بقلم د. وصفي عاشور أبو زيد
الأساس الثاني للتعامل مع القرآن الكريم هو أن نفهم مقاصده، وندرك غاياته، ونقف على أهدافه وما يرمي إلى تحقيقه في النفس والمجتمع، فمعرفة مقاصد القرآن ابتداء تجعل لدى الإنسان تصورًا عامًّا عن موضوعات القرآن الكريم، ومجالات اهتمامه، والموضوعات التي يتناولها.
وقد ذكر الإمامُ محمد رشيد رضا صاحب المنار في كتابه: “الوحي المحمدي”؛ عشرة مقاصد للقرآن الكريم، ونَحَى بها نَحواً يتعلق بالإصلاح التربوي، وهي على النحو التالي:
1- بيان حقيقة أركان الدين الثلاثة: الله، البعث، العمل الصالح.
2- بيان ما جهل البشر من أمور الرسالة والنبوة ووظائف الرسل.
3- إكمال نفس الإنسان من الأفراد والجماعات والأقوام.
4- الإصلاح الإنساني الاجتماعي السياسي الوطني.
5- تقرير مزايا الإسلام العامة في التكاليف الشخصية.
6- بيان حكم الإسلام السياسي الدولي: نوعه وأساسه وأصوله العامة.
7- الإرشاد إلى الإصلاح المالي.
8- إصلاح نظام الحرب ورفع مفاسدها وقصرها على ما فيه الخير والشر.
9- إعطاء النساء جميع الحقوق الإنسانية والدينية والمدنية.
10- تحرير الرقبة[1].
وذكر الدكتور يوسف القرضاوي سبعة مقاصد للقرآن الكريم تتداخل كثيراً وتتماس مع ما ذكره رشيد رضا. وهي:
1- تصحيح العقيدة والتصورات للألوهية والرسالة والجزاء.
2- تكريم الإنسان ورعاية حقوقه.
3- وتوجيه الناس إلى حسن عبادة الله وتقواه.
4- الدعوة إلى تزكية النفس البشرية.
5- وتكوين الأسرة وإنصاف المرأة
6- وبناء الأمة الشهيدة على البشرية.
7- الدعوة إلى عالم إنساني متعاون[2].
ويتناول الشيخ كل عنصر أو مقصد من هذه المقاصد من خلال معالم وأسس وعوامل تصب في تحقيق هذا المقصد يمكن مراجعتها في الكتاب.
ومن أفضل التفاسير التي نعرف من خلالها مقاصد القرآن ومقاصد السور هو “في ظلال القرآن” للأستاذ سيد قطب يرحمه الله.
والقرآن نفسه يتحدث عن مقاصده وغاياته:
– فهو للهداية: ﴿ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾. [المائدة: 15-16].
– وهو لإخراج الناس من الظلمات إلى النور: ﴿ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1].
– وهو لسعادة الإنسان: ﴿ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾. [يس: 2].
– وهو كتاب لإعزاز الأمة: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾. [الأنبياء: 10]. ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾. [الزخرف: 44].
والمتتبع للقرآن الكريم يجد من ذلك مقاصد كثيرة ومتنوعة، وحسبنا أن نعرف أن الوقوف على مقاصد القرآن الكريم له دور كبير في التدبر والتفهم لما يرمي إليه القرآن في كل سورة من سوره، وفي كل قصة من قصصه، وفي كل شوط من أشواطه.
————————————
[1] انظر ما ذكره رشيد رضا من مقاصد في: الوحي المحمدي: 105 – 235 طبعة الزهراء للإعلام العربي.
[2] انظر كيف نتعامل مع القرآن العظيم: 73-125 دار الشروق، ط4، 1425هـ/2005م.
المصدر: شبكة الألوكة.