالا إلى المجر، وصل إلى “وادي موهاكس” بعد 128 يومًا من خروج الحملة، قاطعًا ألف كيلومتر من السير . وفي ليلة المعركة21 من ذي القعدة عام 932هـ ، 29 أغسطس عام 1526م، سهر السلطان المجاهد سليمان القانوني ليلته يصلي ويدعو الله أن ينصر المسلمين على أعدائهم حتى جاء الفجر، فتقدم خليفة المسلمين جيشه الجرار وصلى بهم إماماً في صلاة الفجر، وبعد الصلاة نظر الخليفة المجاهد سليمان القانوني نحو جيش الإسلام العثماني بكل فخر واعتزاز، وقال لهم وهو يبتسم ودموعه تسيل من عينه:

وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليكم الآن عندها، انفجر الجنود بالبكاء، وعانقوا بعضهم البعض مودعين يرجون الشهادة في سبيل الله.

يوم الملحمة

رسم السلطان خطة محكمة تقضي باستدراج قوات الأعداء بأن يصطف جيش المسلمين فى ثلاثة صفوف، وأن يكون السلطان ومن معه من الإنكشارية فى الصف الثالث ومن ورائهم مدافع المسلمين، حتى اذا بدأ القتال يتقهقر الصفوف الأولى من المسلمين ويتراجعوا خلف السلطان ومن معه من الإنكشارية، وفي وقت العصر هجم المجريون على الجيش العثماني فانسحب جيش المسلمون و ظن الصليبيون أن القوات الإسلامية انهزمت من المعركة بسرعة فاندفعوا كالسيل الجارف إلى الأمام، وعندها أعطى القائد سليمان القانوني الإشارة لسلاح المدفعية الإسلامية بالبدء بالهجوم المضاد فحصدتهم حصدًا، فرت القوات الصليبية من ساحة المعركة بشكل فوضوي واستمرَّت الحرب ساعة ونصف الساعة و أقصى تقدير ساعتين، في نهايتها أصبح الجيش المجري في ذمة التاريخ، بعد أن غرق معظم جنوده في مستنقعات وادي موهاكس، ومعهم الملك فيلاد يسلاف الثاني جاجليو وسبعة من الأساقفة، وجميع القادة الكبار، ووقع في الأسر خمسة وعشرون ألف صليبى ، في حين ارتقى 1500 شهيدًا، وبضعة آلاف من الجرحى.

ما القرار الذي اتخذه السلطان سليمان والذي لا تنساه أوروبا؟

وأراد الجيش الأوروبي الاستسلام ؛ فكان قرار السلطان سليمان القانوني الذي لن تنساه أوروبا له حتى الآن وللأتراك العثمانيين وتذكره بكل حقد : لا أسرى ! . وأخذ الجنود العثمانيون يناولون من يريد الأسر من الأوروبيين سلاحه ليقاتل أو يذبح حياً ! وبالفعل قاتلوا قتال الميئًوس واليائس، وانتهت المعركة بمقتل فيلاد، والأساقفة السبعة الذين يمثلون النصرانية، ومبعوث البابا، وسبعون ألف فارس، ورغم هذا تم أسر 25 ألف جريح ، وتم عمل عرض عسكري في العاصمة المجرية من قبل العثمانيين، وقبَّل الجميع يد السلطان سليمان تكريما له، بما فيهم الصدر الأعظم، ونظم شئون الدولة ليومين ورحل ،وانتهت أسطورة أوروبا والمجر، وقد استشهد من العثمانيين 150 جندياً فقط  ( مختلف عليه  ) ، وجرح 3000 آلاف، والجيش في كامل قوته لم يُستنزَف أبداً !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى