مظاهر التغريب في المجتمع الصومالي
إعداد سيد محمد حسن
يقصد ببلاد الصومال: الصومال الكبير والأراضي التي يقطنها الشعب الصومالي قبل تفكيك وحدته. وهذا يشمل دولة الصومال الفيدرالية وجمهوريتَيْ أرض الصومال وجيبوتي، إضافة إلى منطقتَيْ الصومال الغربي (أغادين) المحتل من قبل الحبشة، وجنوب غربي الصومال -شمال شرقي كينيا- NFD المحتلة من قبل كينيا. وبهذا فإن الصومال عبارة عن شبه جزيرة في منطقة شرقي أفريقية.
ويحد الصومال من الشمال خليج عدن والبحر الأحمر، ومن الجنوب الغربي كينيا ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب الحبشة. وتبلغ المسافة الكلية لهذه الأراضي حوالي ستمائة كيلو متر مربع. وتمتلك بلاد الصومال سواحل عدة مثل ساحل المحيط الهندي الذي يبلغ طوله 1300 ميلًا، كما يبلغ طول السواحل الشمالية 650 ميلًا على البحر الأحمر وخليج عدن. وتضم هذه السواحل عددًا من الموانئ والمرافئ القديمة، كما تضم عددًا من الجزر على امتداد السواحل.(1)
خصائص المجتمع الصومالي ومميزاته
https://youtu.be/UE2NEGrRQRI
- الشعب الصومالي كله شعب مسلم يعتقدون بالعقيدة الإسلامية.
- كان معظم الشعب الصومالي يقرأ القرآن الكريم على قراءة الإمام أبي عمر الدّوري، واشتهرت الصومال بتحفيظ وتعليم القرآن الكريم. وكان هناك عدد من الحفاظ قد حفظوا القرآن عن ظهر قلب. والسبب في ذلك هو اهتمامهم الكبير بالقرآن الكريم وحبهم للمنهج الرباني المستقيم بدءًا من مجيء السلف الصالح إلى قرن إفريقيا، وتحفيظ القرآن الكريم في كل مكان حتى في البوادي.
- يقلد المجتمع الصومالي مذهب الإمام الشافعي أحد الأئمة الأربعة المجمع عليهم.
- يتكلم مجتمع الصومال بلغة واحد وهي اللغة الصومالية، وإن كان في مفرداتها كثير من اللغة العربية؛ ولذا كان أكثر تأليفهم باللغة العربية. وهي لغة بديلة عن الصومالية إلى أن جاء الاستعمار فغيّر اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية.(2)
أثر الاحتلال الأوربي على المجتمع الصومالي
بدأت الأهمية الاستراتيجية لمنطقة القرن الإفريقي في العقد السابع من القرن التاسع عشر الميلادي بعد حفر قناة السويس في عام 1869م؛ مما دعا إلى بداية التكالُب الأوروبي والتنافس الدولي في المنطقة. وكانت الصومال وقتئذٍ مفتوحة على العالم الإسلامي وخاصة مصر التي حظيت بإيصال قوات لها وبسط نفوذها على الساحل الصومالي زيلع، وبربره، وبلحار ، وهرر.
وبدأ مجيء الاستعمار وتنافسه على هذه المنطقة، وكانت هرر دولة في ذلك الوقت بمعنى الكلمة. فتمَّ تقسيم الصومال إلى خمسة أجزاء في مؤتمر برلين المشؤوم عام 1884م. ولم يشترك في هذا المؤتمر من خارج أوروبا سوى أثيوبيا. وقد اقترح وفدُها تقسيم الصوماليين، والذي حمل مسئولي أثيوبيا على هذا الصراع هي عداوتهم وإنكارهم العقيدة والحضارة الإسلامية.
الآثار السلبية التي تركها الاستعمار على المجتمع كثيرة منها:
- قيامه بتجزئة بلاد الأمة الواحدة وجعل الحدود بينها بحيث لا يمكن الأسرة الوحدة أن تجاور بعضها مع بعض، وكذلك أثر في الدعوة لله -عز وجل-.
- فرَّق المجتمع الصومالي إلى قبائل وجعل لكل قبيلة حدودًا ودولة ضعيفة لا تقاوم أي أحد لا من عدوها ولا من غيره.
- بث السموم والقيام بتغيير المفاهيم الكثيرة لدى أفراد المجتمع الصومالي، والغزو الفكري حيث استطاع التأثير في كثير من أبناء المسلمين.(3) وهذا الأثر الثالث هو صلب موضوعنا .
ما هي مظاهر التغريب التي برزت في المجتمع الصومالي؟
عندما فشل الصليبيون في الحملات العسكرية أمام جهود المسلمين عدلوا إلى الغزو الفكري.
وبث الاحتلال الغربي أفكارًا خليعة وانحرافًا في العقيدة، وتأثر أبناء المسلمين بذلك، وظهر فيهم ما يدل على ذلك في جوانب شتى مثل السياسة والاقتصاد والاجتماع وغير ذلك.
التغريب في الجانب السياسي: مظاهر التغريب التي برزت في الجانب السياسي بعد خروج الاحتلال كثيرة. يجدر أن يكتب فيها بحث كامل مستقل. ولكن نشير هنا إلى جزء منها:
- التطبيق للأنظمة الغربية (النظام الديمقراطي والفيدرالي)(4): من المظاهر التغريبية الانتخابات البرلمانية، حسب النظام الذي وضع لها. وفي كل قضية أرادت الدولة أن تجعل لها قانونًا؛ فإن صياغة هذا القانون يكون التصويت عليه بالأغلبية ولو خالف شرع الله!
- أيضًا من مظاهر التغريب احتساب كوتة أو حصة للنساء معينة في الانتخاب البرلماني؛ هي 30%، والمجلس 329 مقعدًا. أيضًا يشاركن في الحكومة والنظام القضائي وغير ذلك.
من مظاهر التغريب في الجانب الأخلاقي والاجتماعي: إقامة الحفلات لأدعياء الوثنية بين المجتمع الصومالي أو مشاركتهم كإقامة حفلة في رأس السنة الميلادية. أيضًا المستلزمات غير الشرعية للزواج حيث كان لا بد أن تقام حفلة عرس في فنادق فاخرة، وما فيها من المنكرات من غناء فاحش ورقص واختلاط وأخذ صور لا تليق للزوجين، إلى غير ذلك.
من مظاهر التغريب التي وقعت للمرأة المسلمة في المجتمع الصومالي: كثرة الاختلاط في الأماكن العامة، والتبرج والسفور، وأيضا ظاهرة منع الختان عن البنات والتي يركزها الصليبيون في كل لحظة، كل هذا وغيرها من حملات الترغيب على المرأة المسلمة. (5)
ختامًا: ماهي سُبُل مواجهة هذا التغريب؟
هناك سبل كثيرة لمواجهة التغريب نذكر هنا ثلاثة منها:
أولًا: استغلال وسائل الإعلام والإنترنت في تبصير هذا الدين وترغيب المعرضين المنحرفين بالعودة إلى هديه القويم.
ثانيًا: إنشاء المدارس والجامعات: فلا تحقيق لشريعة الإسلام إلا بتربية النفس والجيل والمجتمع؛ على الإيمان بالله ومراقبته والخضوع له وحده. ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين.
ثالثًا: تصحيح مناهج التعليم: ومن المهم استقامة منهج التعليم وإصلاح فساده؛ ولذلك فإن الصليبيين الغربيين، جعلوا أقصى جهدهم، وهدفهم تغيير مناهج التعليم في ديار المسلمين، ونجحوا في ذلك. وشاهد ذلك أنْ عمد الكفار إلى تغيير مناهج التعليم لإخراج أجيال جديدة تؤمن بالمفهوم الغربي للحياة، وتعادي العقيدة والنهج والشريعة الإسلامية. ولا غرو بعدها من قول الرئيس الوزراء الأثيوبي السابق “ملس زيناوي” حينما قال:
لا بد من تغيير مناهج التعليم في الصومال؛ وإلا ستصبح طالبان جديدة في القرن الإفريقي.(6)
المصادر
-
الثقافة العربية وروادها في الصومال للمؤرخ محمد معلم حسن ص 9
-
حال الدعوة الإسلامية في الصومال ص 12
-
حال الدعوة الإسلامية في الصومال خلال الاحتلال ص 66 وما بعدها.
-
مع أن النظام الاشتراكي الشيوعي طبَّقه عشرين سنة تقريبًا. وانتهى بدون جدوى. وسوف تنتهي هذه الأنظمة نفس المصير وسيبقى الإسلام إن شاءالله.
-
نقلًا عن رسالة ماجستير في الدعوة غير منشورة بعنوان “مظاهر التغريب في المجتمع الإسلامي (الصومال نموذجًا)”، إعداد صلاح موسى محمد، في جامعة البيان العالمية بهرجيسا. ص 41،44،56،76
-
نفس المرجع.