ربَّما تكون طريقة بلوغ المنى ألذُّ من الأمنية ذاتها أو تماثلها على الأقل، فكلُّ من تعب لتحصيل أمر ثمَّ حازه؛ لا ينسى تعبه في إدراك المراد؛ حتى لو صاحب جهده شيء من المشقّة والمصاعب، وطول الانتظار، فالانتظار جزء من الحياة، وما أطيبه حين يكون انتظاراً لمحبوب، وما أجمله إذا تحقق المطلوب.
وضمن جلسة سمر أنيسة، في منتزه مداخيل الصَّحراوي الفاتن في محافظة العلا الرَّائعة، جرى الحديث بيني وبين صحبي في رحلة العلا عن الكتب، وكيفية حصولي على بعضها، وما ترافق مع ذلك من مواقف وقصص، وحثّني الزُّملاء على تدوين ما ذكرته لهم، وقد فعلت وأضفت، آملاً أن يكون فيها إمتاع ومؤانسة، وفائدة في المجالسة.
الإصلاح ورسائله:
أعياني البحث قبل أزيد من عشرين عاماً عن كتاب (رسائل الإصلاح)، للإمام التُّونسي الكبير محمد الخضر حسين-رحمه الله-؛ بعد قراءة كلمات منها في كتب العلاّمة الشَّيخ بكر أبو زيد آل غيهب-رحمه الله-، إلى أن دعاني شقيقي الأكبر عبد العزيز -رعاه الله-إلى مأدبة عشاء عام 1418، على شرف النَّاشر المصري الشَّيخ حسن عاشور-رحمه الله-، وجرى الحديث مع فضيلة النَّاشر عن هذا الكتاب النَّفيس، فسألني: كيف عرفت الشَّيخ الخضر؟ فقلت له: من اقتباسات الشَّيخ بكر، فأخبرني أنَّ دار الاعتصام التي يملكها ويديرها قد طبعته؛ ووعدني بنسخة منه.
وبعد عودته لمصر، بعث لي الكتاب ومعه محاضرة مطبوعة للمؤلف بعنوان الحرّية في الإسلام، وتكاد أن تكون أهم محاضراته، حيث ألقاها عام 1324 وبلاده ترزح تحت الاحتلال الفرنسي البغيض! فاللهم اغفر لأموات هذه القصَّة وارفع درجاتهم، واحفظ الأحياء واستعملهم في طاعتك، ولإكمال المعلومة فقد أصدرت دار النّوادر، الأعمال الكاملة للشّيخ الخضر في خمسة عشر مجلدًا، وكتبت بفضل الله مقالة عنها في حينه.
الإمامة المفقودة:
بحثت كثيرًا عن كتاب الإمامة العظمى عند أهل السّنة والجماعة للدّكتور عبد الله الدّميجي، فلم أجد إليه سبيلاً، وفي زيارة إلى مدينة أبها عام (1417)، دخلت مع الصَّديق العزيز سليمان النَّجدي إلى مكتبة نستطلع ما بها، فدخول مكتبات البلد من فوائد السَّفر، وكانت مساحة المكتبة تضيق كلّما تعمقنا فيها، وفجأة لمحت أربع نسخ من هذا الكتاب؛ فأخذت ثلاثاً منها، واشترى أبو موسى الأخيرة. ولم أتوان لحظة، وتركت ما بيدي وشرعت أقرأه في جنوب المملكة، ثم أنهيته بعد أيام في شمالها. ورأيت بعد ذلك أربع نسخ منه؛ قد علاها الغبار في مكتبة جدّاوية ضمن معرض الكتاب في كلية المعلمين بالرِّياض، فاشتريتها، وأهديت النُّسخ السِّت لمن يستحق من المهتمين والمثقفين، وبعد عشرين عامًا -تقريبًا-كتبت عنه مقالة لخصّت أهم محتوياته.
ذكريات الحسُّون:
تواتر عندي الثّناء على كتاب خواطر وذكريات، وهو سيرة ذاتية للأديب إبراهيم بن محمد الحسّون -رحمه الله-، وحرصت على اقتنائه لأسباب منها صداقته لوالدي -رحمه الله-، ولوجود مواقف لي معه في طفولتي، وحين بلغ اليأس منّي مبلغًا عظيمًا، فزعت إلى المدد الثّقافي وشيخ الكتبيين الأستاذ سليمان الوايل اليحيى، فاجتهد أبو وائل، وأحضر لي منه أربع نسخ عزيزة، فاشتريتها، وأخذت واحدة، والبقية ذهبت هديّة لمن يستحق من أهل الفضل، ثم كتبت عنه مقالة انتشرت كثيرًا، واستعار الكتاب صاحبي فأضاع الجزء الثّاني! والكتاب بأجزائه الثّلاثة نادر ومطلوب، ومع ذلك فورثة المؤلف لمّا ينشطوا لإعادة طباعته بعدُ!
الحقُّ لا يضيع!:
حصلت على نسخة من كتاب الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده بطريقة لا أنساها، ملَّخصها أنّي لم أجده في مكتبة داخلية أو خارجية، وأرسلت صديقاً للنّاشر في مقره الأصلي، فأخبره بأنَّ الكتاب نافد، وأنَّ نسخه المخزّنة احترقت في حرب إسرائيل وحزب الله عام (2006م)، وحينها اتصلت بالنَّاشر؛ فأعطاني رقم مكتبتين في سورية، وقال لعلك تجده عندهما.
فتواصلت مع الأولى فأجابت بالنّفي، وكانت المفاجأة السّارة أنّه موجود لدى الثّانية، مع كتاب آخر للمؤلف العلاّمة أ.د. فتحي الدّريني -رحمه الله- عن خصائص التّشريع الإسلامي، فطلبت من البائع نسخة من الكتابين، وظل الرَّجل يردّدني، ويطلب مني الاتصال مرّة غداً، وأخرى الأسبوع القادم، وبعد عدّة اتصالات سجَّل عنواني، ثم أخبرني أنّه أرسل لي الكتاب في أواسط رمضان عام 1433-والثَّورة السُّورية على أشدِّها-، وسألته عن الثَّمن فقال بكلِّ مروءة: إذا وصلك الكتاب فلن نعدم طريقة يصل بها الثَّمن!
وخشيت أن يتأخر البريد، أو ألاّ يصل بسبب الأوضاع في سورية-عجّل الله لهم الفرج-إلا أنَّه وصلني قبل العيد بأيام، فهاتفت الرَّجل شاكراً قبيل الفطور، وأخبرني عن ثمنهما مع تكلفة البريد، وعن كيفية إيصال المبلغ له، ولاأزال أدعو للبائع منذر، والله يبشره وأهلنا في الشَّام بعودة الحق إليهم، وأن تحكمهم دولة تخاف الله فيهم، وتراعي الحقوق وفق المقتضيات الشَّرعية.
المرأة والإعجاز!:
قرأت عن كتاب من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن ضمن مقالات العلامة الطّناحي المنشورة في مجلدين -وهو كتاب ماتع جدير بالقراءة-، ومن حينها ظللت أبحث عنه فلم أجده، وأوصيت عدداً من الزّملاء للبحث عنه في مكتبات مصر وغيرها؛ فلم يحالف التَّوفيق أحداً منهم؛ حتى زارني صديق مصري كريم هو الأستاذ ثامر صبحي- حفظه الله حيث كان- واستحلفني إن كنت أريد شيئاً من مصر، فذكرت له هذا الكتاب.
وكم سررت حين أحضر لي نسختين منه سنة1428، وعندما قرأت الجزأين سألته أيوجد غير هاتين النُّسختين؟ فقال إنّه لم يجد الكتاب، فتكفّلت قريبته بالبحث المضني عنه؛ حتى وجدته (ملقى) في مستودع إحدى المكتبات؛ وبقي منه أربعة عشر نسخة! فطلبت منه إحضارها جميعها؛ ثمَّ أهديتها لبعض الحفّاظ، والأئمة، وأساتيذ اللغة، في مكَّة والرِّياض والقصيم، ولأثنين من خاصّة الأصدقاء؛ وبقيت نسخة واحدة أهديتها لإنسان مختلف؛ ولإهدائها حكاية لطيفة أسردها لاحقًا، وقد طبعت دار الميمان هذا الكتاب طبعة أنيقة يستحقها، وكتبت عن هذه الطَّبعة مقالة تعريفية.
صراع لأجل صراع:
بحثت عن كتاب صراع الأمراء: علاقة نجد بالقوى السياسية في الخليج العربي (1800-1870) دراسة وثائقية، تأليف البروفيسور عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، وسألت عنه النّاشر فأخبرني أنّه نافد ولا نية لطباعته من جديد! وحاولت غير مرَّة عن طريق النِّيل والفرات أو جملون فلم أفلح، وحتى النُّسخ الإليكترونية منه مفقودة مع أنّي لا أفضلِّها.
وبما أنَّ علاقتي حسنة مع باعة الكتب والحمدلله، وهم يعرفون بحثي عن الكتاب، فقد اتصل بي الكتبي الأستاذ أنس بلة، وكان يعمل في مكتبة لبيع الكتاب المستعمل في الرِّياض، وأخبرني أنَّ الكتاب جاءه ضمن مجموعة من الكتب، وقد حصلت على هذه النسخة المستعملة، والشُّكر لله، ثم لصديقي الكتبي السُّوداني الذي وجدها؛ ثم احتفظ بها لي، وبعد قراءته كتبت عنه مقالة قال لي أحد أصحابي بأنّها متداولة في الأروقة! ولإضافة جديد على هذه الواقعة؛ فمتاجر الكتاب المستعمل كانت فيما مضى تضم نفائس الكتب، وغدت أخيرًا موئلاً لطلاب الجامعات؛ حيث يشترون الكتاب أول السّنة الدِّراسية، ثم يبيعونه بعد نهايتها.
موسوعة الأمير:
صدرت الموسوعة العربيّة العالميّة في ثلاثين مجلدًا أنيقًا عام 1416، وكان سعرها أزيد من خمسة آلاف ريال، وهو ثمن مرتفع على غير الطّلاب بلهِ الطلبة المنهكين من أسعار المراجع! وأذكر حينها أنّي سمعت خبر إهداء الأمير سلطان للرّئيس اليمني-رحمهما الله- نسخة من الموسوعة؛ فأدركتني الغيرة لأنّي اعتقدت حينها بأنَّ الرّئيس مشغول عنها؛ وأنَّي لأكثر من سبب أولى منه بها! ويبدو أنَّ دعوة لي استجيبت؛ حيث طرق بابي في ليلة بهيجة عام1429 طارق كريم، ومعه خمس نسخ من الموسوعة هدَّية خالصة لي، والله يجزي المهدي خيرًا كثيرًا، حيث أخذت منها بغيتي، وأهديت الباقيات، وإتمامًا للفائدة؛ فقد تناقص سعر الموسوعة الآن إلى بضع مئات.
شيطانتي:
أول ما أصدر د. غازي القصيبي -رحمه الله- روايته الأولى شقة الحرّية، أوصيت زميلاً إماراتيًا أن يحضرها لي، فأوصى صديقه العماني الذي أحضرها من لندن، وحين أوصلها لي الزّميل قال: هي عاريّة! اقرأها ثم أعدها لي فقد أعجبتني! وأنا أمقت مثل هذا التّصرف، لأنَّ أساس الطّلب لي، كما أني أصرُّ على أن يأخذ من أوصيه ثمن الكتاب.
قلت لزميلي: خذ الرِّواية فلا حاجة لي بها؛ وكان يمكنك طلب نسختين بدلاً من الاستحواذ على نسختي! وفي ذات الأسبوع دعاني قريب كبير عزيز إلى زيارته في شركته، وحين دخلت لمكتبه لاحظت بين يديه شيئًا، وبعد السَّلام مدَّ لي كتابًا، وقال أظنّك تبحث عنه، وكان الكتاب هو الرِّواية، وسبحان من بيده المقادير، وبعد فراغي من قراءتها، أعرتها لصديق أثير؛ ثم أرجعها لي بعد الانتهاء منها وقال لي: خذ شيطانتك!
كتب بالجملة:
أهداني شقيقي د. عبد الله – رعاه الله- عددًا من الكتب التي لا يمكن الوصول إليها لمحدودية نسخها، أو توزيعها بطرق معقدة، واستطاع هو الحصول عليها بعلاقاته، وحضوره الأكاديمي والإعلامي، وبعضها من أوائل محتويات مكتبتي، ومنها أعمال ندوات ومؤتمرات قديمة وحديثة، وهي كثيرة جدّاً، والله يعظم له الأجر والمثوبة، ولا زال أبو عبد المحسن متواصلاً بالإهداء.
صديقي وكتبه الخاصة:
لي صديق مثقف عزيز، يسكن خارج المملكة، ويحضر بين فينة وأخرى، وكلما زارني يكون معه لي كتب مختارة بعناية، يعلم يقينًا أنَّها لن تصل للمكتبات المحلية إلاّ متأخرة، فله الشُّكر والدعاء، ونظرًا لكثرتها، فإنّه يصعب ذكرها، علمًا أنّها ليست من الممنوعات، بيد أن تجار الكتب لا يحضرون إلاّ ما يضمنون إدراره المال عليهم من جيوب القرّاء، وجيوب المثقفين فقيرة غالبًا.
طغيان بدون طاغية:
إصدارات عالم المعرفة في الكويت تتميز بالمتانة وجودة الاختيار والتَّرجمة، ومع الأسف أنَّ سلسلة كتبها الشّهرية تعامل كالمجلات؛ فترفع الكميات المتبقية من الإصدار القديم بمجرد تسويق ما بعده، وليت أنَّ المجلس الوطني للثَّقافة والفنون والآداب بالكويت يعيد النظر في هذه الآليّة، علمًا أنَّ ركن المجلس في معارض الكتب يزدحم بالزبائن؛ وحقَّ له ولهم.
ومن ضمن مطبوعاتهم كتاب اسمه الطّاغية: دراسة فلسفية لصور من الاستبداد السّياسي، تأليف أ.د. إمام عبد الفتاح إمام، ولأنّه إصدار قديم فقد عزَّ الحصول عليه، وعلمت أنَّ الكتاب له طبعة أخرى لصالح مكتبة مدبولي، فأوصيت صديقًا كثير التّرداد على مصر، وحين أحضره لي قال: تصفحته في الطّائرة فأعجبني، ولذا فهو معار لك! فرددته من فوري، وقلت له: لا أريده!
وكنت أحضر اجتماعات خليجية مشتركة إبّان عملي في وزارة الصّحة، ومن ضمن الزُّملاء المشاركين الصَّيدلي الكويتي عبد الله ذياب -وفقه الله حيث كان-، فطلبت منه الكتاب، وذهب مشكورًا لمقر المجلس، وأحضر لي نسخة منه، وسلمه لي في أول اجتماع لنا بعد ذلك.
مرآة بخمسين ألف ريال!:
أطلعني إمام مسجدنا الشَّيخ فهد الشّعيبي على نسخة ثمينة من كتاب مرآة الحرمين تأليف اللواء إبراهيم رفعت، وأعارني نسخته، وأخبرني أنَّ رجلاً اشترى من هذا الكتاب النَّادر نسخة أصلية بألفين وخمسمئة ريال، ثم أهداها للملك سلمان حين كان أميرًا على الرِّياض، وبعد إطلاع الملك على الكتاب أعجبه وكافأ المهدي بخمسين ألف ريال!
ولأنّي كنت أستعد للكتابة عن رحلات الحج، بحثت عن هذا الكتاب فلم أجده، وفي أمسية أنيسة ضمن مجالس شقيقي الأكبر عبد العزيز -رعاه الله- أشرت لهذا الكتاب، وبحثي عنه، فقال الكتبي الكريم الأستاذ عبد الله الجعفري الطَّيار لك مّني نسخة! وبعد أيام وصلتني وعليها إهداء يفيض محبّة وثقافة.
الدّعوة إلى العامية:
اليأس أحد الرّاحتين، وقد أدركني اليأس من الحصول على نسخة من كتاب الدّعوة إلى العامية في مصر، تأليف د. نفوسة زكريا، وكنت قد قرأت ثناءً عليه من العلامة محمود محمد شاكر في كتابه النّفيس أباطيل وأسمار، وأبو فهر لا يثني على كتاب من فراغ.
وفي يوم مبارك، اتصل بي صديق حبيب محب، يحضِّر لرسالة الدّكتوراه في اللغة العربية بجامعة الإمام، وأخطرني أنّه ذاهب لمصر، وسيسُّره أن يحضر مطلوبي من الكتب، فذكرت له عنوانين، ولم يكن منهما كتاب الدَّعوة إلى العاميّة؛ لأني توقعت سلفًا نفاده، وبعد عودته أعطاني الكتابين، وقال هذا الثّالث أتوقع أنّك تريده، وكان كتاب د. نفوسة، والله يجزى صاحبي خير الجزاء، ويبارك له في علمه وعمله.
القاموس الرَّزين:
ذهبت للسَّلام على خالتي-وهي جدَّتي وعمتي في ذات الوقت رحمها الله- في بيت ابنها البّار الخال عثمان الملحم، وأطلعني على كتاب علمي عنوانه: القاموس الجنسي عند العرب، تأليف علي عبد الحليم حمزة، وأعجبني محتواه اللغوي، وهو رسالة علمية، وكتاب لغة بعيد عن الإسفاف، ولما لم أجده تعهد شقيقي سليمان- سلَّمه الله – بإحضاره لي من لبنان، وقد فعل، علمًا أنَّ أبا سعود-أسعده الله- هو أحد أسباب ترغيبي في القراءة، ولهذه الحكاية موضع آخر، وكثيرًا ما يحضر لي الكتب مشكورًا.
الأوليات مقابل أشعار منسية:
في صباح يوم جمعة، اتصل بي صديق يعمل مديرًا لأعمال أحد الأمراء المثقفين، وقال لي إنّي أفطر مع الأمير وقريبك فلان، وأنَّ قريبك نقل عنك سابقًا تعريفًا بكتابين أعجبا الأمير، وبحثنا عنهما فلم نجدهما، والأمير شغوف بقراءتهما ونريد أن تعيرنا نسختيك، فوجدت له نسخة من أحدهما في مكتبة ببريدة، وأعرته الآخر، وأنا أحب إعارة الكتب؛ لكن لمن لا أضطر لرفع القبعة له! ومع ذلك فعلت تقديرًا لقريبي.
وبعد فترة اتصل مدير الأعمال، وقال بأنّ الأمير لم يجد الكتاب في السّوق، وهو يستوهبه منك، فقد أعجبه المضمون جدًّا، وأعجبته اختياراتك وتعليقاتك! فقلت هو له، ثم أحضر لي صديق ناشر نسخة من الكتاب، والكتابان عن أوليات الفاروق في السياسة والإدارة والقضاء، من تأليف د. غالب القرشي، وأصلهما رسالتا ماجستير ودكتوراه في المعهد العالي للقضاء.
وفي اجتماعاتنا خلال العيد، زار مجلسنا الصّديق المدير، وكان معي أوراق مصورة من كتاب أشعار طريفة تسامرنا بها، فسألني عن عنوان الكتاب: فقلت له: شعراء عباسيون منسيون، تأليف إبراهيم النجار، ويقع في سبع مجلدات، ونسخه نافدة حينذاك من مكتبات الرِّياض، فأخذ منّي الأوراق وانصرف بعد نهاية السّهرة.
ثم اتصل بي بعد عدَّة أيام، وقال بأنَّ الأمير قد بهرته الأشعار، وقرأ بعضها على مسؤول كبير جدًا فأطربته، وضحك منها كثيرًا، وأنّه سيحضر نسخًا من الكتاب الأصلي للمسؤول الكبير، وله، ولك، ولي، ولاثنين من جلاّسنا في سهرة العيد يعرفهما المدير والأمير، وقد كان، والله يجعلني مباركًا حيثما كنت.
حياة في الإدارة:
ما إن صدر الكتاب، حتى طلبت من شقيقي محمد -رعاه الله- إحضار نسخة منه لي، وكان حينها خارج المملكة، ففعل -وفقه الله-؛ وأظن أنّها كانت من أوائل النُّسخ التي دخلت للمملكة؛ لأنّ الكتاب لم يكن متاحًا حينها.
وفي ختام هذه الجولة، أشير إلى أنَّه تصلني كتب كثيرة من النّاشرين، والمؤلفين، والمحبين، فلهم جزيل الشُّكر، وصادق الدُّعاء، وإنّما أشرت فيما مضى لكتب بحثت عنها فلم أجدها، أو تعسَّر الوصول إليها محليًا، أو ترافق معها قصة لا تخلو من فائدة، والله يديم علينا وعليكم نعمة القراءة، وفضيلة الكتابة، ويجعلهما حجَّة لنا لا علينا.
(المصدر: صيد الفوائد) |