مقالاتمقالات مختارة

معركة حصن الأحزان

معركة حصن الأحزان

بقلم د. محمد منير الجنباز

“الحصن الذي بناه الفرنج عند مخاضة الأحزان”

سنة 575هـ ربيع الأول

 

سببها: أن الفرنج بنَوا حصنًا منيعًا قرب بانياس الداخل، وهي قريبة من روافد نهر الأردنِّ شمال بحيرة طبرية، وهذا الحصن المنيع يُهدِّد المنطقة؛ لذا قرر صلاح الدين الأيوبي الاستيلاء عليه، فحشد جيشًا وسار نحو الحصن، كما بثَّ الغارات ضد الصليبيين ليَشغلهم عن نجدته، وحاصر الحصن وبدأ معه قتال اختبار، ثم أرسل في جلب المؤن والأخشاب لصنع أدوات الحصار، ولما علم الإفرنج بوجهة صلاح الدين، جمعوا فارسهم وراجلهم وقادتهم بقيادة ملك القدس، واتجهوا للقاء صلاح الدين، فاصطدمت مقدمتهم بعسكر المؤونة ونشِب القتال، وأُبلغ صلاح الدين فسار بعسكره مُجدًّا حتى وافاهم وهم في القتال، وقاتل الإفرنج وأظهر الجميع صمودًا وصبرًا، وحمل الفرنج على المسلمين عدة حملات كادت تُزيلهم عن مواقفهم، ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وهزم أعداء الدين، ونجا ملكهم فريدًا شريدًا ووقع في الأسر ابن بيرزان حاكم الرملة ونابلس، وهو يلي الملك مرتبة، وأسر صاحب جبيل، وصاحب طبرية، ومقدم الداوية، ومقدم الإسبتارية، وصاحب جنين، وبعد هذه الهزيمة المنكرة تفرَّغ صلاح الدين لحصار قلعة الأحزان، فأقام المجانيق والمتاريس ثم هاجمها، وتمكَّن الجند من أخذ الباشورة أسفل السور، فقاموا بنقبه وأشعلوا تحته النار ليسقط، لكنه كان قويًّا، وقد بلغ عَرضه أكثر من تسعة أذرع، ثم أطفؤوا النار وعمِلوا على توسعة النقب أكثر وعمِل الناقبون تحت جنح الظلام، ثم أشعلت النيران تحت النقب فهوى الجدار، ودخل المسلمون الحصن عَنوة، وقاتلوا من فيه حتى صيروهم بين قتيل وأسير، كما أطلقوا من فيه من أسارى المسلمين، فقال ابن نفاذة في ذلك:

هِلالُ الفرنجِ أتى عاجِلًا   وَقَدْ آنَ تَكسيرُ صُلْبَانِها
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَنَا حَتْفُها  لَمَا عمرَتْ بيتَ أَحْزانِها

(المصدر: الألوكة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى