بقلم د. نزار نبيل أبو منشار
من العبث أن نهدر الوقت في ذكر الشواهد والأمثلة على أن ساحة المعركة مع العدو الغاصب مشرعة الأبواب، فمن لا يسمع هدير الموت وصليل السيوف فهو عيي لا بد له من طب.
فمن سنن الحياة أن تلجأ الشعوب المقهورة والمضطهدة إلى تحصين نفسها بسلاح يمكّنها من خوض المعركة، وإن مثل هذه الشعوب وتدثرها بالثقافة والعلم ليس بصدفة، فالصراع قبل أن يكون محتدماً بين الفيالق والجحافل، فإن ميدانه الأول هو العقول والقيم والمبادئ.. [1]
من هنا دأب العدو المتسربل بأسلحة الدمار الشامل على اختراق ثقافة الشعوب الأصيلة، وضرب البنية الفكرية فيها حنقاً وتعسفاً، أو عبر دسائس مشبوهة تحاول الوصول إلى كبد الأدب والثقافة لتحرفها عن مسارها، فيصبح الشعب وكأنه بات على ظهر سفينة قفز منها الربان، فأين يا ترى ستحط الرحال؟!
لهذا؛ كان لا بد لشعبنا وطاقاته الفكرية والأدبية أن تحشد إمكانياتها في مواجهة هذه الهجمة النكراء[2]..
الحاجة هنا مستمرة، ولها صفة الديمومة، ولذلك فقد كان من الواجب إرساء دعائم الفكر والثقافة في المجتمع بالفعل والقول، ورسم سياسات المواجهة لتفهم الأجيال الحالية واللاحقة طبيعة المرحلة، وظروف الكفاح، ومكائد العدو، وإخلاص الثائرين[3]..
وقد برع في الأدب الشعري كمّ من الشعراء ضمّنوا قصائدهم حِكم الثبات، وأسس الصمود، ورفعوا مع كل رويّ راية للفهم الأصيل المستقى من التصورات المقتبسة من ديننا الحنيف، وتاريخنا الزاخر، وأعرافنا الموجودة.
—————————————-
[1] انظر: الإسلاميون الفلسطينيون والقضية الفلسطينية (1950 – 1980)، د. بشير موسى نافع، مركز فلسطين للدراسات والبحوث- غزة، ط 1999، ص 12- 13.
[2] المنهج الحركي للسيرة النبوية، ص 358 – 370، بيان دور الشعراء في المعركة.
[3] مجلة البيان – لندن / ص 18 – ورد سابقا تعريفها.
*المصدر : موقع الألوكة